في حوار جمعه ب ''الجزائر نيوز'' على هامش الحفل الذي أحياه في إطار فعاليات مهرجان ''جميلة'' في طبعته السابعة، ذكر كادير الجابوني المتربع على عرش الأغنية الشبابية، بأن ولوجه عالم الغناء لم يكن حبا فيه بل بسبب الظروف الصعبة التي كان يعيشها، وهو الذي تخرج من الجامعة حاملا لشهادة في الحقوق، واصطدم بواقع مر تحكمه المحسوبية ومن تنقصه المعريفة لن يعمل، الشيء الذي أجبر صاحب أغنية ''لابريقاد والسونترال'' على دخول عالم الفن لأنه السبيل الوحيد الذي كان أمامه لتطليق حياة الفقر والحرمان التي كان يعيشها· ولأنه ابن حي باب الوادي الشعبي كادير قال بأن حبه للزواولة كبير وهو يحس بهم كثيرا ولا يتأخر عن مساعدتهم لأنه كان مثل الكثيرين منهم··· تزور ''جميلة'' للمرة الثالثة على التوالي، أليس ذلك؟ الجمهور السطايفي والجزائري عامة تربطني به علاقة حميمية، لأني كثيرا ما أتواجد بالمنطقة من أجل إحياء الأعراس وبعض السهرات الفنية، وعادة ما أحظى باستقبال كبير من قبل أهل الهضاب، وقبل مغادرتي وعدتهم بالعودة إليهم في مهرجان ''جميلة''، والحمد لله لقد وجهت لي الدعوة ولم أخلف بالوعد الذي قطعته· وبصراحة، لم أكن أتوقع أن أجد نفسي أمام جمهور يحفظ كل ما غنيته عن ظهر قلب، لذا فأنا أحييه وأقول له بأنه يستحق كل خير والعلامة الكاملة لأولاد الخير عامر لحرار· وماذا أضافت مثل هذه التظاهرات لكادير الجابوني؟ الفضل الكبير في ظهوري يعود لها، لأن مثل هذه التظاهرات الفنية هي التي قدمتني للجمهور ومكنتي من التعريف بإصداراتي، وبقدر ما أفرح كثيرا بالدعوات التي توجه لي من أجل المشاركة في المهرجانات، بقدر ما يجعلني ذلك أتحمّل مسؤولية أكبر، لأنني أحب الظهور أمام جمهوري بكل ما هو جديد، وما يجعلني أرتقي لأعلى لأني أرفض السقوط أمام جمهور وضع ثقته فيّ، وهو الذي حمّلني مسؤولية التعبير عما يعانيه من ظلم، فقر وحرمان وغيرها من الظواهر التي تنخر فئة الشباب الجزائري وعجلت بولوجه عالم الحرقة والانحراف· تتحدث عن معاناة كبيرة يمر بها الشباب الجزائري، هل عانيت منها كذلك؟ عانيت الكثير الكثير، فأنا ابن حي شعبي معظم سكانه ناس ''زواولة'' همّهم الوحيد جلب قوت يومهم وسد جوع أولادهم، لذلك أنا أحس بكل ما يعانيه الشباب الجزائري لأني مررت بنفس ما يعانون منه، فأنا خريج جامعة الحقوق وكبقية الجامعيين بمجرد حصولي على الشهادة الجامعية أحلت على البطالة، وبعد مشوار طويل قطعته في البحث عن العمل ''عييت وكرهت'' فيه من دق الأبواب ومنح سيري الذاتية، اخترت ولوج عالم الفن والغناء، لأنه السبيل الوحيد الذي كان أمامي لتطليق حياة الذل التي كنت أعيشها وتحقيق ما أطمح إليه في الحياة· هل لنا أن نعرف هذه الطموحات؟ كلها تنصب في قالب واحد هو العيش كبيقة الناس، والمهم أن الإنسان ''ما يكونش محتاج وما يمدش يدو للطلبة''· وبخصوص الشهادة الجامعية التي تحصلت عليها، ألا تفكر في استغلالها مستقبلا لصنع اسم لك في مجال المحاماة كما فعلت في عالم الفن؟ فات الحال كثيرا على هذا الشيء، لأني طلقت المحاماة بالثلاث عندما طرقت جميع الأبواب وأنا أبحث عن عمل، وحينها كان كل واحد أزوره يطلب مني الخبرة التي لا تقل عن خمس سنوات وشهادات أخرى تدعم الليسانس الذي تحصلت عليه، وحينها تأكدت من أن العمل في الجزائر لا يكون إلا عن طريق المحسوبية والمعريفة، ولأني ابن حي شعبي ''ولكتاف ما عنديش قطعت لياس'' واخترت أن أجعل الشهادة الجامعية التي تحصلت عليها صورة علقتها على الحائط على الأقل لأتذكر في كل مرة أني صاحب مستوى تعليمي عال، لكن الظروف هي التي حرمتني من الاستثمار فيه·· عادة ما تستحضر الجهات الأمنية والقضائية في أغانيك، هل هذا يعني أن الجابوني لا يزال حاقدا على الجهات الوصية في البلاد بعد ما عاناه في حياته؟ ليس للأمر علاقة بهذا، بل لأنه في بلدنا لا يوجد أي أحد لم يقع في مشكلة رمت به إلى المحاكم أو زار خلالها مركز للشرطة، ولأن ما أغنيه يعالج الواقع كان لابد أن أدرج هكذا مصطلحات في الأغاني، أما ما عانيته في حياتي فلست الوحيد الذي مر به وجميع الفنانين يغنون عليه ولست الوحيد الذي يفعل ذلك· وهل زار كادير الجابوني مراكز الشرطة والمحاكم؟ أجل، وفي كثير من المرات، وبالمناسبة أريد أن أخبر جمهوري بأن كل ما أغنيه هي تجارب عشتها ومررت بها في حياتي· هل بإمكانك أن تخبرنا عن إحداها؟ مثلا أغنية ''لابريقاد والسونترا'' التي ولجت بها عالم الشهرة هي قصة واقعية مررت بها بعد أن دخلت في مشاكل عاطفية أوصلتني إلى مركز الشرطة بعد أن رفعت ضدي دعوى قضائية· تعج الساحة الفنية بالكثير من الأسماء الفنية، الأمر الذي فتح المجال للانتقادات حتى أنه يوجد من أصبح يوصف الفن في الجزائر بالعفن، ما تعليقك؟ مثل هذه الأمور لا تهمني تماما، وعلى من ينتقدون الفن أن يهتموا بأنفسهم أولا، لأن لا أحد يختار الفن وهو شبعان، بل الظروف هي التي تقذف به، لذلك ولأنه من حق الجميع الطموح، أنا لا أعارض هذا، لأن الفن مرتبط بالجمهور، ومن يستطيع أن يصنع له اسما فسيبقى دائما في الساحة· أما من يعجز عن ذلك فسيغادرها في صمت وكأنه لم يكن أبدا، ولهذا لا يجب أن نثير ضجة بخصوص الساحة الفنية والأصوات التي تغني فيها، لأن الغناء للجميع والبقاء للأقوى والأفضل· أما من يجب أن نحاسبهم حقيقة هي الجهات الرقابية التي لا نسجل لها أي حضور في الساحة· أما الشاب الجزائري الطموح لغد أفضل ''فدعه يعمل دعه يمر''· يتضمن برنامج جولتك الفنية إحياءك لسهرات في المغرب، ألست متخوفا من وقوعك في تجارب ومشاكل كالتي مرّ بها بعض الفنانين الجزائريين؟ أنا مغنٍ أحمل رسالة فنية ولا دخل لي في السياسة، لأن أهلها كثر، وبالإضافة لهذا أنا لا أجيد الحديث حتى في الأمور البسيطة منها، أكيد أنا مع الصحراء الغربية لأنها قضية عادلة، وتتعلق بشعب يطالب بالحرية، لكن بالمقابل أنا لا أكنّ العداء لأي طرف· وبالمناسبة أريد أن أوضح بأن الفن لم يرتبط أبدا بالسياسة، لذا فتواجدي بالمغرب الذي أحب شعبه كثيرا أو تواجد فنانين مغاربة بالجزائر من أجل الغناء أمر عادٍ، لأنه يتعلق بشعبين يربطهم ماضٍ واحد حاضر مشترك ومستقبل يجب أن نصنعه نحن بالحب والتعاون وليس بالخلافات والمشاكل· وماذا بخصوص جديدك الفني؟ جديدي الفني يتمثل في ألبوم نزل السوق، مؤخرا، تحت عنوان ''بلا بيك'' من كلمات عبد الرحمان جودي، والحمد لله هو يحتل صدارة الترتيب من حيث المبيعات وسباق الأغاني، ومثل هذه الأمور تفرحني كثيرا وتساعدني على تقديم ما هو أفضل مستقبلا· في الأخير، لو نسأل الجابوني عن الحلم الذي يتمنى تحقيقه مستقبلا، فماذا يقول؟ حلمي هو النجاح في مسيرتي الفنية وبلوغ العالمية مع المساهمة في تطوير أغنية الراي الجزائرية وتحسين صورتها في الخارج·