العالم: النّاس يتزوّجون اليوم بطرق أفضل، يأكلون بطرق أفضل، وينامون ويتفاوضون ويصلّون ويتاجرون ويقتلون بطرق أفضل، بل إنّهم يموتون بطرق أفضل. والعالم صار بخير· لا تسرّبات في المكان· المواد اللّزجة الناعمة تؤدي دورها بكلّ حزم··· سرعة التجفيف تفوق التّصوّر· لا شقوق· لا تصدعات· العالم أفضل··· العالم أفضل، والجميع في صف واحد يغني، ''اختر المتانة··· قاوم التّجعد ولا تكن عرضة للكسر يا حبيبي''. العالم أفضل والبدائل متوفّرة، الأقمشة بكلّ الألوان، اللدائن، الزجاج، شاشات التلفاز· الأنوار في المؤخرات· الأنابيب في الأرحام··· الشرطة في الجلابيب، التيجان على رؤوس القابلات مضيفات الخطوط الجوية بمعاطف رمادية· الممرّضات يرتدين سترات واقية من الرّصاص· السّباكون بالزّي الرّسمي·.. السّم··· البهجة··· الاحتقار··· نساء في رجال، رجال في نساء··· والخوف كلّ الخوف من المنافسة على درج الملابس الداخلية. الأسماء: ''علاوة''؛ اسمي الذي لازمني طيلة أربعين عاما، (سني في هذه اللحظة). الناس لا ينامون بأحذيتهم لكنهم ينامون بأسمائهم، ويستيقظون وهم يحملونها ويعملون ويمشون ويتزوجون دون أن يكفّوا عن حملها، وأنا أيضا أفعل هذا منذ أربعين عاما. من حظّ الناس أن الأسماء غير ثقيلة وإلا لكانت كل الظهور قد تكّسرت!!! ''العمراوي'' بائع البيض في الشارع المقابل يمشي أوقات المساء محني الظهر، أرجّحُ أن ذلك بسبب اسمه، وليس بسبب ضربة يقال إنه تلقاها أثناء الخدمة في الجيش· في الواقع لا تستحضرني الآن أمثلة عديدة في هذا الموضوع لكنني أفكر أحيانا (فقط على سبيل المثال) أن بعض الأسماء··· بعض الأسماء··· نهارية، وبعضها الآخر ليلية، بعضها يصلح للصيف ولا يصلح أثناء فصول البرد والمطر. في طفولتي عرفت شخصا اسمه ''العمدوني'' فتحدّيته أن يقف لدقائق تحت المطر، في ذلك اليوم البارد، ظنّا مني أنه لا يستطيع· طبعا لا يستطيع بسبب اسمه. الرجل الحر: هو الذي لا تنطلي عليه حيل النساء المزيّفات، اللواتي يوهمن الآخرين بأنوثتهن. الرجل الحر، هو الذي صقلته التّجارب وهذّبت روحه المحن· فهو غير مبال، يلتقي بنساء كثيرات ويعبر دون أي اهتمام· عينه إلى هدف ما وراء كلّ الأشياء الظاهرة· تمرّ عليه عارضة الأزياء المرحة، تمرّ سكرتيرة الوزير أو المومس الملكية ذات الموقع الفاخر على الأنترنت، لكنه لا يبالي أبدا· كلّ امرأة تلمع، يقهرها ويتعالى عليها، ويجعلها تشعر بالنقص حتى يفور الدّم في عروقها فتجنّ· وعندما تأتي لتردّ الفعل يقول لها: ''إنك لا تروقين لي''··· وهكذا تذهب إلى غرفتها في الفندق، وتبدأ بوضع المزيد من الماكياج· طبقة على طبقة··· قناع على قناع··· أطنان من الأصباغ لا تنتهي· لكن عقلها سيعود إليها، بلا شك، وتعترف أمام مرآتها وتقول: ''لا فائدة إنني بشعة من الداخل'' وتكتشف في آخر أيام حياتها أن جميع المبتذلين داسوا على كيانها، وأنها لم تعرف الحب· وستكتشف بأن الرجل الذي تجاهلها، هو في الواقع الرجل الحر، الطيب، المتواضع، الحنون، الذي يتوسل لحبيبته المولودة بحي عريق من أحياء الجزائر العميقة، ليحصل على رضاها، ذلك أن حبيبته جزائرية حرّة.