فالانتاين يا عيد حبهم لأجل كراهيتنا واحدة واحداً، مذ زمن القصيدة العنترية العابرة للحالات! أمامك يتسنى لنا الشعور ب''الفخر'' وأنت تقبع على هامة تقاليدنا ''المستحدثة''! نصاب بالذهولكلما اكتشفنا أنك عاشقهم وليس عاشقنا! نصاب بدهشة التساؤل، وبانبهار اللحظة/الفكرة: كم نحن أغبياء! لأننا صدقنا الحب الآتي من شجرة أسقطتنا عنوة من فروعها، في تفاصيل البحث عن أسماء لا وصفة فيهم غير ما يتجلى من سحنتهم الشقراء! في غمرة الفرح العفوي نسينا أن الهدية المغلفة بالصراع الحضاري ليست ناعمة، وأن ''هديتك الأجمل'' كانت في أسلوبك الجاهز لقتلنا باسم الحب! فالانتاين تصوّر أنك ضحكت علينا كل تلك السنين ! كنت تطل علينا في منتصف الدهشة لتسخر منا بصمتك المقدس، وطريقتك التاريخية التي صنعت منك قديسا إلى الأبد، وأوهمتنا أن الرومان أخلص منا في تخليدهم للحب، من خلف كتاب أسس في مخيلتنا تفاصيل موارية صدقناها في اسمك السهل، لنكتشف اليوم أنك كنت عيدا جاهزا للخيانة! كل هدية غالية يهديها رجل إلى حبيبته من وراء ظهر زوجته خيانة! كل وردة تقتلع من جذورها على شرف يوم واحد، وعلى مرأى بقية الأيام خيانة! كل شخص يشحذ كلمة حب لا يؤمن بها ولا يعنيها ليرسلها عبر الجوال إلى حبيبة ''تكنولوجية'' خيانة! فكم خنا قناعاتنا بسببك! كم خنا عاداتنا في عيد الحب لنكتشف حدة الضغينة التي تحيط خاصرتنا بذراعيها، وتجعل منا استثنائيين في قتل الأشياء قبل أن تولد، ولو كان ذلك أيضا باسم الحب ! فالانتاين سخرت منا جميعا يا هذا! عندما قرأ العشاق حكايتك في كتاب طالعوا صفحاته بالمقلوب، وصدقوا أن للأسطورة صبغة الحلم في ميتافيزيقية الأشياء التي نتعمق في جذورها لنصل إلى هذا الفراغ الكائن بيننا وبينك يا فلانتاين العاشق الذي لا نعرفه، ويعرفونه في طريقة اتهامنا بالجهل التاريخي لماهية الحب الهارب من زرقة البحر ومن رغيف الخبز اليومي، ورائحة القهوة الصباحية! ها نقف اليوم على حافة الأشياء والمدن المتهاوية بين تاريخين: تاريخنا المجروح وتاريخ التتار الذين سرقوا أرضنا واغتصبوا أفراحنا وشنقوا يقيننا وضحكوا علينا: بعيد الحب! فالانتاين يا عاشقهم الذي أعدموه نكاية في الحب! كيف صدقناك؟ من خلالك، استدرجنا الغزاة إلى حكايتك الصغيرة والعادية والخالية من حبكة الضمير! استدرجونا بك لننسى تواريخنا المتناقضة، كأشيائنا الغارقة في المصير والقضية، لنستبدل الشرف بالبصبصة، ونغير في أشعار عشاقنا العذريين، ونرفع قليلا من تنورة ليلى الأخيلية، لتتماشى مع عشاق ''الميني جيب''! فالانتاين كيف نسينا أن الحب لعبتنا التقليدية القديمة/ القديمة/ القديمة، في أبجدية العشق الذي كان يعشق الروح قبل القلب أحيانا؟ كيف نسينا أولئك الذين علموك أصول الحب يا فالانتاين؟ كيف نسينا أن نقيم عيدا لقيس ابن الملوح: أحب من الأسماء ما وافق اسمها - أو أشبهه أو كان منه مدانيا خليلي ليلى أكبر الحاجِ والمُنى - فمن لي بليلى أو فمن ذا لها بيا وعيدا لقيس لبنى: إن تك لبنى قد أتى دون قربها - حجاب منيع ما إليه سبيل فإن نسيم الليل يجمع بيننا - ونبصر قرن الشمس حين تزول وعيدا لجميل بثينة: وأول ما قاد المودة بيننا ر- بوادي بغيض، يا بثين، سباب فقلنا لها قولا فجاءت بمثله ر- لكل كلام، يا بثين، جواب وعيدا لعنترة بن شداد: ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني ر- وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها ر- لمعت كبارق ثغرك المتبسم تصور كم سيكون لنا من عيد للحب لو لم تحملك الحكاية على ظهر الكرسي الرسولي قبل ألف عام· يا أيها العاشق الذي يتباهى البيت الأبيض بوضعه في ''البند السابع'' من قانون التغيير في رزنامة الدول فاقدة القلب! قبلك كان الحب عربيا محاطا بهالة البساطة الخاصة، والبهجة الخاصة، والنميمة الخاصة، والجنون الخاص، والبراءة والعمق والفتنة والعذرية والعفوية والجمال· وبعدك صار الحب أكثر حمرة في طقوس الجرائم التي صنعت مجد كل الذين يكرهوننا اليوم كم يكرهوننا باسم الحب!