إذا كان النفط والغاز والثروات المنجمية بأنواعها تشكل خزان الصحراء الجزائرية و صمام أمان الاقتصاد الوطني، فان نفس الصحراء تزخر بثروة طبيعية هائلة لا تنضب: أنها التمور، و على رأسها "دقلة نور" الذهبية التي لا مثيل لها في العالم بأسره. فعلى الرغم من المنافسة العالمية من دول رائدة في إنتاج التمور، على غرار مصر و السعودية و إيران و العراق، و رغم حملات التشويه المسعورة و الممنهجة من قبل جهات حاولت التضييق عليها في الأسواق العالمية و المساس بنوعيتها باختلاق الأكاذيب، يجزم المختصون بأن التمور الجزائرية، و خاصة، "دقلة نور"، كانت و ستظل ملكة التمور عبر العالم، من حيث الذوق المتميز و اللون الذهبي الشفاف والملمس الناعم. ولعل آخر الامثلة عن الاعتراف الدولي بجودة التمور الجزائرية، تصنيف "دقلة نور" مؤخرا من طرف الموقع الشهير المتخصص في تصنيف الأكلات الشعبية "تاست اطلس" Taste Atlas في المرتبة الأولى عالميا كأجود تمر في العالم. ولاشك أن هذه المكانة الرائدة التي تحتلها التمور الجزائرية تعود أولا الى خصائصها الفريدة و لكن أيضا الى اهتمام الدولة، لاسيما خلال السنوات الأخيرة، بتطوير هذه الشعبة و مدها بالدعم اللازم، من التمويل، الى التخزين و التكفل جزئيا بمصاريف الشحن و إقامة الصالونات الترويجية بالخارج، قصد تحسين الانتاج كما و نوعا و رفع حجم الصادرات. وتحتل الجزائر المرتبة الرابعة عالميا من حيث إنتاج التمور، بانتاج يفوق مليون طن سنويا أي ما يفوق عشر الانتاج العالمي الذي يناهز 10 مليون طن/سنة، علما أن الانتاج الوطني للتمور تضاعف مقارنة بعشر سنوات مضت. وخلال سنة 2021، احتلت الجزائر المرتبة السابعة عالميا من حيث صادرات التمور، بقرابة 77 ألف طن، بقيمة إجمالية قاربت 80 مليون دولار. و لم تكن قيمة صادرات التمور تتعدى 47 ألف طن بقيمة 52 مليون دولار سنة 2017. وتصدر الجزائر تمورها إلى 75 دولة في العالم، مع السعي إلى رفع العدد إلى 150 دولة على المدى المتوسط، و رفع قيمة الصادرات الى ما لا يقل عن 250 مليون دولار. ويفوق عدد مصدري التمور حاليا 360 مصدرا، مع استهداف الوصول الى 1000 مصدر. و الى جانب الجودة، يشكل استعمال منتجي التمور بالجزائر لمبيدات امنة تماما على الصحة و مسموح بها عالميا في مجال مكافحة الآفات الزراعية (مثل سوسة التمر و آفة البوفروة) عاملا اخر شجع اقتحام "الدقلة" الجزائرية الاسواق العالمية بكل ثقة و جدارة. وتتوفر الجزائر على ما يقارب 20 مليون نخلة مغروسة على 170 ألف هكتار و موزعة عبر عدة ولايات جنوبية و على رأسها بسكرة، التي تضم لوحدها 5ر4 مليون نخلة، الى جانب الوادي والمغير وتوقرت وغرداية و المنيعة و كذا أدرار و بشار و تيميمون. ويحصي المختصون 17 ولاية منتجة للتمور بالجزائر. وإلى جانب دقلة نور، يزخر الجنوب الجزائري بأنواع كثيرة من التمور، يقدرها المختصون بأكثر من 350 نوعا. و من بين الأنواع المعروفة دقلة المكنتيشي، بامخلوف، الشيخ، مش الدقلة، المنقر، تفازة، فرانة، أقاز، أحرطانة، تزرازي، تيزيزاوت، الغرس، تيناصر، مسعودية، تنقور، الحمراية، تندكان، الزهدي، تمليحة، تنجدل، طنتبوشت، تزيزاو، واكيلي، يخال و الصبع و غيرها. وموازاة مع تطور انتاج التمور، أصبحت الصناعة التحويلية في هذه الشعبة صناعة قائمة بذاتها, اذ تحصي أكثر من 30 منتوجا فرعيا للتمور ومشتقاتها، من مواد غذائية و شبه طبية وأعلاف الحيوانات و غيرها، و هي الاخرى منتجات اصيلة متميزة تملك افاقا واعدة في مجال التصدير.