جاء مشروع قانون الصحة الذي صادق عليه اليوم الثلاثاء مجلس الوزراء لسد النقائص التي ظهرت في تطبيق قانون الصحة لسنة 1985 و لتلبية إحتياجات السكان المتزايدة من خلال إعطاء أهمية للوقاية إستجابة للتحولات التي تميز المجتمع. ويتضمن النص 470 مادة أحاطت بجميع الجوانب الوقائية والتنظيمية والقانونية والمبادىء الأساسية لترقية صحة الأشخاص كحق أساسي في ظل المتغييرات الديموغرافية والوبائية يمر بها المجتمع الجزائري. ويكرس النص مجانية العلاج وضمان توفيرها لجميع المواطنين من طرف الدولة التي تسهر على وضع الوسائل الضرورية للتشخيص والعلاج والإستشفاء بمختلف الهياكل الإستشفائية العمومية. وخصص مشروع القانون حيزا هاما للوقاية بمشاركة جميع القطاعات من خلال وضع برامج وطنية وجهوية ومحلية محددا كيفية تطبيقها وخضوعها للتقييم الدوري من طرف الوزارة الوصية. وقد وضع المشروع في هذا الشق الإجراءات الضرورية للوقاية من الأمراض المتنقلة (من المادة 34 إلى 42) والحد من تفشيها والتخفيض من أثارها الإقتصادية على المجتمع. ونظرا لتوسع إنتشار الفيروسات على المستوى العالمي لم يغفل النص الجديد هذا الجانب مشيرا إلى الإجراءات التي يجب إتخاذها عند حدوث طارىء على مستوى الحدود الوطنية وتنقل الأشخاص وذلك للتصدي لهذه الأمراض على جميع الأصعدة. وبخصوص الأمراض المزمنة فبالإضافة إلى المخطط الوطني لمكافحة العوامل المتسببة في هذه الأمراض تقرر في إطار المشروع القانون الجديد إنشاء مجلس وطني للصحة مهمته جمع المعطيات العلمية والوبائية والديموغرافية والإقتصادية والإجتماعية لتحديد أولويات السياسة الصحية وتقديمها للوزارة الوصية للتكفل مبكرا بها. ومن بين عوامل الخطورة التي ركز عليها المشروع نشير إلى مكافحة التدخين والتبغ بشتى أشكاله مع تشديد إجراءات منعه بالأماكن العمومية وبيعه من طرف الأطفال والمراهقين. كما ركز المشروع في إطار الوقاية على ترقية نمط استهلاكي سليم وممارسة النشاط الرياضي مع تعزيز التربية الصحية موليا اهتماما خاصا لكل فئة من فئات المجتمع وبمختلف الأوساط (المهنية والمدرسية والجامعية والعقابية) ناهيك عن ترقية الصحة العقلية. أما من الناحية التنظيمية وتسيير الهياكل الصحية فقد أشار النص في المادة 177 إلى إنشاء خارطة صحية حسب إحتياجات السكان والوضعية الوبائية للمنطقة حيث تشكل هذه الخارطة المحور الرئيسي في تحديد التغطية الصحية وتجنيد الوسائل المخصصة لهذه العملية. كما حدد مهام هياكل ومؤسسات الصحة العمومية وواجباتها والقانون الخاص بها في مواده من 187 إلى 212 مع وضع تنظيم خاص للمؤسسات الصحية التابعة للقطاع الخاص- حسبما أشارت إليه المواد من 213إلى 223 . وبخصوص تمويل المنظومة الصحية أكد المشروع بأن الدولة تبقى" الممول الرئيسي" لمختلف النشاطات الرئيسية للقطاع مع ضمان مساهمة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. كما وضع القانون الجديد قواعد وظروف خاصة لممارسة نشاطات مهنيي الصحة الفصل بين مهام مختلف المجالس. وحدد من جهة أخرى كيفية ممارسة الطب الشرعي الذي ظل حتى الآن مبهما في بعض جوانبه مما تتسبب في أضرار للمريض وأيضا مهنيي الصحة. و وضع المشروع تنظيما جديدا للمؤسسات الصيدلانية وتسيير الأدوية والمستلزمات الطبية تماشيا مع توسع هذا القطاع الذي برز خلال سنوات التسعينات وأصبح يحتل مكانة خاصة في سوق الوطنية والإقتصاد الوطني. وتميز القطاع الصيدلاني بإنشاء الوكالة الوطنية لهذه المواد التي أشارالمشروع إلى تنظيمها وكيفية تسييرها حيث ستساهم لامحال في تنظيم السوق الجزائرية وتضيف لبنة جديدة في تسجيل وتسويق الأدوية وتحسين التكفل بالمرضى سيما المصابين بالأمراض الخطيرة. كما وضع المشروع الجديد إجراءات عامة وحدد أخلاقيات وآداب الطب والبيولوجيا سيما المتعلقة بمجالات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا وقنن الإنجاب المدعم طبيا في المواد من 387 إلى 394 . وبالنسبة للنشاط التكميلي فإن المشروع الجديد قد ألغى هذا النشاط نظرا للأنحرافات التي سجلتها الوزارة و الأضرار التي سببها للقطاع العام.