تشكل التداخلات اللغوية في السرديات ظاهرة جديدة لم يعرفها النص العربي القديم، وقد ازدادت انتشارا في السنين الأخيرة، ما يجعل هذا التنافذ قابلا لمساءلات كثيرة من أجل الإحاطة بأسباب هذه الانشقاقية اللسانية التي أصبحت تسم السرديات الجديدة· يمكننا الحديث، مبدئيا، عن نوع من تقزيح للسرد في بعده اللغوي، إذ تتحابك فيه مستويات، بدءا من اللفظة، إلى غاية الجملة والمقطع، وقد يتجاوز ذلك حدود المقطوعة فيشمل صفحات· يسمّى هذا في الأعراف الروائية ''اللغة الحرفية'' كما نظّر لها بعض النقد الغربي، وخاصة مع البنيوية التكوينية، أو مع النزعات التي كانت لها ميول أيديولوجية في حقبة مخصوصة تميزت بالاحتكام إلى العلاقة التناغمية ما بين البنى الاجتماعية والبنى الإبلاغية· وإذا كان ليس في نيتنا التعليق على معيارية جزء من النقد، في منظوراته الآلية التي تضطهد النص المتحرّر، فإن مسألة المستويات اللغوية، كما طرحت في الغرب، تأسست على مبدأ التأليفية في إطار اللسان المعياري الواحد، مع مجموع القواعد النحوية والصرفية التي تحكمه ضمن اللغة الواحدة· ويبدو أن هذه التوفيقية كانت تهدف إلى تكييف السرود والحوارات وأنواع المناجاة، في إطار نسقي، خدمة للتفاوت الفرضي بين الشخصيات، فكرا ولغة، إضافة إلى الفروقات القائمة بين الساردين، كانتقال السرد من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثانية، ومن الثانية إلى الثالثة، الخ· المؤكد أن هذه النظريات أسهمت في إضاءة سبل السرد، كما أبرز النقد فجوات الجملة السردية في علاقتها بالشخصيات وانتماءاتها المعرفية والطبقية والدينية والاجتماعية، وما الإسقاط إلا صورة عن ذلك· لم يكن مستساغا أن تكون جميع الأصوات صدى لصوت المؤلّف، أو معيدة لرؤيته، أو انعكاسا لها· وقد كان لهذا الترجيع دور مهم في إقواء النظرية النقدية التي اتخذته نقطة استدلال لرتق الصّدع، إن أمكننا الحديث عن هذا الصدع في بعديه المعجمي والسردي، دون التطرق إلى الأبعاد الأخرى، ومنها الحمولة الأيديولوجية للجملة السردية وللحوارات· قد تسهم المستويات اللغوية، إلى حدّ ما، في مراعاة جانب الاختلافات الفرضية بين الشخوص لتضع كلّ شخصية في خانتها، وهكذا سيكون لكلّ منها معجمها الذي يمكن اعتباره بمثابة بطاقة دلالية أخرى تحيل على انتمائها وهويتها، كما يمكن أن تلعب وظيفة الفواتح من حيث أنها تنبئ بجزء من مسارها· وعلينا التمييز بين هذه التصورات وبين ''الشعبية'' كنظرية للروائيين الذين ينقلون بواقعية حرفية المحيط الخارجي وحياة عامة الشعب، لأن التوجه الأخير له منطلق آخر وتفكيرات لا تهدف إلى تحقيق الغاية الجمالية ذاتها· إذا افترضنا أن الرواية، أو العمل الأدبي بشكل عام، يقوم على مجموعة من الشخصيات المتباينة، فإن عامل الحِرَفية سيكون له دوره في إبراز هذه المفاضلات التمييزية التي تساعد على تصنيفها وفق منطق لساني، للشاعر لغته وللإسكافي لغته وللحوات لغته وللبناء لغته، وهكذا· بيد أن ذلك ليس تقنينا نهائيا يخضع الشخصيات لقانون سردي جازم، ذلك أن الاستثناءات لها منطقها السياقي والوظيفي، ولا يمكن التأكيد على ضرورة إلزام الشخصيات