زعيم ما يسمى اليمين المتطرف الفرنسي، جون ماري لوبان ورئيس ''الجبهة الوطنية الفرنسية''، وبعد أن استهلك كل الشعارات العنصرية في حملاته الانتخابية التي لم توصله إلى كرسي قصر الإليزي وهو يترشح في كل استحقاق، وقد أصبح التطرف والشعارات العنصرية سمة هذا العصر، يتجه الآن إلى ''الإبداع'' داخل العنصرية ذاتها، وحزبه يتبنى في حملته الانتخابية الجهوية الحالية شعار أقل ما يوصف به أنه مقزز ولا يمت لأبسط الأخلاق السياسية بصلة· لقد تمكن ''الفنان العنصري'' الذي نفذ شعار الحملة الانتخابية من الجمع بين البرقع الإسلامي والمآذن وعلم الجزائر في رسم واحد، وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي بدأ يسير على خطى عراب العنصرية لوبان، قد خاض حربا ''دوندكيشوتية'' ضد ما يسمى ''البرقع الإسلامي''، ويبدو أن لوبان هنا يحاول الاستفادة من الجعجعة الإعلامية التي أحدثها ساركوزي، مثلما يحاول الاستفادة من الضجة التي أحدثها قانون حظر المآذن الإسلامية في سويسرا الذي أثار جدلا كبيرا في أوروبا والعالم الإسلامي· ويصل ''إبداع'' جون ماري لوبان مداه، عندما يخلط بين قضيتي البرقع والمآذن ويدمج مع العلم الجزائري ليوحي للصوت الانتخابي الفرنسي أن من يمثلون العلم الجزائري هم أسباب كل المشاكل المتعلقة ب ''الإسلاموية'' في أوروبا كما يريد تسويق ذلك· ويصل هنا إلى قمة الانتهازية السياسية واستغباء الناخب الفرنسي الذي يشبّهه هنا ضمنيا بثور ''الكوريدا'' في لعبة مصارعة الثيران في إسبانيا الذي يثار بتلك الخرقة الحمراء، ولم يعمل لوبان هنا إلا على استبدال الخرقة الحمراء بألوان العلم الجزائري، الذي قد يوصله إلى الحكم ذات يوم، وللأمانة فقد نجح في الترويج للأفكار العنصرية التي كانت شاذة قبل سنين طويلة لتتحول إلى ''موضة'' هذا العصر· لكنه لم ينجح في جعل المنادين بالأفكار العنصرية أكثرية انتخابية وهو الآن في خريف العمر وقد بلغ من العمر أرذله، وبرنامجه السياسي أفلس مع مرور الوقت ولم يعد يحتوي إلا على تلك الأفكار العنصرية البالية ولو بثوبها الذي يجدده أتباعه في كل مرة· وجون ماري لوبان الذي فقد عينه في حرب الجزائر، وظلت نظرته السياسية عوراء، يبدو أنه فقد بصيرته السياسية نهائيا في عمره هذا، وقبل إعلان نهايته السياسية التي اقتربت كثيرا، لم يجد إلا الإبداع في العنصرية التي لن توصله إلى قصر الإليزي·