تجمع عشرات الأشخاص، أول أمس، أمام مجلس الشيوخ الفرنسي مطالبين أعضاءه بالعدول عن إقرار مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في البلاد· ووصف المتظاهرون النص الذي اعتمده مجلس النواب المحلي يوم 13 جويلية الماضي، بأنه ''مناوئ للإسلام ومعاد لحقوق المرأة''، واعتبروا أن الهدف من وضعه هو ''التستر على فشل السلطات الرسمية في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المؤلمة التي يعاني منها المجتمع الفرنسي''· وقالت عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي عليمة بومدين تييري التي حضرت التجمع، أن حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي تريد من خلال التشريع الجديد إستحداث ما أسمته ''أداة قمع إضافية تنتهك حقوق المرأة في ارتداء ما تشاء''· وأضافت البرلمانية التي تنتمي إلى حزب ''الخضر'' المحلي، أن حزبها قرر الامتناع عن التصويت على هذا النص ''لأنه لم يقتنع بحصافة الاعتبارات الأمنية التي حاولت الأغلبية تسويقه بها، كما أنه يدرك تمام الإدراك زيف المزاعم التي تقدم هذا القانون على أنه يصون كرامة المرأة ويحمي مساواتها مع الرجل''· وشددت تييري على أن الضجة الإعلامية التي واكبت هذه ''المبادرة التشريعية'' شهرت بالمسلمين وأذكت مشاعر الكراهية والحقد ضدهم في فرنسا·وقد أيد هذا الطرح رئيس الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام أندريه روزفيغ الذي اعتبر مشروع القانون ''تمييزيا ومعاديا في جوهره للديانة الإسلامية ولمعتنقيها''· وأكد الناشط الفرنسي ''أن القاصي والداني يعرف أن هذا النص ينسف الحريات الفردية الأساسية''، مشيرا إلى أن إقراره يشكل ''وصمة عار في جبين فرنسا''· وأشار روزفيغ إلى أن مشروع القانون جاء في ''سياق محلي ودولي مقيت يحاول البعض فيه جاهدا أن يصور الدين الإسلامي على أنه يقود حتما إلى التطرف الذي يؤدي بالضرورة إلى الإرهاب''· أما المناضلة الحقوقية كاترين سمَاري فرأت في حظر النقاب ''ردة أخلاقية وقانونية''، وقالت أن القانون الذي يجرم ارتداء النقاب في الأماكن العامة ويعاقب المنقبات بغرامة حدها الأعلى 150 يورو أو بتلقي دروس في المواطنة، ''لن يؤدي إلى خلع النقاب وإنما سيدفع مرتدياته إلى الإنزواء في بيوتهن ويقودهن إلى قطيعة كاملة مع المجتمع''· واعتبرت الناشطة الفرنسية أن ساركوزي يسعى من وراء هذا القانون إلى تحقيق هدفين: ''مغازلة'' اليمين المتطرف المعادي للأجانب، و''التستر على فشل السلطات الرسمية في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المؤلمة التي يعاني منها المجتمع الفرنسي''· وأضافت أنه ''كان من الأولى بالحكومة أن تعالج أوضاع الفرنسيين الذين يعاني الملايين منهم من البطالة وتدني مستويات الدخل، بدلا من استخدام المسلمين كبش فداء''· ووصفت سماري سلطات بلادها بالنفاق، مشيرة إلى أن الحكومة تسعى إلى إقرار قانون مناوئ لزي لا تلبسه إلا 367 امرأة في فرنسا، بينما كان عليها أن تركز على التصدي لجرائم الاغتصاب التي تتعرض لها 48 ألف امرأة كل عام في البلاد، أو معاقبة الرجال الذين يتسببون سنويا في مصرع عشرات الزوجات تحت وقع الضرب المبرح· يشار إلى أن منظمي التجمع وزعوا بيانا -وقعته عشرات الجمعيات المدنية المحلية - يندد بحظر ارتداء البرقع، ويعتبره ''مناورة سياسية تسيء إلى المسلمين وتدوس القوانين الفرنسية والمواثيق الدولية التي تكفل احترام حقوق الإنسان''·