صوت البرلمان البوروندي بالأغلبية لصالح انسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية التي أعلنت مؤخرا عن فتحها تحقيقا في انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد الإفريقي الذي يعيش على وقع أزمة سياسية وأمنية منذ أكثر من عام. و يذكر أن الازمة السياسية اندلعت في بوروندي بعد إعلان رئيسه بيير نكورونزيزا الترشح لعهدة رئاسية ثالثة رأت فيها المعارضة نقضا لاتفاق السلام الذي أنهى حربا أهلية دامية في البلاد. وبإقرار برلمان بوروندي أمس الأربعاء - بغرفتيه - لمشروع قانون ينص على انسحاب البلاد من المحكمة الجنائية الدولية، تكون بوروندي أول عضو بهذه الهيئة الدولية ينسحب من معاهدة روما المؤسسة لها. ويتوجب أن يصادق الرئيس نكورونزيزا على المشروع خلال الأيام المقبلة ليصبح نافذا. ويرى المحللون أن انسحاب بوروندي من المحكمة لن يجعلها بمنأى عن العدالة الدولية. فان لم يكن بمقدور المحكمة التحقيق في بلد غير عضو فبإمكانها أن تفعل ذلك عبر تفويض من مجلس الأمن الدولي. المحكمة الجنائية ... أداة لتغيير الحكم في بوروندي ترى السلطات البوروندية أن المحكمة الجنائية الدولية باتت تستخدم كأداة لتغيير الحكم في بوروندي، فقد أكدت وزيرة العدل البوروندية، إيميه لورنتين كانيانا، أن من يستخدمون المحكمة يريدون القضاء على مؤسسات الدولة. وسبق وأن صرح النائب الأول لرئيس وزراء بوروندي، غاستون سنديمو، قبل أسبوع أن المحكمة الجنائية الدولية باتت أداة سياسية لاضطهاد البلدان الإفريقية وأنها تحضى بانتقادات شديدة من عديد الدول الإفريقية، كان آخرها إدانة الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، الرئيس التشادي، إدريس ديبي، ل"إزدواجية" معايير المحكمة الجنائية الدولية إزاء القضايا ذات الصلة بالقارة الإفريقية. وجاءت هذه الخطوة وسط تصاعد الخلاف بين بوروندي والمجتمع الدولي بشأن وضع حقوق الإنسان في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، فقد وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في ال30 سبتمبر الماضي على تشكيل لجنة تحقيق لتحديد مرتكبي جرائم دولية "مزعومة" في بوروندي تشمل القتل والتعذيب من أجل ضمان تقديمهم للعدالة. وأقر المجلس المؤلف من 47 عضوا قرارا قدمه الاتحاد الأوروبي بموافقة 19 دولة ورفض سبع دول وامتناع 21 عن التصويت، وبعد التصويت تحدث وفد بوروندي ورفض القرار الذي أكد أنه يحتوي على "أكاذيب كثيرة" بشأن الوضع الذي استقر في البلاد. وعلى خلفية ذلك منعت الحكومة البوروندية مؤخرا ثلاثة محققين أمميين لحقوق الإنسان من دخول أراضيها وأكدت أنه غير مرحب بهم في البلاد، الأمر الذي يرى فيه المحللون إضرارا بمصداقية التزام بوروندي باحترام حقوق الإنسان. قرار نشر قوة أممية في بوروندي أساس الخلاف مع المجتمع الدولي شكل قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في شهر يوليو الماضي، القاضي بنشر قوة أمنية تابعة للأمم المتحدة في بوروندي أساس الخلاف مع هذا البلد الإفريقي الذي طالما رفض وجود قوات أجنبية على أراضيه ولو كانت إفريقية. فقد طلب القرار الأممي رقم 2303 الخاص ببوروندي من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إنشاء قوة من 228 ضابط شرطة أممي وإرسالها إلى بوروندي لفترة أولية مدتها سنة من أجل رصد الحالة الأمنية ودعم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في رصد الانتهاكات والتجاوزات. وحث القرار حكومة بوروندي وجميع الجهات المعنية على التعاون التام مع نشر عنصر شرطة الأممالمتحدة وأنشطته، والسماح بوصول أفراد الأممالمتحدة بشكل كامل ودون عوائق إلى أماكن الاحتجاز (...) والامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه تهديد السلم والاستقرار أو تقويض الحوار بين الأطراف البوروندية. وقد قابلت سلطات بوروندي هذا القرار الأممي بالرفض القاطع، مجددة التأكيد على عدم قبولها لوجود أية قوات أجنبية على أراضيها. وسبق لبوجمبورا وأن رفضت نشر قوات إفريقية على أراضيها بعدما أقر مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي منتصف ديسمبر الماضي، قرار إرسال قوات إفريقية إلى بوروندي مكلفة بحماية المدنيين مستخدما للمرة الأولى صلاحيات الاتحاد الإفريقي للتدخل في الدول الأعضاء فيه رغم إرادتها. وتؤكد التقارير، على عودة الاستقرار إلى هذا البلاد الواقع بمنطقة البحيرات الكبرى، والذي غرق في أزمة سياسية وأمنية خطيرة عقب إعلان ترشح الرئيس نكورونزيزا في أبريل 2015 لعهدة ثالثة -فاز بها بعد ثلاثة أشهر - والتي اعتبرتها المعارضة خرقا للدستور واتفاق "أروشا" الذي وضع حدا للحرب الأهلية في البلاد (1993-2006).