بلغت قيمة تضخيم الفواتير التي عاينتها مصالح الجمارك خلال الاشهر التسعة الأولى للعام الجاري 8,7 مليار دج, حسبما علمته وأج لدى المديرية العامة للجمارك. وأوضحت مديرة الاعلام والاتصال بالنيابة بالمديرية, نسيمة علو بريكسي, أن الادارة الجمركية عالجت خلال الفترة بين يناير وسبتمبر الماضيين 427 ملف منازعاتي يتعلق بمخالفات الصرف, بزيادة تقدر ب 10 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من 2019, مضيفة أن القيمة محل الجنحة بلغت 8,7 مليار دج, بينما ترتبت عن هذه المخالفات غرامات مستحقة بأزيد من 43 مليار دج. وتأتي هذه النتائج "نتيجة للتطبيق الميداني لمقاربة جديدة في مجال تسيير المخاطر والتي سمحت بطريقة مباشرة بتقليص فاتورة الاستيراد", تؤكد السيدة بريكسي التي أشارت أيضا إلى دور الرقابة البعدية التي تقوم بها مصلحة التحقيقات الجمركية حيث يعود بعض هذه المخالفات إلى ما قبل 2020. ولفتت المسؤولة إلى ان إدارة الجمارك قامت خلال العام الماضي بدراسة تقنية معمقة حول ظاهرة تضخيم الفواتير قصد الوقوف على حجم الضرر الذي يلحق بالاقتصاد الوطني نتيجة هذه الجرائم ورفع الاجراءات الكفيلة بمحاربتها إلى السلطات العمومية. وتعد مراقبة قيمة البضائع المصرح بها, أحد أركان الرقابة التي تقوم بها الجمارك إلى جانب البند التعريفية ومنشأ البضائع. ولتفعيل هذا الدور, انتهجت الجمارك الجزائرية اليات جديدة توسع من نطاق تدخلها إلى ما قبل اكتتاب التصريح الجمركي من خلال الشروع في التحقيق بمجرد وصول البضائع اضافة إلى استخدام الرقمنة لضمان شفافية التعاملات. وستتدعم هذه المقاربة بألية "الدفع لأجل" والتي أقرها مشروع قانون المالية 2021 حيث يتعين على المتعامل دفع مقابل عمليات الاستيراد بعد 30 يوما من تاريخ إرسال البضائع. اقرأ أيضا : استيراد: الدفع لأجل سيحد من تضخيم الفواتير"بشكل كبير" و يستثني هذا الاجراء عمليات الاستيراد المتعلقة بالمواد الاستراتيجية والغذائية ذات الاستهلاك الواسع والمواد ذات الطابع الاستعجالي للاقتصاد الوطني والمواد المستوردة من طرف المؤسسات او الادارات التابعة للدولة و تلك المستوردة من طرف المؤسسات الاقتصادية العمومية. و يهدف هذا الاجراء الى مراقبة افضل لتحويل رؤوس الاموال الى الخارج من خلال تحديد مدة زمنية دنيا للتحويل الفعلي للمبالغ المستحقة للموردين وهو ما يمكن ادارة الجمارك من التحقق من القيمة المصرح بها قبل تحويل مبلغ الفواتير بالعملة الصعبة من طرف البنوك. وتسمح هذه الالية باكتشاف حالات تضخيم الفواتير قبل التحويل الفعلي للاموال في حين كانت تكتفي إدارة الجمارك سابقا بمعاينة المخالفات لكن من دون القدرة على منع خروج العملة الصعبة من الجزائر. وسيدخل هذا الاجراء حيز التنفيذ بمجرد صدور النص التطبيقي الخاص به والذي يوجد حاليا طور الاعداد, حسب السيد بريكسي. وبخصوص قدرة المتعاملين الاقتصاديين على التكيف تجاريا مع هذه الالية, اعتبرت أن ذلك ممكن من خلال التفاوض بين الطرف الجزائري والاجنبي خاصة وأن الازمة الصحية تفرض مرونة اكبر بالنسبة للموردين في كل دول العالم. غير أن "ما يهم ادارة الجمارك بالدرجة الأولى هو حماية الاقتصاد الوطني من الاستنزاف الذي يتعرض له منذ سنوات حيث لا يمكن أن تقف مكتوفة الايدي وتكتفي بالمعاينات", تضيف المسؤولة. واعتبرت في هذا السياق بان "توفير بيئة سليمة في مجال التجارة الدولية تتميز بالشفافية والمنافسة العادلة من أولويات إدارة الجمارك في الجزائر والتي لن تتنازل عن دورها في تأمين التحصيل الجمركي وحقوق الخزينة العمومية".