تجولنا أنا وحماري التعيس في شوارع العاصمة ''زنقة'' ''زنقة'' على رأي أبو النظريات الخضراء، بعد أن أصابتنا الغمة والاكتئاب والتخمة من الفضائيات التي تنقل الثورات والدم وغيرها من الأمور التابعة لها··· وطول الطريق وحماري ينهق نهيقا مستمرا دون انقطاع··· قلت له·· ماذا بك أيها الحمار هل هي علامات الفرحة أم الحزن لأنني أخرجتك من غرفتك قال·· بل هو نهيق الدهشة يا عزيزي قلت··· دهشة ماذا؟ قال··· الناس ''الشاطرة'' احتكرت الأرصفة والشوارع ونحن بقينا نتفرج مثل الأغبياءئ قلت·· معك حق الأرصفة كلها مملوءة على آخرها وربما لأن الشعب أدرك أن الدولة أغمضت عينها عن ذلك·· فلم يجد من وسيلة للاسترزاق سوى النشاط الموازي·· نهق من جديد وقال··· ربما العكس يا صديقي·· الدولة هي التي أدركت أنها لم تقدم شيئا لشعبها وأن مؤسساتها بقيت حكرا على المحاباة والمعارف، لذلك اقتنعت بأن ترفع يدها عنهم قلت ضاحكا·· هيا إذن نفترش مثلهم فرشة للبيع ونبدأ على بركة الله، بحلق فيّ بنظرة استنكار وقال·· حمار مثلي تريده أن يمارس نشاط الأرصفة؟ قلت ضاحكا·· وما به نشاط الأرصفة ''يا خي حلال''؟ قال·· القضية غير مضمونة يمكن للوزير الأول أن يغير رأيه ويقلب كل شيء·· قلت·· هو يقول أن كل ما يحدث بتحريك من البعض·· وصمت قال·· نعم أريد أن أعرف من هم ''البعض'' الذين يقصدهم؟ قلت·· كما قال هو دع الزمن يكشف لك كل شيء يا حماري ولا تبحث في ''العلالي'' واترك تفكيرك ينحصر في الأرصفة والشوارع وغيرها من الأشياء البسيطة ودع الأمور المعقدة لأصحابها·· أكملنا جولتنا وسط الأرصفة المفروشة·· حماري يصيح·· لقد احتكرني التلفزيون ونسيت الشارع··· ''كم توحشت البلاد''·