بالتحرك في حدود لسانية تتآلف وواقعها· وقد يكون هذا الطرح حاملا لمغالطات يقع فيها النقد والإبداع على حد سواء، خاصة عندما يتأسس الطرح على خلفية غير أدبية لا تسهم في ترقية الأدب من حيث أنه أدب، وليس جهازا لتمرير مواقف ظرفية تغرقه في الشأن الشعبوي، ومن ثم تسويقه كلوحات إشهارية، أو كخطابات وبيانات وآلات للدعاية تخدم المال والتكتلات على تعدد مشاربها·أما ما يميّز الخطاب الأدبي الحالي فيتمثل في اشتغاله على المستويات اللغوية، خارج اللغة الواحدة، كأن تتم المزاوجة بين الفصحى والعامية، المشرقية والخليجية والمغاربية· وفي حالة الجزائر، يمكن الإشارة إلى نوع من الاجتياح الملّون، على اعتبار أن هناك تباينا في المفردات ما بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، أو على مستوى الجهة الواحدة، أو ما بين الأحياء وأصحاب الحرف، وهي مسألة تعنى بها الدراسات المتخصصة· ولا أعتقد أن البلدان العربية غير معنية بهذا· اللافت للانتباه أن مثل هذه الاستعمالات تزداد حضورا، وقد تغدو قاعدة، وليس استثناء، كما هو الشأن في البدايات الأولى للسرد العربي الحديث والمعاصر ''نجيب محفوظ، محمود تيمور''، قبل تراجعه لاحقا عن الصيغ الهجينة لعدم قدرته على تكييفها وتدويلها، وكان انحسارها أحد أسباب التخلّي عنها والعودة إلى اللغة المعيارية المشتركة· اتجهت الرواية في السنين الأخيرة إلى الاستعانة بلغات أخرى، كالفرنسية والانجليزية والايطالية والاسبانية كدعامة لخطاباتها، أو من أجل أداء أمتن للقدرات الإبلاغية التي تظل قاصرة، كما يرى هؤلاء· في حين يرى آخرون أن هذا الزيغان عن القاعدة يخدم، في جزء منه، جانب البينائية، أو العلاقة بين النص والمحيط المنتج له من حيث أنهما مجموعة من البنى المتجاورة التي لا يمكن أن تنفصل عن بعضها· ويؤكد هؤلاء على نقطة الصدق، على التفاوت التعبيري الذي يميز الشخصيات كعّينات نموذجية دالة على فئات اجتماعية مختلفة لها أشكال إبلاغية خاصة بها، لذا نجد في العمل الواحد لغتين أو أكثر· وقد تشمل الصفحة الواحدة أزيد من لغتين، إضافة إلى المستويات الممكنة التي قد تتجلى في لغة الكتابة، بالمفهوم الباختيني· وهناك روايات أخرى اختارت العامية، مع ما يتخلّلها من تشابكات لسانية غاية في التعقيد، وهذا الخيار له مبرراته أيضا، وأولها التعبير عن المجتمع بالشكل الذي يعّبر به، دون حلية تبعده عن حقيقته كما هي، ويقصد من وراء ذلك الإبقاء على الشكل التعبيري كما هو متواتر، وبذلك يتم تحقيق مبدأ التداول بأقل تكلفة ممكنة· إن الاشتغال على الدارجة، من منظور بعضهم، هو ضرب من الصناعة الترقيعية التي لا تغلّ، بل إنها قد تبهت الأشكال القائمة التي تتكئ على نواميس راسخة، لذا تكون المحافظة عليها، كما هي، نوعا من تكريس للحقائق التاريخية التي تسم المجتمعات، في حين أن المعايرة هي عزل للكتابة عن بيئتها وتقنين لها· والواقع أن هناك ملابسات كثيرة تجعلنا نتساءل عن هيولى هذه النزعة الاختزالية التي كثيرا ما وقفت وراءها بعض الطروحات الحداثية التي تدعو إلى تخصيب السرد· ومع أن ذلك أمر ممكن وضروري لتفادي السرود المشبعة التي تعيد