أوصى خبراء الصحة النفسية بضرورة وضع سياسة صحية وطنية تأخذ بعين الإعتبار التنسيق بين المؤسسات الصحية والمجتمع المدني، كحتمية لإيجاد حل فعال. تم ذلك خلال لقاء وطني حول هذا الموضوع، حيث شدد كل الحضور من خبراء على ضرورة العمل في إطار شبكة اجتماعية صحية، بإشراك العائلات و الجمعيات التي تمثل الأشخاص المعنيين من خلال تعزيز نشاط كل واحد تدريجيا وتشجيع التنمية التكاملية والدعم المتبادل للمساعدة على تحقيق الإدماج التربوي والاجتماعي والاقتصادي للمرضى عقليا. وبهذه المناسبة، أكد رئيس ديوان وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عيسى حليمي، أن الصحة العقلية في مجال الصحة العمومية تعد أحد الانشغالات الكبرى التي تستدعي إيلاء أهمية خاصة لعملية تحسيس الجمهور العريض بهذه المشاكل المتعلقة بالصحة العقلية. وأضاف ذات المسؤول أنه قد تم في هذا الإطار إعداد برنامج وطني للصحة العقلية (2010-2014) يهدف إلى ترقية الصحة العقلية والوقاية والعلاج المبكر المكيف مع الإضطرابات العقلية والعصبية والنفسية الاجتماعية، وكذا إعادة تكيف والإدماج الاجتماعي للأشخاص الذين عانوا من مشاكل عقلية خطيرة. وأردف أنه يهدف أيضا إلى تدارك النقائص المسجلة في مجال التكفل بالصحة العقلية وضمان المساواة في الإستفادة من العلاج على مستوى كل الوحدات الصحية عبر التراب الوطني، وتكثيف الجهود المالية من أجل تطوير الخدمات الاستشفائية والمراكز الوسيطة الجوارية وتزويدها بالموارد البشرية الكافية من جهة، وتطوير برامج خاصة لفائدة الفئات الهشة من السكان من جهة أخرى. من جهته، أوضح رئيس اللجنة الطبية الوطنية للطب العقلي الأستاذ بكيري، أن الصحة العقلية تسجل انطلاقة وتطورا حقيقيا للطب العقلي في الجزائر من خلال برنامج (2010-2014). وأشار إلى وجود 14 مستشفى للأمراض العقلية يضم كل واحد 120 سريرا في طور الإنجاز والاستكمال، مضيفا ''نحن نتوجه نحو تعميم الخدمات الطبية في هذا المجال بإنجاز مستشفيات للأمراض العقلية بكل من إليزي وبشار وباتنة وفي ولايات أخرى ولدى تقييمه لواقع طب الأمراض العقلية بالجزائر أكد البروفيسور باكيري أنه تم تسجيل العديد من النقاط الإيجابية بالرغم من وجود بعض السلبيات. وبخصوص النقاط الإيجابية أشار البروفيسور باكيري إلى أن عدد الأطباء المختصين في الأمراض العقلية الحائزين على شهادات يقارب حاليا 80 طبيبا مختصا كل سنة، فيما لم يكن عددهم يتجاوز 3 في السبعينات، في ذات السياق، تطرق إلى طب الأمراض العقلية لدى الأطفال والمراهقين الذي بدأ يتطور في الجزائر من خلال تكوين ''جدي'' لهؤلاء الأطباء، أما بالنسبة للنقاط السلبية فقد أشار إلى ''شبه غياب'' للأعوان شبه الطبيين في هذا التخصص، وعدم إشراك الأطباء النفسانيين في علاج المرضى، وكذا عدم توفر بعض الأدوية اللازمة لعلاج المرضى. الجدير بالذكر أن مجال الصحة العقلية في الجزائر لا يزال في مراحله الأولى، إذ أنها المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم ملتقى بهذا الخصوص، بعدما أكدت الدراسات الميدانية تفاقم عدد حالات الإصابة بأمراض عصبية توجب معها ضرورة صياغة سياسة صحية وطنية للتكفل بهذه الشريحة من المرضى.