العمل على رفع حجم الصادرات من التمور.. ضروري.. تتميز التمور الجزائرية بجودة لا يختلف فيها اثنان، إلاّ أن هناك العديد من المتابعين لسوق التمور المحليّة، ممن يرون أن قيمة الصادرات الحالية لا تعكس الحجم الحقيقي للمنتجات التمور الجزائرية، فطريقة تسويقها والترويج لها في الأسواق الدولية أسالت كثيرا الحبر في الآونة الأخيرة، خاصة وأن الجزائر شرعت في تسطير إستراتيجية جديدة في تصدير التمور بدأت بإعادة وسم المنتجات الجزائرية من التمور بما يضمن عدم استغلالها تحت ختم دول غير البلد المنشأ ل «دقلة نور». أكدّ الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة أن الجزائر تعتبر من البلدان الرائدة في إنتاج التمور، فهي تحتل المرتبة الرابعة عالميا بعد كل من مصر سوريا والعراق، أمّا من ناحية التصدير فهي تحتل مراتب لا تعكس كمية إنتاجها الكبيرة فهي تحتل المرتبة السابعة، والملاحظ هنا بالنسبة لشعبة التمور. وأضاف محدثنا، أن الجزائر تكلف تقريبا من 19 الى 20 مليون نخلة وتنتج حوالي 1.2 مليون طن من التمور، علما أن الإنتاج العالمي يقدّر ب8.5 مليون طن، أي أن الجزائر تسهم بما يقارب 10 بالمائة من المنتوج العالمي، ويرى الخبير الفلاحي أن الخصوصيات التي تتميز بها الجزائر تتمثل في إنتاج التمور التي تعرف ب»دقلة نور» إذ تعتبر علامة مسجلة باسم الجزائر وواحدة من أغلى وأجود أنواع التمور في العالم، وهي تتواجد في منطقة بسكرة وأولاد جلال وإنتاج تمور «دقلة نور» يمثل 50 بالمائة من الإنتاج الإجمالي للتمور بالجزائر. ومن جهة أخرى، يرى الخبير الفلاحي الأستاذ لعلى، أن صادرات الجزائر من التمور لا تتوافق مع سمعة الإنتاج وكميته وهو أقل بكثير من المأمول، فالواقع يفيد بأن صادراتنا من التمور أقل من دولة لا تنتج الكمية التي تنتجها الجزائر، مثل دولة تونس التي تمتلك 5 ملايين نخلة ولكنها تصدر أكثر بكثير من الجزائر. وتأتي تصريحات الخبير الفلاحي لتعزز ما ذهب اليه وزير التجارة السابق، حينما صرّح ان هناك منتجات جزائرية من التمور تهرّب نحو تونس ويتم تصديرها بعد إعادة التعليب وهو الأمر الذي سهرت الحكومات المتعاقبة خلال عهدة الرئيس تبون على كبحه والقضاء عليه من خلال عدّة تدابير، تجد مقاومة من طرف لوبيات التهريب وعصابات اعتادت على التلاعب بأقوات الجزائريين. وبالعودة الى تصريحات الخبير الفلاحي الأستاذ لعلى بوخالفة، فإن عدم توافق رقم الصادرات مع حجم الإنتاج الذي تحوزه الجزائر من التمور يعود الى مهنية منتجي التمور والمختصين في تصدير هذا النوع من المنتجات، خاصة وأن السوق الدولية تتطلب إلماما كبير بخبايا التسويق والترويج على أوسع نطاق، لذا فليس من الغريب أن تجد التمور الجزائرية في الأسواق الدولية تحمل ختما غير ختم الجزائر، بعد أن يعاد تعليبها وتسويقها بأسماء دول أخرى. وأكد محدثنا أن القرار الذي اتخذته الجزائر بإعادة توسيم منتجاتها من التمور، سيشكل توجها جديدا لصادرات التمر الجزائري، لذا فلا يمكن لأي دولة مستقبلا أن تتحايل في تصدير منتجاتنا من التمور خاصة «دقلة نور» بوسم غير وسم الجزائر. وأوضح لعلى أن القيمة المالية الإجمالية للمنتجات الجزائرية من التمور الموجهة سواء للسوق المحليّة أو التصدير تعتبر ضخمة وتناهز 3 مليار دولار وهو ما يقابل قيمة 12 مليون قنطار من منتوج التمور بالجزائر، وأضاف الخبير الفلاحي أن تصدير قنطار واحد من التمر يمكنّنا من تغطية تكاليف استيراد 10 قناطير من القمح، وهو أمر مشجع للاستثمار في هذا المنتوج الذي بإمكانه تعزيز الأمن الغذائي بالجزائر. من جهة ثانية أوضح الخبير الفلاحي أن العبرة في كمية حجم الصادرات لا في عدد الدولة المستوردة للتمور الجزائرية، فما يهم هو حجم المدخول من الصادرات وهو أمر قد لا يرتفع بزيادة عدد الدول المستوردة للتمور الجزائرية، لذا يرى الخبير الفلاحي أن رفع التحدّي ينبغي أن يكون على رفع حجم الصادرات نحو الدول التي تعرف وتثق في منتجاتنا حاليا، وهو أمر أيسر من البحث عن أسواق أخرى، داعيا إلى رفع مستوى التصدير وليس تعداد الدول التي نصدر لها التمور. من جهة أخرى، يرى محدثنا أن شعبة التمور عرفت تطورا ونموا سريعا خاصة في السنوات الأخيرة والفضل في ذلك يعود للمتعاملين الاقتصاديين في مجال الصناعة التحويلية للتمور، حيث أصبحنا نشتق بعض المنتجات من التمور ونواتها، كالقهوة والكحول الموجه للصناعات الصيدلانية الذي يستخلص من نواة التمر، والسكر الذي يستخلص من التمور، لذا فالصناعة التحويلية استطاعت أن تشكل ما يعرف بالقيمة المضافة، وهو ما يبشر بمستقبل واعد لشعبة التمور. ومن جانب آخر، أوضح محدثنا أن جنوبنا الكبير يمكن تصنيف المياه الموجودة فيه الى نوعين، مياه جوفية بالجنوب الشرقي يصعب الوصول اليها عن طريق الحفر التقليدي وتحتاج الى إمكانيات كبرى لبلوغها، وتتميز بنسبة عالية من الملوحة تصل في بعض الأحيان ل 8 غرام / لتر، وهو ما تتكيف معه أشجار النخيل في تلك المنطقة، في حين يتميز الجنوب الغربي بمياه سطحية يسهل الوصول إليها عن طريق حفر تقليدي، كما تحتوي على نسبة أقل من الملوحة وهو ما يتناسب مع زراعات أخرى غير زراعة النخيل، وهو ما يشجع على تركيز زراعة النخيل بواحات الجنوب الشرقي وترك الجنوب الغربي لزراعات تتلاءم وخصائص المياه هناك. ودعا الخبير الفلاحي لعلى إلى إعطاء أهمية أكبر لشعبة التمور التي تعتبر غذاء كامل كطلوب لدى جميع دول العالم، وبما ان الجزائر واحدة من أهم البلدان المنتجة للتمور فإن المراهنة على دعم هذه الشعبة والبلوغ بها الى مصاف أكبر الأسواق العالمية سيسمح بتعزيز الصادرات خارج المحروقات، وضمان مداخيل تسهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني، شريطة إعادة النظر في الطرق والإستراتيجية المنتهجة حاليا خاصة في أسلوب التسويق والترويج.