خذ زوجا، ضعه في بيت من غرفة ومطبخ مِؤجر في أحد سطوح باب الوادي أو ديار الشمس أو ديار الكاف، انتظر تسعة أشهر من الخوف ينجبان طفلا ينام على صوت الرصاص والمتفجرات ويستيقظ على صياح جارته وبنتاها، ثم يخرج إلى المدرسة صباحا، فيرى سيارة محترقة وبقايا انفجار وجثة والد زميله في القسم· انتظر سنوات، يكبر فيها الطفل، وأغلق الأروقة التي يعمل فيها الوالد، ثم افتح المساحات التجارية الكبرى مكانها، وافتح أبواب الاستيراد على مصراعيها، وزين واجهات المحلات بكل أنواع منتوجات التي رآها والتي لم يرها في القنوات الأجنبية· أضف إليها سنوات أخرى، وافتح المجال لتكنولوجيات الاتصال الحديثة، ضع بين كل مقهى للأنترنت محلا لبيع الهواتف النقالة واشتراكات القنوات الأجنبية· علمه كيف يرى العالم من خلف الشاشة وكيف يقضي ليلة هادئة يكلم فيها صديقة لا تعرف وجهه· زد سنوات، وافتح الباب للسيارات رباعية الدفع وافتح قروض الاستهلاك، ضع كل أشياء الحياة الجميلة بين عينيه وساعده على الأمل والحلم· بأن تفتح له الباب على الزطلة والحبوب المهلوسة، وامنع عنه الخروج إلى الشارع والخروج حراقا· انتظر سنة، يخرج من المدرسة، اشحنه بشعارات معاك يا الخضرا، ثم خيب أمله، ثم اقرأ عليه قائمة الفضائح المالية والنهب والسلب وأسماء الذين فروا من العقاب· أخلط كل ذلك تحصل على شاب يحرق الجميع ويحترق·