يؤكد الشاعر التونسي جمال الدين لصيلع في حوار له مع ''الجزائر نيوز'' بأن تونسالجديدة تسير بخطى ثابتة نحو الأفضل، مثلما أراد لها رجال الثورة أن تكون وككل تونسي يتطلع الشاعر جمال الدين لصيلع أن يتنفس التوانسة عبق ونسائم الحرية وأن يتسع الفضاء للجميع من أجل الإبداع بعد أن اختنقوا وقطعت أنفاسهم سنين طوال· كيف استقبلتم الثورة التي أطاحت بنظام بن علي؟ دعني أقول في البداية بأن ما حدث ليس ثورة تونسية فقط بل ثورة عربية، فهي رد فعل طبيعي للوضع الذي يعيشه الإنسان العربي وقد كان ممكنا أن تنطلق من أي جزء آخر من الأرض العربية لأن كل الشعب العربي يعاني ولو بدرجات متفاوتة مما كان يعانيه التونسيون· أما عن تفاعل المثقف التونسي مع الثورة فهو تفاعل لا يبعد كثيرا على تفاعل أي مواطن في موضعه وفي مكانه، نأمل أن يكون لدينا مجال أوسع للحرية وللقول وللإبداع، لأن المثقف يكون عادة في الصفوف الأمامية، نحن مستبشرون بهذه الثورة وما يمكن أن ينتج عنها من خير و تقدم· ماذا تنتظرون من الحراك الناتج عن الثورة في تونس؟ أعتقد وهذا من وجهة نظري الشخصية أن ما حدث عندنا أكبر من أن يرصد وأتصور، في اعتقادي سيكون تاريخا جديدا بكل ما تحمل كلمة تاريخ جديد· بالرغم من كل الإيجابية التي رافقت قيام الثورة والآمال المعلقة عليها، إلا أن بعض المظاهر السلبية باتت تظهر لتثير الخوف من المستقبل، والحديث عن الأمن مثلا الذي لم يعد متوفرا في تونس بعدما كانت واحة الأمان؟ إن الصورة ليست بهذه الدرجة من الخطورة، فالأمر يتعلق ببعض الطفيليات التي تحدث في حركة الثورة والقارئ الجيد للأحداث يعرف أنها لابد أن تحصل، فهناك صائدو ليل، أو بالأحرى هناك رهط من البشر ''لا يدرك'' معنى الثورة وهذه الأشياء يجب على الإنسان أن لا يفاجأ منها أو ينسبها للثورة أو من مسبباتها، بل بعض الأشياء التي لابد أن تحدث، والحمد لله أستطيع أن أؤكد بأنه تم تجاوزها وقد كان يمكن أن تكون أكثر شدة لولا وعي الشعب التونسي عموما بما تمثل هذه الأعمال من خطر يمس تحديدا مستقبلهم كأفراد وهي الآن منحسرة وتسير نحو الزوال· يبدو أن الثورة التونسية فتحت الألسن وبات الكل ينتقد ويبدي اعتراضه على الكثيرين من القيادات المعينة، حيث تم رفض شخص محمد الغنوشي ليعين بدلا عنه القايد السبسي، هل تعتقدون أنه يحظى بالإجماع؟ الأكيد أن باجي قائد السبسي يعتبر حلا وسطا بين جميع الأطراف، فالرجل يتواجد من سنوات بعيدة خارج مجال الحكم ولم يسبق أن سجلت عليه مآخذ وبالتالي أظن شخصيا أنه رجل المرحلة مع التأكيد أن له مساندين كثر كما أن هناك من يختلفون معه، غير أن الرجل يملك من الحنكة والتجربة والدراية بظروف المرحلة ما يساعده على تحقيق الحل الوسط من أجل الوصول بتونس إلى بر الأمان، وقد كان خطابه مبني على نية البناء وصنع الاستقرار من أجل التأسيس لقاعدة التقدم وتثمين ما ثار من أجله التونسيون في سبيل تونس جديدة· يخشى الكثيرون من مستقبل تونس في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعرفها البلاد؟ أعيد التأكيد بأن المسألة الأمنية متجاوزة لأن ما حصل ومن جميع الجوانب لا يمكن للتوانسة أن يسمحوا بعودته لأنها حالة عابرة ناجمة عن ثورة التغيير الجذري، حيث تناقص بشكل كبير القلق من هذا الجانب وأستطيع القول أنه يكاد يزول تماما· فيما يتعلق بالشق السياحي، أعتقد أن تونس بما تتوفر عليه من ثقافة متنوعة قادرة على أن تجعلها قبلة دائمة لكل عشاق الفن والثقافة، في هذا المقام يكفي أن أستشهد بالأشقاء الجزائريين الذين يأتون سنويا للبحث عن كل جديد ثقافي في الموسيقى، السينما وغيره من المجالات الثقافية· كيف ستكون صورة الثقافة والمثقفين في تونسالجديدة؟ حاليا من الصعب أن تتشكل صورة واضحة في ظل معطيات الوضع الراهن، غير أن ما هو أكيد أن المشهد الثقافي سيكون في كل الأحوال غير ما كان عليه إلى غاية السنة الماضية وكما ذكرت سابقا أن الوضع في تونس والعالم العربي عموما تغيرت فيه عدة معطيات إذ ندخل كأمة مرحلة جديدة لها معطياته، وسترى ما يمكن أن ينتج عنها وما هو أكيد أن ما سننتجه سيكون أفضل بكثير مما كان عليه الحال وأكثر قيمة وأعلى منزلة· هناك من يغالي في وصف الحركات الإسلامية، هل تعتقدون أن هناك تخوف حقيقي من هذا التيار؟ دعنا نتحدث عن الحركة الإسلامية في حد ذاتها لأقول أنها جزء من تركيبة المجتمع التونسي، وقد أخذت تتشكل وتتأقلم بحسب المشهد التونسي وتعيد قراءة فكرها بما يمكن أن يسمح لها بالاستمرار في الوجود وأهل الحركة أنفسهم من يتبنون مسألة تأقلمهم مع الواقع التونسي، ويبدو أن هناك من التونسيين من يتعاطى مع هذا النوع من الفكر، وعليه أعتقد أن هذا التيار أدرك أنه مطالب بضرورة احترام التركيبة الموجودة في تونس على اختلافها لصنع المستقبل الذي يجب أن تكون عليه تونس بكل أطيافها وتياراتها الفكرية والسياسية·