إنتاج الدلالات، فإن مسألة التعددية اللغوية في الجنس الأدبي الواحد، قد لا تكون هي الحل الأمثل للتدليل على التنوّع والاختلاف، ولا على القدرة على امتصاص الأحداث والحالات التي يؤسس عليها العالم الروائي· إذا كان هذا المنحى صحيحا، فمعنى ذلك أن النظر في قدرات الآداب الكلاسيكية والهالات يدخل في باب الحتمية· علينا أن نتساءل عن الأسباب الحقيقية التي جعلت هذه الكتابات تنتقي لغة معيارية واحدة، بتنويعات أسلوبية ومعجمية· سنطرح السؤال بصيغة أخرى: كيف استطاعت هذه الآداب أن تكون جميلة، مؤثرة ومقنعة وخالدة رغم أنها لم تكسر الواحدية اللغوية التي تدعو حداثتنا إلى تطعيمها بالطريقة المتداولة حاليا؟ عادة ما سبق الأدب علماء اللغة في اقتراح المفردات القابلة للمعايرة والاشتقاق والنحت والتوليد، ثم تأتي المجامع لتثبيتها وفق قوانين معروفة تشترط الحفاظ على هوية اللغة، إلى أن تصبح متداولة· حتى الدخيل له شروطه أثناء التعريب، إن لم تكن هناك بدائل قادرة على الحلول محلّه، بيد أن التداخلات الحالية تجاوزت حدود اللفظ، ومن ثم أصبح المتلقي في مواجهة نصوص مزدوجة اللغة، ومتعددة الألسن في بعض الحالات، وهناك عدة عناوين لروايات عربية معاصرة يمكن أن تتخذ كعينات لدراسات متخصصة في الأدب وفي علوم اللغة وفي مجالات أخرى لها علاقة ببنى الأشكال التعبيرية ودلالاتها· الظاهر أن القارئ المستقبلي سيكون ملزما بمعرفة كل دارجة في البلاد العربية، لأن دارجته لن تكفيه لفهم النصوص التي تكتب في الأقطار العربية الأخرى، بالنظر إلى خصوصيتها· لا يمكننا الحديث عن تدويل لهجة دون أخرى، لأن ذلك يقلّل من شأن المتعاملين بهذه أو تلك، ولا أعتقد أننا بحاجة إلى أمثلة للتدليل على المعضلة المحتملة لفعل القراءة في حدّ ذاتها، من غير الحديث عن المقروئية والاستيعاب والتجاوب· في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي دقّ ناقوس الخطر في بلد أوروبي له تقاليده الأدبية واللغوية، وترجع حالة الطوارئ التي استغرقت سنين إلى إغراق قاموسه بكلمات عربية وإنجليزية، وكان ذلك مؤشرا لانتقال المعاني والأيديولوجيات مع الألفاظ المستوردة، وذاك ما حدث مع مؤسسة جبران خليل جبران في الولاياتالمتحدة قبل أعوام· أمّا في حالة السرديات الجديدة فإن المشكلة أكثر تعقيدا وغموضا، إذ أنه، بالإضافة إلى إغراق النص في اللهجات المحلية، التي قد تكون أكثر دلالة وتأثيرا، حتى لا ننفي هذا الجانب، فإن هذا النص يشهد تأثيثا واضحا بلغات أخرى، ومنها اللاتينية القديمة التي اندثرت في بلدانها الأصلية· ومعنى ذلك، من الناحية الرياضية، أنّ على المتلقي اكتساب عدّة لغات لقراءة رواية محلية، بالمفهوم الجغرافي، ذلك أن هذه التعددية ستؤدّي وظيفة إلزامية، ومنها الوظيفة التعليمية المتعلقة بالبعد اللغوي الذي وجب ترقيته ليكون المتلقي مؤهلا لقراءة رواية واحدة، أو صفحة من الصفحات التي تستعين بلغات أجنبية لتمرير الخطاب· وقد تكون المسألة بالنسبة لتوظيف العامية، حتى على مستوى البنى الجزئية أو التحتية، عاملا من عوامل تبطئة القراءة، لأن علينا الإلمام بمجموع اللهجات المتواترة لمعرفة ما يقال، وقد