يعرف المشهد السياسي ومسار تشكيل الحكومة التونسية، تطورا جديدا ولده إعلان حركة النهضة انسحابها من التشكيلة الحكومية التي تم عرضها، السبت، ورفضها منح الثقة بالبرلمان، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء المكلف، إلياس الفخفاخ، أمراً يضع البلاد في «وضعية صعبة تقتضي التمعن في الخيارات الدستورية والقانونية والسياسية المتاحة». جاء قرار انسحاب حركة النهضة بوقت قصير قبل الإعلان عن التشكيلة الحكومية وقبل أيام قليلة من انقضاء المهلة المحددة لعرضها على البرلمان من أجل نيل الثقة. وعلى إثر هذا القرار وأيضا إعلان حزب قلب تونس، عدم المشاركة في الائتلاف الحكومي، أعلن رئيس الحكومة المكلف أنه «من باب المسؤولية الوطنية قررنا مع سيادة الرئيس (قيس السعيد) استغلال ما تبقى من الآجال لأخذ التوجه المناسب بما يخدم مصلحة البلاد العليا». عرض الفخفاخ في كلمة له السبت عقب لقائه الرئيس، قيس سعيد، حكومته المقترحة والمكونة أساسا من أحزاب: حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة تحيا تونس وعدد من الوزراء المستقلين. بموجب الدستور التونسي، فإن الفخفاخ (48 سنة وشغل سابقا مناصب وزارية)، ملزم بعرض حكومته ونيل ثقة البرلمان في أجل لا يتجاوز الشهر، منذ تكليفه من قبل الرئيس قيس سعيد في 20 جانفي الماضي. نقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) عن الفخفاخ، قوله أمس الأول، أن انسحاب حركة النهضة، في اللحظات الأخيرة من التشكيلة ورفض منحها الثقة بالبرلمان «يضع البلاد أمام وضعية صعبة تقتضي التمعن في الخيارات الدستورية والقانونية والسياسية المتاحة». قال إن حركة النهضة التي وصفها ب «الشريك الأساسي»، «خيرت الانسحاب من التشكيلة المقترحة، ورفض منحها الثقة للحكومة، وذلك لعدم تشريك حزب قلب تونس في الائتلاف الحكومي». يذكر أن حركة النهضة الممثلة ب 54 نائبا في البرلمان من أصل 217، أعلنت، ظهر أمس السبت، الانسحاب من تشكيلة حكومة إلياس الفخفاخ المرتقبة وعدم منحها الثقة. قال أمينها العام، علي العريض، أنه رغم الانسحاب فإن حركته «لا تدفع باتجاه إعادة الانتخابات، حتى لا تكلف البلاد مزيدا من الوقت، والكلفة، غير أنها مستعدة لإجرائها»، مضيفا أن الحركة «تطالب بتشكيل حكومة جديدة تضم جميع الحساسيات السياسية على اختلاف توجهاتها، في أسرع وقت ممكن، وقبل انتهاء الآجال الدستورية في مارس القادم»، كما قال. أرجعت عدة أوساط سياسية وحزبية تونسية، انسحاب حركة النهضة من التشكيلة المقترحة وعدم منحها الثقة ل «عدم تشريك قلب تونس في الائتلاف الحكومي»، وهذا ما قاله الفخفاخ في رد فعله عن قرار الانسحاب الذي تأسف لحدوثه «رغم الجهود المبذولة» . على إثر قرار حركة النهضة وحزب قلب تونس، وجهت عدة أحزاب سياسية تونسية دعوة لرئيس الوزراء المكلف لمواصلة العمل و»عدم التراجع أو الاستقالة». حيث اقترح الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي «تغيير وزراء حركة النهضة بمستقلين، وتحميل البرلمان مسؤولياته التاريخية، بمنح حكومته الثقة من عدمها». بحسب متتبعين للمشهد السياسي التونسي فإن القرار الصادر عن مجلس شورى النهضة الهيئة الأعلى في الحزب) من شأنه أن «يلقي بالمزيد من التعقيد في طريق الفخفاخ لنيل ثقة البرلمان»، وأن يدفع تونس نحو سيناريو حل البرلمان، وإعادة الانتخابات، وفق ما ينص عليه الفصل 89 من الدستور التونسي، خاصة بعد أن سقطت الحكومة السابقة المقترحة من الحبيب الجملي، وفشلت في نيل الثقة في جانفي المنصرم.