تشهد تونس، منذ صباح امس الأحد، سلسلة مشاورات ماراطونية بين المنظمات الوطنية وقادة الأحزاب لإنقاذ مسار تشكيل حكومة الياس الفخفاخ وتجنب سقوطها أمام البرلمان مما يعني الدفع بالبلاد نحو "أزمة جديدة" بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات أخرى. يجري ذلك بعد ان أصدرت حركة "النهضة"، أول أمس السبت، قرارا بعدم مشاركتها في الحكومة وعدم التصويت لها في البرلمان. ورغم ذلك عرض رئيس الحكومة المكلف الياس الفخفاخ تركيبة حكومته بما فيها وزراء حركة "النهضة". وبعد اعلان "النهضة"، قرر رئيس الحكومة المكلف،الياس الفخفاخ، مواصلة التفاوض فيما بقي أمامه من عمر المهلة الدستورية، التي تنتهي في 20 فبراير الجاري. وأمام هذه التطورات الجديدة، أعلن بتونس، أن مشاورات يقودها الامين العام لاتحاد التونسي للشغل التونسي، نور الدين الطبوبي، وكذا سمير ماجول، رئيس منظمة رجال الأعمال، جارية في محاولة لتقريب وجهات النظر، وفق تقارير محلية. وفي هذا الاطار قال نور الدين الطبوبي، في تصريحات صحفية أن المنظمات الوطنية، ممثلة بالاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (الأعراف)، تسعى إلى "تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين"، معربا عن أمله في أن "تعود الأطراف السياسية كافة إلى رشدها وتتحلى بروح المسؤولية في الساعات القادمة". وأبدى الاتحاد العام للشغل في تونس استعداده للقيام بوساطة بين الفرقاء السياسيين التونسيين للوصول إلى حل يتم بمقتضاه إنهاء أزمة تشكيل الحكومة التونسية المقترحة، بقيادة إلياس الفخفاخ. جاء ذلك في اجتماع ثلاثي امس الأحد، ضم كلا من رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، سمير ماجول، إضافة إلى الأمين العام لاتحاد الشغب، نور الدين الطبوبي. وعقب اللقاء ،أوضح الغنوشي أن الاجتماع الثلاثي ، دار حول الوضع السياسي العام في البلاد، وتحديدا "المأزق" الذي بلغه مسار تشكيل الحكومة، مؤكدا "موقفه الثابت في ضرورة احترام إرادة الناخبين والحرص على تعزيز عناصر الوحدة الوطنية ورفض الإقصاء" ، على حد تعبيره. وأوضح الاعلام المحلي بأن الساعات المقبلة ستكون حاسمة،"خاصة بعد دخول اتحاد الشغل التونسي على خط المحادثات السياسية". وكانت تقارير تحدث عن اجتماع للمجلس الوطني لحركة "تحيا تونس"، والذي يتزعمه رئيس حكومة تصريف الأعمال، يوسف الشاهد، لبحث منح الثقة لحكومة الفخفاخ، وسط تسريبات بمنح ثقة الحركة للحكومة الجديدة. الرئيس قيس سعيد يدعو لان "يكون الجميع في مستوى المرحلة واللحظة التاريخية" من جهته، شدد الرئيس التونسي قيس سعيد، على أنه لن يترك بلاده تتقاذفها المصالح، قائلا أن "المناورة تحت عباءة الدستور لا يمكن أن تمر". جاء ذلك في بيان اصدره الرئيس التونسي في ساعة متأخرة من مساء السبت، في أول تعليق على إعلان رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ تشكيلته المقترحة، بعد انسحاب حركة النهضة منها. وقال الرئيس قيد سعيد في البيان أن "تونس فوق كل الاعتبارات الظرفية والصفقات التي يتم إبرامها في الظلام أو تحت الأضواء، ولن نترك البلاد تتقاذفها المصالح" ووجه للجميع لكي يكونوا "في مستوى المرحلة واللحظة التاريخية". وتابع أنه "من يريد أن يصنع تاريخا جديدا للشعب التونسي، فالأبواب مفتوحة أمامه، وهذا ما ينتظره الشعب". واستبقت أحزاب تونسية كشف الفخفاخ عن تشكيلته الحكومية، بإعلانها أنها ترفض منحه ثقة نوابها، ما قد يدفع نحو حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، بحسب الدستور التونسي. وتحدث قادة حركة "النهضة" أمس الاحد حول ضرورة "توضيح حقيقة الخلافات مع الفخفاخ وجوهرها". وفي هذا الاطار قال المتحدث باسم الحركة ،عماد الخميري انه يجب أن "تستجيب تركيبة الحكومة لنتائج انتخابات 2019"، مشيرا إلى أن "حجم المستقلين في تركيبة الحكومة التي عرضها إلياس الفخفاخ لا يعبر عن رغبة حقيقية في التزام وثيقة التعاقد الحكومي التي تنص على احترام التمثيلية وحجم الأحزاب في البرلمان". وشدد عماد الخميري في تصريحات لوكالة تونس افريقيا للانباء على أن "الحركة لن تستأنف المشاورات ما لم يتم التوجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية سياسية لا تستثني أحد"، كما قال. وأكد على أنّ حركة النهضة تساند مقترح حكومة وحدة وطنية لها تمثيلية الأحزاب داخل البرلمان (إلا من استثنى نفسه منها)، داعيا إلى أهمية تعزيز الثقة بين كل الأطراف السياسية لإنجاح عمل الحكومة القادمة.