نكون بحاجة إلى مترجمين على مستوى البلد الواحد بفعل التمايزات الكثيرة، خاصة لمّا تنزاح الألفاظ عن اللغة النموذجية وتختلط بلهجات أخرى أو بلغات أخرى· تشكل مثل هذه التقاطعات، غير المدروسة أحيانا، متاعب للترجمة، إذ تقف عائقا أمام النقل من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف· فإذا كان المترجم يتقن لغتين، فإن عليه الاستعداد لمواجهة هذا التنافذ بوسائل أخرى، ما يتسبب في جهد إضافي يفوق الجهد المبذول في التعامل مع لغتين، لأنه لن يتعامل مع ألفاظ وجمل فحسب، بل مع مرجعيات مختلفة ومع دلالات وجب الإحاطة بها للحفاظ على النص القاعدي· وإذا كان ذلك ممكنا، من حيث أن التداخلات مرتبطة بلغات رسمية، فإن ترجمة العامية تظل عملية مضنية، ما عدا إن تم الإبقاء عليها كما هي، تفاديا للوقوع في مطبات سوء الفهم وسوء الترجمة على حد سواء· وجدت هذه الصعوبة أثناء ترجمة أفلام حياتي لفرانسوا تريفو· لقد أشكلت علي الأمور ووجدتني أتعامل مع ست لغات، إضافة إلى التعابير العامية ومحمولاتها التي تنطبق على حدود محدودة، مع مخاطر الوقوع في النقل الآلي الذي يجانب المعنى· إضافة إلى ذلك، فإن مدارس الترجمة في حدّ ذاتها ليست على بيّنة من أمرها، وليست متفقة حول ما إذا كان يجب ترجمة التنافذات أم الإبقاء عليها في لغتها، احتراما للخصوصية النصية، ثم الاستعانة بالهوامش لشرح الألفاظ والجمل والمقاطع حتى يتمكن القارئ من فهمها· هل للكتابة الروائية الحديثة مقاصد من وراء هذه الأشكال الإبلاغية؟ أم أنها تحاكي التجارب الغيرية التي اتخذتها مقياسا للحداثة والجودة؟ كلّ أعمل غابريال غارسيا ماركيز التي وظف فيها الدراجة انتقلت أثناء الترجمة إلى لغات معيارية، بما فيها الترجمات إلى العربية، ولم يبق فيها شيء من دارجة أمريكا اللاتينية· هل هناك خيانة للنص الأصلي؟ الشيء نفسه بالنسبة للنصوص العربية التي ترجمت إلى لغات أخرى· هل يجب على المترجم مراعاة كلّ هذه التقاطعات ليكون آمنا؟ لا أعتقد، مبدئيا، أن هذا الطرح التبسيطي يحلّ مشكلة السرد، إن لم يدفع به إلى التعقيد بتهجير القارئ والعمل على إفقاده الخصوصية والهوية جريا وراء حداثة وهمية، أو تكريسا لمبدأ الانعكاس الذي ينزع عن الإبداع إحدى وظائفه الجوهرية: الارتقاء بالمجتمعات إلى مستوى الفن· أعتقد أن كثيرا من النصوص العربية مدعوة لمساءلة نفسها إن كانت معنية بإيجاد قراء، وإذا كانت ترغب في انتشار أوسع، مع التأكيد على أن عدّة تجارب من هذا النوع عرفت متاعب وإخفاقات لتعذر قراءتها، والأمثلة كثيرة· الكتّاب يعرفون جيدا الإحصائيات المتعلقة بالمقروئية في الوطن العربي، وعندما تأتي الكتابات بعدة لغات، في النص الواحد، فإن نسبة المقروئية ستزداد تدهورا، وستفقد الرواية تحديدا، كثيرا من بريقها وتأثيراتها· قد يتحجج بعضهم بنجاحات الشعر الشعبي، وتلك مسألة أخرى يمكن أن تعالج في إطارها الحقيقي، دون ربطها بهوية السرد العربي، ولا بهوية القرآن الكريم، ولا بالمقامات أو بالكتابات البلاغية القديمة· السعيد بوطاجين المرايا التي أشتهي :سكوت ·· ''المفرد الصغير'' يغتصب ''التجارب الكبيرة''! عندما يخترع