المسرح بالنسبة إليها ليس ممارسة عرض على الخشبة وحسب، وإنما هو الحب والهواء الذي تتنفسه، كما أن المسرح بالنسبة إليها ذلك الرضيع الذي تعمل دوما على حمايته من خلال تقديم رعاية وحنان خاص به، وكل شيء جميل ومميز وخاص، المرأة الشابة تقدس المسرح إلى درجة الجنون والهوس الممزوج بأهازيج الإبداع، كما أن الجميع يشهد لنسرين أنه تربطها علاقة حميمة مع المسرح وكل شيء له علاقة برائحة الديكور أو الكوريغرافيا أو بعض البقايا من الأشلاء المتناثرة على أطراف الركح. إذن، المرأة المسرح والمرأة الجمال والإبداع همّها الوحيد البحث عن ذاتها وشخصيتها الضائعة ومستقبلها الواعد بين مشاهد العرض. نسرين تحاول بطموحها الجنوني أن تخلق اسما لها بين شواهد وأعلام المسرح الجزائري، فهي تحاول بمجهوداتها المسرحية أن تخلد المرأة على الخشبة بين الأسماء المسرحية الكبيرة والمتألقة. هتحاول أن تواصل المسيرة الجهادية لمجوبي، علولة وكاكي و شطارزي ومحمد بودية وصونيا... وغيرهم. هي المسرحية الواعدة نسرين بلحاج من مواليد مدينة عين الفوارة، التحقت بالمسرح صدفة وكان عمرها لا يتجاوز ال 12 سنة حين كانت تتردد على دار الثقافة بمدينة سطيف، وهناك بدأت حكاية الطفلة نسرين تتوطد مع عالم المسرح، أثناءها شاركت في الكثير من الأعمال المسرحية منها ''ملحمة 08 ماي'' ومسرحية ''عين الفوارة'' ومسرحية ''بدون قانون''، ومن ثمة اختمرت موهبتها الدفينة وخرجت للعلن. خلالها فكرت في تطوير ذلك الهوس المسرحي بطريقة أكاديمية تتعلق بالمقاييس العالمية للمسرح، التحقت سنة 2000 بالمعهد العالي للفنون درامية ببرج الكيفان وتدريجيا أخذت تحدد منعرجها بالمسرح، أول عمل مسرحي كان بعنوان ''بيت الحدود'' لمخرجه مالك عقون. وبعد العرض الأول تأكدت نسرين بصفة نهائية من قدراتها الفنية والإبداعية، كما عملت على استجماع كل قواها في فرصة تمثيل أخرى ولعرض آخر، وأنها مستعدة نفسيا لنجاح آخر، كل ذلك أهلها لأن تشارك سنة 2001 بمسرحية ''الوظيفة المربحة'' لستروفسكي، إلى جانب المخرجة كوني شيراز. وأثناء العرض تلقت نسرين الكثير من التشجيع. ولعل ذلك ساعدها على التألق ليس بهدف الشهرة أو أشياء أخرى وإنما بهدف إيصال الرسالة التي يحملها المسرح وقداسته المثالية، ثم شاركت بمسرحية ''سوء تفاهم'' لأبير كلمي وبعدها مسرحية ''المنتحر'' لمالك عقون، غير أن سنة 2004 تعتبرها نسرين ليلة العمر، حيث كان التخرج من المعهد العالي للفنون درامية، وهو بمثابة التأشيرة للخروج إلى مسرح حقيقي يحمل كل معايير المسرح. إذن، مسرحية ''ليلة شك'' اعتبرتها نسرين الفاصل الرسمي للانتقال إلى عالم آخر، وقد ساعدها آنذاك في الإخراج أحمد خوذي الذي وجد فيها الفنانة الواعدة لكل مؤهلات النجاح. أما تأليف النص فتكلف به أرزقي مترف. بعد التخرج ذاع صيت نسرين في معظم المسارح الجهوية، فالجميع شهد لها بالمثابرة والتألق على الخشبة، الأمر الذي دفع بالمسرح الوطني أن يشترك معها من خلال منحها مونولوج ''فاطمة'' لمخرجته صونيا، وبفاطمة حققت الفنانة الشابة الكثير من النجاح وقامت بعرض عملها 99 مرة، وأثناءها أضحكت وأبكت نسرين جمهورها، كما أن ذلك ساعدها على أن تصنع ثقة جمهور أحبها في وقت قصير. من المسرح انتقلت الممثلة إلى السينما، والسبب هو أنها أثبت وجودها المميز على الخشبة، هو الشيء الذي أهلها أن تدخل السينما بنفسية مفتوحة بعيدة عن الخوف والارتباك. فيلم ''صرخة النوارس'' غيّر المفاهيم عند نسرين وجعلها تفكر بجدية في عالم السينما، بل رأته الفن المكمل للمسرح وعالمه، وخلالها أبدعت كعادتها، فتقمصها لدور البطولة جعل منها النجمة التي تستحق التقدير والاحترام بل وأكثر من ذلك تأخذ بعين الاعتبار المساهمة في إثراء المشهد السينمائي الجزائري بطاقات شابة ووجوه شديدة ، غير أن الشيء الذي التمسناه في نسرين أنها لم تقطع علاقتها مع المسرح، بل كانت أكثر وفاء عن غيرها من الممثلين، وتجسد ذلك من خلال عملها المسرحي المعنون ''الصحراء الأخيرة'' مع إيفان روموف، كما أنها وجهت نظرتها هذه المرة للكتابة المسرحية خاضتها كتجربة في حياتها الفنية، ''معاك يا الخضرا''هو عمل مسرحي خاص من نوعه قامت به الفنانة مساندة للفريق الوطني·