يبدو أن حمّى الزيجات الغريبة العجيبة التي انتشرت في بلدان المشرق والخليج العربي قد امتدت لمجتمعنا. * * فبعد زواج المسيار والمسفار والهبة والمتعة وغيرها من الزيجات التي يبتدعها أصحابها بعد أو للاستجابة لرغباتهم الشرعية واللاشرعية كذلك، ظهرت عندنا موضة نخشى امتدادها لمستوى الظاهرة، ونقصد بذلك زواج الحوامل، إذ كم من عروس سمعنا عنها وقد زفّت لعريسها وهي حامل »من المفترض منه«. والأغرب والأطرف والمضحك "على أساس أن شر البلية ما يضحك"، هو أن تضع العروس حملها بعد الزواج مباشرة لتدخل المستشفى وتقضي شهر العسل في جناح التوليد، فاذا جاء أحد الأقرباء أو الأصدقاء لتهنئتها بالزواج أخبره أهلها وأهل عريسها أنها نفساء بالمستشفى. * * العروس النفساء * كلفت منذ فترة بإجراء موضوع عن الموبقات والمخالفات الشرعية وقلة الحياء التي تنتشر في حمامات النساء، فاستغللت دردشة نشأت بين وبين عجوز لا أعرفها في إحدى محطات الحافلات وسألتها في الموضوع وإذا بها حينما عرفت طبيعة عملي تقترح عليّ أن أكتب عن فضيحة أخرى حدثت، حيث تقيم بمنطقة برج منايل، بولاية بومرداس، حيث اخبرتني أنها شهدت حالة لفتاة تزوجت وهي في أواخر حملها من عريسها الذي تفاجأ بالمخاض الذي جاءها في ليلة دخلتها إن كان يصح تسميتها بعد الذي حدث كذلك فنقلت على جناح السرعة إلى المستشفى أين وضعت مولودها، وفي يوم الغد وحينما كان الأقرباء المقربون يسألون عنها لتهنئتها بالزواج السعيد، كان يتم إخبارهم أن العروس الموقرة نفساء في المستشفى، حيث تقضي أول أيام شهر العسل رفقة طفلها الذي ولد في أول الأيام من زواج والديه اللذين يبدوان أنهما لم يحترما حدود الله أو يلتزما ولا أعراف المجتمع وتقاليده، فأتيا الفاحشة ثم أرادا تصليح الوضع بفضيحة أخرى. * * مسلسل مكسيكي * أما الحادثة المماثلة للحالة الأولى، والتي شهدت تفاصيلها كاملة، بحكم أن أخت البطلة كانت صديقة لي، فيمكن فعلا أن نعتربها كنسخة جزائرية لمسلسل مكسيكي. فصاحبة حكايتنا هذه أحبت شابا من أقربائها وكانت أيامها لاتزال قاصرا، وحينما رفضه أهلها، بحكم أنه لايزال في بدايات العشرينات من عمره، فلقد اتفقا على ارتكاب الفاحشة لأجل أن يضعا أهلها أمام الأمر الواقع فيزوجانهما، وفعلا وقعت الرذيلة وحملت البطلة وعلم أهلها بالكارثة فجنّ جنونهم ومن حسن حظها أو ربما لسوئه لم يكن لهم إخوة كبار ذكور ووالدها كان متقدما في العمر، فلم تشتك أبدا من خطر الذبح من الوريد إلى الوريد الذي يكاد يهدد كل فتاة تفعل فعلتها تلك بمجتمعنا، إذ عالجت والدتها الموضوع بكل بساطة وبرودة دم، إذ أبقت على حملها ورفعت شكوي ضد بطل القصة لدى مصالح الأمن، أين التزم بتصحيح غلطته والزواج بها ،وهو الوعد الذي طال انتظاره من قبل أهل الفتاة لكون أهل الفتى عارضوا ذلك بشدة، وبدل أن تتزوجه في أوائل شهور الحمل قبل بروز بطنها واكتشاف الفضيحة، فلقد تزوجته في صمت في أواخر أيام الحمل، ووضعت مولودها في أيام الزواج الأولى. والغريب في الأمر، أنها تخلت عن طفلها لوالدتها نهائيا، ربما لإخفاء تلك الفعلة والدليل عليها »الذي هو الطفل«، عن معارف وجيران العريس