تميزت مجريات الحملة الانتخابية لمحليات 23 نوفمبر الجاري "بتطور" في مستوى الخطاب السياسي لدى مسؤولي الاحزاب و "انخراط متزايد للعنصر الشبابي" في العملية السياسية, وذلك بالرغم من بعض النقاط السلبية التي تتكرر في كل موعد انتخابي على غرار "الوعود الخيالية" و "ضعف القدرات التعبوية" لدى العديد من التشكيلات السياسية التي اكتفت بالعمل الجواري، حسب خبراء اتصلت بهم وأج. وتميزت الأسابيع الثلاثة من عمر الحملة الانتخابية التي انقضت الاحد الماضي, ب"تنظيم جيد بفضل الإمكانيات الإدارية واللوجستية التي وفرتها الدولة", حيث تمكن قادة و مسؤولي الأحزاب السياسية من التقرب من المواطنين في مختلف ربوع الوطن في رحلة اقناع المواطن بالبرامج السياسية المختلفة و المتنوعة التي تقترحها التشكيلات السياسية ال 51 المشاركة في هذه الاستحقاقات، يرى استاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3 سليمان أعراج. ويبرز الأستاذ أعراج أن الحملة الانتخابية أخذت "منحى تصاعديا" من حيث الزخم "وهو ما يؤكد وجود أحزاب سياسية تمتلك تقاليد في الاتصال السياسي تجعلها قادرة على تسجيل حضورها في كل مناسبة سياسية", في حين نسجل أيضا "ضعف القدرات التعبوية" لدى بعض التشكيلات السياسية, التي لجأت إلى اللقاءات الجوارية الصغيرة عوض التجمعات الشعبية. أما على صعيد الخطاب السياسي, فقد أوضح أستاذ الاعلام بجامعة باتنة, بدر الدين زواقة, أن "بعض الاحزاب حسنت من أدائها و خطابها السياسي بالاعتماد على تجاربها السابقة"ي إلا أن "العملية السياسية برمتها لازالت تحتاج الى عمل مؤسسي متكامل وفعال لبناء مجتمع المعرفة و القيم و النظم". كما سجل خلال هذه الحملة انخراط متزايد لعنصر الشباب في العملية السياسية وهو ما أعطى "تميزا" على مستوى الخطاب السياسي و جعله أقرب إلى انشغالات هذه الفئة من المجتمعي يضيف السيد زواقة. وفي الوقت الذي نزحت فيه بعض الخطابات الاعلامية إلى "توجهات سلبية من خلال الانتقاص من المترشحين و التشكيك في جدوى العملية السياسية, استطاعت بعض القوائم أن تستفيد من الاعلام الجديد من خلال مختلف الشبكات الاجتماعية ما أضفى نوعا من الفعالية على عملية الاتصال السياسي", يوضح البروفيسور زواقة. من جانبه, يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة تبسة، ادريس عطية, أن الخطاب السياسي خلال هذه الحملة تراوح بين "الخطاب الواقعي القريب من التحقق والخطاب المثالي بعيد المنال"ي في حين "يكمن الجديد في وجود خطاب يتعلق بالمحيط و البيئة والتنمية المستدامة وهي المواضيع تم ربطها بالوضع الاقتصادي غير المريح للبلاد"ي معتبرا أن هذه المواضيع أخذت تكتسى اهتماما متزايدا في الخطاب السياسي في الجزائر في ظل الوضع الاقتصادي الراهن. وفي ذات السياق، أشاد السيد عطية، ب "العدالة التي تمنحها وسائل الإعلام العمومية في ما يتعلق بالتغطية الاعلامية أو الحصص الزمنية الممنوحة للمترشحين والاحزاب" وهو ما يساهم في تحقيق المساواة بين مختلف المتنافسين في إطار شفاف و ديمقراطي. بالمقابل، شهدت هذه الحملة عددا من النقاط السلبية أبرزها ظاهرة التجوال السياسي التي تتكرر في كل موعد انتخابيي حسب السيد زواقة الذي أكد أن "هذه الظاهرة أعطت صورة سلبية عن المؤسسات الحزبية و السياسية (...) و هذا قد يشير لظاهرة غياب التقاليد السياسية" لدى بعض المترشحين أو الأحزاب. كما أن الكثير من الأحزاب السياسية لجأت إلى "المبالغة في الوعود للتغطية في غياب رؤية حقيقية في تشخيص الأزمة التي تعرفها البلاد"ي يضيف السيد زواقة. نفس الملاحظة يقدمها الأستاذ أعراج الذي تحدث عن بعض "التجاوزات المرتبطة بثقافة العمل الحزبي والتربية السياسية التي تظهر آثارها على مسألة التنافسية السياسية "ي معتبرا ان هذه التجربة "لا تزال بحاجة إلى صقل وتنظيم أكثر تعززه الممارسة للخروج من تلك الحلقة السلبية". و انقضت منتصف الليلة الماضية الفترة المخصصة للحملة الانتخابية لمحليات 23 نوفمبر الجاريي لتدخل التشكلات السياسية المشاركة في مرحلة الصمت الانتخابي.