جدد المجتمع الدولي دعواته لأطراف النزاع في بوروندي إلى ضبط النفس والعودة إلى الحوار السياسي الذي من شأنه وضع حد لأعمال العنف التي تعصف بالبلاد والتي باتت تشكل خطرا على المنطقة كافة. فقد دعت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما اليوم الأحد كافة الأطراف في بوروندي إلى "ضبط النفس" غداة مقتل القائد السابق لأركان الجيش جان بيكوماجو من قبل مجهولين ببوجمبورا معتبرة هذا "العمل الحقير وأعمال العنف العديدة التي تم تسجيلها خلال الأشهر الأخيرة دليل خطورة الوضع في بوروندي ومخاطر تدهوره أكثر". وحذرت المسؤولة الإفريقية مما سيترتب عن الوضع في بوروندي من آثار كارثية على البلاد والمنطقة كافة مشددة على "حتمية الحوار لإيجاد حل سلمي ودائم للأزمة الراهنة وحماية المكتسبات الهامة التي تم الحصول عليها بفضل اتفاق آروشا للسلام والمصالحة في بوروندي لعام 2000 ووالاتفاق الشامل لوقف إطلاق النار لعام 2003" الذين أنهاي حربا أهلية راح ضحيتها أكثر من 300 ألف شخص ومن جتهته أكد الممثل الخاص للأمم المتحدة لإفريقيا الوسطى عبد الله باثيلى أن العنف المتنامي في بوروندي "يشكل خطرا على المنطقة بأكملها داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك لمنع الأزمة من التصاعد". وبدوره دعا مجلس الأمن الدولي الحكومة في بوروندي إلى "استئناف الحوار فورا" مع المعارضة من أجل وضع حد لموجة العنف. إصرار نكورونزيزا على البقاء في السلطة يغرق البلاد في أزمة حادة تعيش بوروندي حاليا على وقع أزمة سياسية وأمنية حادة تسبب فيها إعلان الرئيس بيير نكورونزيزا في أبريل الماضي عن ترشحه لعهدة رئاسية ثالثة وازدادت حدة عقب فوزه في الانتخابات في يوليو الماضي وتجاهله لدعوات المعارضة بالتراجع عن قراره الذي وصفته ب"غير الدستوري". وقد أحبطت السلطات البوروندية في منتصف مايو الماضي محالة انقلاب عسكري وقمعت في منتصف يونيو مظاهرات يومية استمرت شهرا ونصف في بوجمبورا. ومنذ ذلك الحين عرفت بوروندي سلسلة هجمات بالقنابل اليدوية وشهدت معاركا ومناوشات بين الجيش والمتمردين في شمال البلاد ناهيك عن سلسلة الاغتيالات التي طالت عددا من الرموز السياسية والعسكرية في البلاد. ووفقا للمراقبين فإن رغبة نكورونزيزا في البقاء في السلطة قد أغرقت البلاد في أزمة سياسية وأمنية حادة وأن عملية الاقتراع المثيرة للجدل "مثلت تهديدات جسيمة بالنسبة لمستقبل البلاد". وكانت أوغندا قد استضافت محادثات سلام جمعت بين ممثلي الحكومة وأحزاب المعارضة مطلع يوليو الماضي - قبل إجراء الانتخابات الرئاسية - في محاولة لاحتواء الأزمة حيث نجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق بشأن المحاور العريضة للحوار خاصة ما يتعلق بالجانب الأمني والأجندة الانتخابية إضافة إلى ولاية نكورونزيزا الثالثة وحكومة الوحدة الوطنية. وعقب نهاية المناقشات بشأن النقطة الأولى وقبل الخوض في النقطة الثانية المتعلقة بالمواعيد الانتخابية قاطعت الحكومة البوروندية الحوار السياسي مع المعارضة مما أدى إلى فشل المحادثات وتعليقها إلى أجل غير مسمى. تحذيرات أممية من تدهور الوضع الأمني ببورندي مع استمرار سلسلة الاغتيالات حذرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان من استمرار تدهور الوضع الأمني في بوروندي الذي تسبب في مقتل 96 شخصا على الأقل منذ أبريل الماضي. وأفاد المتحدثة باسم مكتب المفوضية بجنيف رافينا شمداساني بأن سبعة أشخاص على الأقل من أعضاء الحزب الحاكم - المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية - قتلوا خلال الأسبوعين الماضيين على يد مسلحين مجهولين مما يدل على وجود مناخ من الإنتقام في البلاد. وحسب الملاحظين فإن اغتيال القائد السابق لأركان الجيش البوروندي جان بيكوماجو الذي ينتمي إلى الأقلية العرقية "التوتسي" أمس السبت ببوجمبورا جاءت ردا على مقتل رئيس المخابرات السابق في بوروندي الجنرال أدولف نشيميريمانا - أحد أهم حلفاء الرئيس بيير نكورونزيزا- الذي ينتمي إلى عرقية "الهوتو" منذ حوالي أسبوعين حيث كان بعض أعضاء الحزب الحاكمقد اتهموا المنتمين إلى عرقية التوتسي بقتل نشيميريمانا ودعوا إلى "الانتقام لذلك". ويذكر أن بوروندي قد شهدت صراعا عرقيا اندلع بتاريخ 21 أكتوبر 1993 على إثر انقلاب ضد حكم الرئيس ملكيور نداداي شهد أعمال عنف متفرقة بين العرقيتين قبل توقيع اتفاق سلام عام 2005.