أو رفضا من هذا الأخير لثمرة الخطيئة والألم النفسي الناشئ عن ذلك لدى كل شاب في مجتمعنا والدليل أن أكثرية الذين يخطئون يفضلون دخول السجن على الزواج بمن ارتكبوا معها الفاحشة . * * قتلوه حيّا لدفن العار * أما أحدث زيجة من هذا النوع سمعت عنها منذ فترة، هي لشاب طائش معروف بكثرة علاقاته الغرامية، أحب فتاة تصغره سنّا بعدة أعوام وعمل المستحيل للزواج بها، وحينما رضي أهلها ذلك، وأضحت خطيبته ارتكبا الفاحشة سويا، وحملت الفتاة وعلم أهلها بذلك، فما كان منهم إلا أن أقسموا على قتلها، ولكن الشاب طمأنهم إلى أنه لن يتخلى عنها، وطلب منهم مهلة لترتيب شؤونه وتحضير نفسه بحكم أنه كان شبه بطال، يعمل أسبوعا ويتسكع الثلاثة أسابيع المتبقية من كل شهر في الشوارع أين يطارد فرائسه من الفتيات وحينما طال انتطار أهل الفتاة وانتفخ بطنها واقترب موعد وضعها، أمروه أن يأخذها لبيت أهله دون عرس، وفعلا نام أهل المنطقة واستيقظوا على وجود عروس نفساء في بيت الشاب الذي أعلم كل الفضوليين بأن ابنه قد توفي بعد الولادة مباشرة ولا أحد لحد الآن يعلم، حقيقة ذلك من كذبه. * * قسوة أب * أما أقسى ما سمعت عنه من »أبطال« لهذه النوعية من الزيجات، فهو شاب ذو مستوى تعليمي عالي ومنصب مرموق، تزوج من فتاة وهي حامل منه، وتأججت نار الخلاف بينهما بشدة قبل وضعها لطفلها، أي في بدايات ذلك الزواج، إذ كان الزوج يختلق لها أدنى الأسباب للشجار معها ويحاسبها على الكبيرة والصغيرة، والظاهر أنه الندم من الفعلة التي قادته إلى مثل هذه الزواج، والمؤسف أكثر أنه يوم قرر طلاقها اتخذ موقفا غاية في القسوة، إذ رفض زيارتها في المستشفى حينما ذهبت لتضع طفلهما، وهذا كي لا يرى ذلك الصغير حتى لا يتعلق به أو يعدل عن قرار الانفصال، والنهاية كانت بطلاق سريع، وطفل لم يحضنه والده في أولى لحظات مجيئه لهذا العالم العجيبة حكاياته. * * أخطر الأخطار في أيام الخطبة * وطبعا انتشار مثل هذه النوعية من الزيجات، أي زواج الحوامل، يعود في الأساس إلى التساهل في الاختلاط بين الخطيبين دون رقابة من الأهل أو محاسبة منهم، فالجنس هو أخطر الأخطار جميعا في أيام الخطبة، فهو إن لم يهدم الخطبة أفسد الحياة الزوجية والحميمية بعدها، إذ يقول الخبراء في الزواج بهذا الصدد: »الزواج السعيد نتيجة مجهود متواصل أثناء فترة الخبطة لكي يفهم كل من الطرفين نفسه ويفهم الآخر، والغزل عرض خلال الحطبة... إنه رغبة غريزية مألوفة وطبيعية ولكن من واجب الطرفين أن يفهماها ويسطرا عليها قبل الزواج. فالعبث بالجنس قبل الزواج من شأنه أن يحدث رد فعل لا يخطر ببال الخطيبين ويتمثل في هواجس تراود الزوج، فتوحي إليه بان زوجته التي مكنته منها لابد أن تكون ذات تجارب في هذا المجال، أو أنها ما كانت تمانع لو أن غيره هو الذي راودها. * ومثل هذه الهواجس لا يمكن بالطبع أن تكون قاعدة سليمة لزواج سعيد أو متين وقوي الأسس، كما تكون معولا يهدم الأفكار السامية التي تراود الشاب أثناء الخطبة عن خطيبته وهكذا نجد أن العبث بالجنس لن يفسد الخطبة أو الزواج وحدهما وإنما يفسد نفسية وراحة بال الزوج بالخصوص... فالحذر، الحذر من ذلك«.