ويفرض رئيس جمعية ثقافية تتبنى نشر أعمال إبداعية مختلفة، عبارة ''تجارب صغيرة'' على غلاف مجموعة شعرية كان قد أبدعها الشاعر الرهيف والمقتدر بشير بن عبد الرحمان، صاحب الجوائز الكبيرة والكثيرة نظرا لقصائده الراقية والمتألقة التي تلامس أفق العالمية، ويحاول فرضها على مجموعة أخرى للشاعر الأنيق رشدي رضوان، هذا الأخير الذي أنقذ اسمه ككاتب يأمل في شق طريقه نحو الخلود، ولم يرضخ للإهانة والإحتقار الكبيرين، بطبع قصائده على حسابه الخاص، مع احترامي الكبير لصاحب المجموعة التي طبعت ''للزهور التي أحرقتنا''، أجد في مقولة الشاعر الميت عادل صياد، التي صرح بها لإحدى الصحف الوطنية، قبل أيام قليلة عندما كنا سويا نقضي العطلة الصيفية بإحدى المدن التونسية، والتي كان محورها يدور حول موضوع منع الناشرين المصريين من المشاركة في المعرض الدولي الخامس عشر للكتاب المزمع تنظيمه نهاية شهر أكتوبر القادم، ''إن أصغر دار نشر مصرية لها من القيم المهنية والأخلاقية والمعايير التسويقية والمعاملاتية مع الكتاب أفضل بكثير من أكبر دار نشر جزائرية''، لها من المعنى العميق ما يفسر مثل هذه الظواهر غير الطبيعية التى آلت إليها حركة النشر في بلادنا، وقبلها كان عضوان من الأمانة العامة لما يسمى اتحاد الكتاب الجزائريين، قد أصدرا بيانا شديد اللهجة يكشفون في بعض جمله كيفية تحايل ''رئيس'' هذا الصرح الثقافي الذي تم إخصاؤه من طرف بعض المتاجرين بقيمنا وثوابتنا ومؤسساتنا وينهبون مالنا العام في وضح النهار، على الكتاب والمبدعين الذين لم يصدقوا أن أعمالهم التي أكل عليها الدهر وشرب، سترى النور على أيدي مهدي الكتاب المنتظر، وأوضحا كيف أن هذا الأخير قام بطبع الأعمال الأربعة والأربعين التي دفعت فيها وزارة الثقافة من ميزانيتها الكثير، في مطابع مجهولة لم يتم لأول مرة على ما أظن في تاريخ النشر، ذكر إسم المطبعة، واكتفى بوضع علامة ''منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين''، وكأن في المقر المغلق الذي نزعت يافطته لأسباب يوسفية تبقى مجهولة، توجد مطبعة ونحن - للأسف - لا نعلم· وعلى الرغم من هذه الصرخات المتعالية وغيرها كثير، إلا أنه ولا أحد تحرك لإنقاذ القطاع من العبث، لا سيما وأن الأمر يتعلق بعمليات الطبع للكتب التي تؤرخ لمختلف مسارات هذا البلد وذخيرته، وتتعلق أيضا بتبديد المال العام، والتلاعب بشرف أنبل مهنة، والضحك على ذقون المبدعين وأكل حقوقهم بالباطل، وثراء بعض حاملي عقلية التجار والبزناسية الذين استغلوا غياب النصوص القانونية التي كان من شأنها أن تحرك الجهات القضائية مباشرة عقب نشر أي فضيحة، ولا أظن أنه لو كان هناك عقابا لهم بقدر عقاب من يرهب الناس ويتعتدي على حرماتهم وأعراضهم، سيرتكبون مثل هذه المجازر في حق الدولة ومثقفيها· ولو كان الأمر مقتصرا على هذه الخروقات فقط، لتجاوزنا الأمر واعتبرناه في إطار سياسة التمييع، لكن أن يتم احتقار ذكاء الكتاب والضحك عليهم، واستغلال حاجتهم لطبع أعمالهم، للتنكيل بطموحاتهم وتحقيق بطولات سادية في حق أحلامهم، فذاك ما لا يمكن أن يسكت عليه، فعندما أقرأ لأساتذتي القديرين والمقتدرين،