يتوجه نحو 8 ر4 مليون ناخب في بوروندي غدا الاثنين إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في البرلمان والمجالس المحلية وسط قرار المعارضة مقاطعة العملية التي تم تأجيلها لمرتين على خلفية أزمة سياسية و توتر أمني تشهده البلاد منذ إعلان الرئيس بيار نكورونزيزا الترشح لعهدة رئاسية ثالثة. و تقدم للانتخابات البرلمانية 2200 مترشحا يمثلون 16 حزبا أو تحالفا سياسيا فضلا عن المترشحين المستقلين و ذلك عبر 18 مقاطعة في البلاد. و تعيش بوروندي منذ أزيد من شهرين على وقع احتجاجات دامية اندلعت شرارتها الأولى في 26 أبريل الماضي عقب إعلان الرئيس نكورونزيزا عن ترشحه لفترة رئاسية ثالثة وهو ما ترفضه أحزاب المعارضة، معتبرة ذلك "مخالف لدستور البلاد" الذي ينص على أن شغل منصب الرئاسة يكون لفترتين فقط تدوم كل منها خمسة أعوام. وتأتي الانتخابات التشريعية و المحلية ليوم غد وسط قرار المعارضة البوروندية مقاطعة العملية ودعوتها لمنظمات المجتمع المدني إلى مقاطعة كل الاستحقاقات بما فيها الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في 15 يوليو المقبل باعتبار أن الأوضاع المضطربة في البلاد تحول دون التصويت وبالتالي "لن تكون النتائج ذات مصداقية". -السلطات متمسكة بالمواعيد المحددة رغم قرار المقاطعة ودعوات التأجيل- و بالرغم من اعلان أحزاب المعارضة قرار مقاطعة الانتخابات و دعوتها للمجتمع المدني عدم التوجه الى مراكز الاقتراع الا أن الرئيس نكورونزيزا وأنصاره متسكون بتنظيم العملية وفقا للرزنامة المسطرة و المواعيد المحددة. ويدافع أنصار الرئيس عن ترشحه لعهد ثالثة بحجة أنه "لا يمكن احتساب فترة ولايته الأولى" في عام 2005 باعتبار أن البرلمان هو الذي انتخبه ولم يتم انتخابه مباشرة من قبل الشعب. كما يرى مؤيدو الرئيس البوروندي بأن الغاء الانتخابات المقررة ليوم غد وتأجيلها مرة أخرى مثلما تطالب به المعارضة و عديد من الدول الغربية و كذا الاممالمتحدة "لعدم توافر المناخ السياسي و الامني الملائم" لتنظيمها من شأنه أن " يحدث فراغا مؤسساتيا " قد يدخل البلاد فى حالة الفوضى و الانزلاق الامني. و فى هذا السياق قال سفير بوروندي لدى الأممالمتحدة ألبير شينغيرو لأعضاء مجلس الأمن الدولي في اجتماع تمت الدعوة إليه على عجل أن الانتخابات "ستنظم" في بلاده "كما هو مقرر" مضيفا "أن الحكومة لا يمكن أن تقبل السقوط في فراغ مؤسساتي لذلك تم اختيارالمضي في الانتخابات". وفى خطوة وصفت بأنها " استفزازية" لجأ الرئيس الى استصدار حكما من المحكمة الدستورية يمكنه من الترشح لولاية رئاسية جديدة. و قد قوبل قرار المحكمة الدستورية الذي يمنح للرئيس حق الترشح لعهدة جديدة بموجة عارمة من الاحتجاجات من قبل المعارضة التي ترى أن هذا الترشح " غير دستوري و يتعارض مع اتفاق اروشا" الذي أنهى حربا أهلية طويلة في البلاد (1993-2006). و تستند المعارضة فى موقفها الى نص البند السابع من الدستور الذي يقول أن " كلمة الفصل تعود إلى الشعب سواء عبر ممثليه في البرلمان أو من خلال الانتخاب المباشر" وبالتالي فإن ولايته الرئاسية عام 2005 "تعتبر ولايته الأولى". - المجتمع الدولي يضغط من أجل تأجيل الانتخابات - و فى خطوة للضغط على السلطات البوروندية من أجل تأجيل الانتخابات الى غاية توفر الظروف الملائمة لتنظيمها دعا الامين العام للامم المتحدة بان كى مون أول أمس الجمعة بوجمبورا الى "تأجيل الانتخابات" المقررة غدا الاثنين بسبب "المناخ السياسي و الامني" الذي يسود في البلاد. و قال المتحدث باسم الامين العام الاممي في بيان " ان السيد بان طلب من السلطات أخذ في الاعتبار بجدية اقتراح الفريق الدولي للتسهيل بتأجيل الانتخابات من أجل خلق جو ملائم لتنظيم انتخابات جامعة و سلمية و شفافة". و بعدما أعرب عن قلقه ازاء الاجواء السائدة فى بوروندي جدد بان كى مون الدعوة الى كل الزعماء السياسيين البورونديين لتسوية الازمة الحالية عبر الحوار. من جهتها قررت الولاياتالمتحدة قررت تعليق مساعدتها الفنية المقدمة لمفوضية الانتخابات الوطنية المستقلة في بوروندي "طالما لم تتوافر الشروط لتنظيم انتخابات صادقة". و قال الناطق الرسمي باسم الخارجية الامريكية جون كيربي فى بيان أمس السبت أن هذا القراريأتي بسبب الجهود المتواصلة الذي يبذلها الرئيس البوروندي بيير نكورونزيزا لما وصفه - " انتهاك اتفاقية أروشا وترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة لولاية ثالثة جديدة والإبقاء على الاجندة الانتخابية وذلك دون توفير الشروط اللازمة لانتخابات صادقة". واضاف البيان أن واشنطن تدعم دعوة الاتحاد الافريقي والمعارضة لاستئناف الحوار قصد التوصل إلى حل سياسي للازمة. وناشدت وزارة الخارجية الامريكية السلطات في بوجمبورا منح حق الدخول لمراقبي حقوق الإنسان التابعين للاتحاد الافريقي وحذرت الدول المجاورة من أي محاولة لزعزعة استقرار بوروندي. يذكر أن تمسك الرئيس نكورونزيزا بالترشح لعهدة ثالثة عقب مرور عشرة اعوام على توليه الحكم أدى إلى اندلاع مظاهرات للمعارضة تطورت الى مواجهات واشتباكات بين انصار الرئيس و معارضيه. كما تدخلت الشرطة لتفريق المظاهرات ما أسفر عن سقوط 70 قتيلا وإصابة 500 شخص واعتقال قرابة 1000 شخص فضلا عن فرار نحو 90 ألف شخص إلى الدول المجاورة. و قد أدان مجلس الأمن الدولي بشدة جميع أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في بوروندي مشددا على أهمية تقديم المسؤولين عنها الى العدالة وحماية حقوق الانسان والافراج عن المعتقلين تعسفا في أعقاب المظاهرات واحترام سيادة القانون. و دعا المجلس الأطراف البوروندية الى المشاركة "بشكل عاجل" في حوار شامل للجميع انطلاقا من الدستور و روح اتفاقية "أروشا" للسلام.