هي خامس طبعة من فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف، عشت بجوارحي لحظاتها التاريخية مع الفريق العامل برئاسة محافظ المهرجان الفنان الكبير أمحمد بن قطاف، منذ إرهاصات التشكيل الأول إلى مرحلة الولادة وما بعد الولادة، حيث كما أقول دوما لضيوفنا: أرجو منكم كل المعذرة يا أصدقائنا نحن نتشيء ونصير أشبه بآلات صغيرة داخل محرك كبير اسمه: المهرجان· ورغم التزاماتنا الكثيرة والكبيرة في تنسيق الملتقى العلمي ومهام أخرى، فنحن عادة ما نسرق لحظات منفلتة من زمن التنظيم خلال عروض المنافسة، بمتابعة المسرحيات، ونحس في تلك اللحظة أننا نتخلص من أجسادنا وتعبنا ونحلق عاليا في سماء العرض، هناك عادة ما يكون مسؤولي المباشر الباحث إبراهيم نوال متسامحا معنا·· لأن مشاهدات العروض يعتبرها جوهرية من صميمية وظيفة الناقد وهي أكثر من ضرورة، إنها استراحة المحارب· وما لاحظته خلال السنوات الخمس هو ظاهرة يجب الانتباه إليها والوقوف عندها، فلا أحد تحدث عنها، وهي مثيرة للتساؤل والحيرة وخطيرة، لا ترتبط بتاتا ببناء العرض المسرحي أي ليست عملية إبداعية وجمالية وهي ظاهرة الاستحواذ على العرض إن جازت التسمية حيث نجد الكثير من العروض المسرحية المنتجة والمقدمة في المسابقة، يكون فيها: المخرج والكاتب والممثل والمقتبس بل حتى السينوغرافي واحدا؟؟ بل هناك بعض المخرجين فازوا في طبعات سابقة للمهرجان بجائزة أحسن سينوغرافيا؟ والمعروف تاريخيا أن المسرح هو فن جماعي وحاول صناعه من خلال مساراته التاريخية خلق وظائف وتخصصات لجعله أكثر ارتقاء وعدم تكريس ظاهرة هيمنة الكاتب والمخرج والسينوغرافي والكوريغرافي على العروض، فكلما تكرست الروح الجماعية تمنح للعرض حيوات أخرى وتفتح الكثير من التأويلات داخل بنيته، ولكن دعنا نتساءل وبشجاعة: لِمَ في الجزائر يكون المخرج والكاتب والمقتبس والممثل والسينوغرافي واحدا؟ في فترة السبعينيات تكرست ظاهرة أخرى تضاد هذه النزعة الفردانية وتتماشى إيديولوجيا مع التوجه الاشتراكي وهي الكتابة الجماعية والإخراج الجماعي·· لكن في السنوات الأخيرة تكرست ظاهرة جديدة سببها ليس إبداعيا محض بقدر ما هو الاستحواذ على الحقوق المادية: مستحقات الإخراج + مستحقات التمثيل + مستحقات الكتابة + مستحقات السينوغرافيا··· لا أريد أن أحدد كم يتحصل المستحوذ من دينار؟ هذا التقدير يعرفه المختصون ما أريده يجب إعادة النظر كليا في مثل هذه الظاهرة حتى لا يتحول هذا المستحوذ إلى متفرج وحيد داخل قاعة خاوية، لأن الجمع بين كل هذه الوظائف تجعل العرض رديئا··