قرأت في الشروق اليومي مقالا يتناول واقع الجزائريات في منطقة الخليج، يقول: ''حينما ضاقت بها الدنيا بما رحبت، ولم تجد عريسا أو فارس أحلامها، ملّت هذا الوضع، بل سئمت حياتها واشتدت حالتها سوءاً حينما بلغ سمعها زواج أخريات أقل منهنّ سنّا وأقل جمالا، فبحثت ليندة عن عريس في كل مكان وفي كل وجهة اعتقدت أنها ستؤتي أكلها، لكن من قطف ثمارها أخريات··''· مقال يشوّه حقيقة المرأة الجزائرية، حقيقة أن هناك حالات عزوبة كثيرة في الجزائر من الرجال والنساء، ولكنها حالات لا تختص بها الجزائر وحدها، كما أن هذه الحالات لا تعبّر عن أغلبية النساء الجزائريات، فالمشكل عند جريدة الشروق أنها دائما تبالغ في نقل الأخبار لتجعل من الحبة قبة·· هل تكفي حالة ''ليندة'' كعينة تحدث معها كاتب المقال ليصبح هذا الموضوع إطلاقا على كل الجزائريات؟ هناك بلدان بها شبكات للمتاجرة ببناتهم حتى أصبحت عندهم ظاهرة عالمية ومع ذلك لا يقبلون من يتحدث عن الموضوع·· لقد زرت كثيرا من بلدان الخليج ولم أعلم بأن البنات الجزائريات مبتذلات أو عارضات لأنفسهن للبيع في زواج ''فراند'' أو غيره من أنواع الزيجات التي تعرفها بلدان الخليج، مع العلم أنني أعلم أن هناك بناتا مغاربيات كثيرات يتاجر بهن هناك، وقد تحدثت لبعضهن، وروين لي كيف وصلن إلى بلدان الخليج ومن أوصلهن وما هي عليه حالهن الآن، لكنهن لم يذكرن لي أن بينهن جزائريات·· وإذا اخترت عدم الكتابة عنهن فلأني لم أرد أن ألحق الضرر بهن، مقتدية بالقانون السويدي الذي يجرم الرجل الشاري وليس المرأة البائعة، لأنها -حسبه- دائما ضحية·· ومع ذلك فممارسات الجزائريات هي فردية ولم تتحول أبدا إلى ظاهرة· أما البزنسة، يا زميلي، فقد أصبحت ظاهرة فعلا، وهي ظاهرة ليست جديدة على الجزائرية، وخاصة تجارة ''الشنطة'' المعروفة والمنحصرة بين ( سوريا، دبي، إسطنبول)، وقد كتبنا عن هذه الظاهرة من زمان ولكن أحدا من المسؤولين السياسيين القائمين على حماية سمعة الجزائر واقتصادها وأمنها ما استطاع أن يأخذ قرارا أو يحل المشكلة· فالبزنسة في الجزائر أصبحت سمة أغلبية الناس بما فيهم أصحاب الأقلام المفروض فيهم أن يكونوا قدوة المجتمع ورائدي التنوير فيه·· وقصة ليندة، وقصة الأمتعة المستوردة والبضائع المغشوشة، التي لا تدفع عنها ضرائب، قصص سكت عنها المسؤولون لأنهم كانوا يعتقدون بأنها ستساعد الشباب البطال على حل مشاكله، وبالتالي حل مشاكل الدولة، لكنها تطورت لأن تصبح شبكات منظمة لتهريب كل شيء بما في ذلك السلاح والمخدرات وحتى الإنسان وأعضاؤه· ولذلك كان يجب عليّ أن أرد على صاحب المقال لأقول له: حقيقة أن العزوبية، وليست العنوسة، لأنني لا أتفق مع هذا المصلح أساسا (فالعزوبية أصبحت في معناها الحقيقي، اختيارا من المرأة وليست مكتوبا عليها أن تنتظره، ثم أن هناك كثيرا من الرجال غير المتزوجين، وغالبا باختيارهم·· ومع ذلك لا يوصفون بالعنوسة)· لقد تغيرت المفاهيم والرؤى، لذلك فتناول مواضيع حساسة كهذه، يتطلب منا نتناولها بعلمية وبتحليل كبيرين يتصفان بالدقة والموضوعية وليس بالإطلاق العام الذي يعطي صورة خاطئة ومشوّهة عن المرأة الجزائرية وعن الجزائر بمجملها· ثم ما معنى أن ''الجزائريين المقيمين في دبي شكلهن شكل قارورة (كوكا) ويتردد على لسان الجزائريين قولهم لنذهب إلى الحبشة، فإن فيها نساء لا ينافسهن أحد في الجمال!''·· ما هذا اللغو والكل يعرف أن الجزائريين في دبي هم فئة مثقفة وذات نوعية راقية بخلاف الجاليات العربية الأخرى، ثم ما قصة ربط المصريين في كل ما يتعلق بنا وبأحوالنا، ألم نعد نستطيع إغواء القارئ إلا إذا تحدثتا عن المصريين؟