عطّاف يستقبل مسؤولتين أمريكيتين    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    الشرطة تُحسّس    سنعمل على الانتفال بالدبلوماسية للسرعة القصوى    "وزراء الخبرة" لتكريس الطابع الاجتماعي للدولة    الاسبوع الاوروبي للهيدروجين ببروكسل: سوناطراك تبحث فرص الشراكة الجزائرية-الألمانية    ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3544 شهيدا و 15036 جريحا    يوم دراسي بالبرلمان الاسباني: قرارات محكمة العدل الأوروبية الأخيرة صفعة قانونية وسياسية للاحتلال المغربي وحلفائه    هل ينجح المبعوث الأمريكي في وقف العدوان الصهيوني على لبنان؟    "مجموعة العشرين" تدعم وقفا لإطلاق النار في غزة ولبنان    10 آلاف مشروع استثماري وربع مليون منصب شغل    الجزائر تدعو إلى إدانة علنية للتدخّلات الأجنبية في السودان    أبواب مفتوحة بمناسبة اليوم الإفريقي للإحصاء    هدفنا دوما رفع الراية الوطنية في المحافل الدولية    قمة مثيرة بين المولودية وبلوزداد بذكريات اللقب    إدارة سانت ترودن تسعى للإبقاء على براهيمي    الرابطة الثانية هواة /مجموعة وسط-غرب: رائد القبة و نصر حسين داي يكتفيان بالتعادل على ميدانهما    السيد عطاف يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره التونسي    تنظيم المهرجان الدولي الثامن للفن المعاصر من 26 نوفمبر الى 7 ديسمبر بالجزائر العاصمة    نمو قوي للاقتصاد الجزائري    عرّقاب يُكرّم المبتكر لخضر حميداتو    الدرك يوقف 17 منظما للهجرة السرية    امرأتان ضمن شبكة تحترف السرقة    الإطاحة بعصابة تروج المخدرات    وفاة شخص في حادث مرور بمازونة    تطبيق مبتكر يحمي المعطيات في الفضاء الأزرق    الدكتور فني يبرز الأدب العالمي والثورة    من وحي الورد ومن ملامح الوجه الحسن    مواصلة الجهود السابقة وسعى لتطوير القطاع    الوقاية للتعايش مع المرض والتجاهل خطر أكبر    صناعة تقليدية: استفادة نحو 20 اطارا من تكوين في مجال الحماية الفكرية    دميتري ميدفيديف : استخدام أسلحة الناتو لضرب روسيا سيؤدي لحرب عالمية ثالثة    من انتاج المسرح الجهوي "أمحمد بن قطاف" النعامة : "تحت الأنقاض" .. مسرحية تنقل معاناة الفلسطينيين بغزة    الحرث و البذر: إستهداف أكثر من 30 ألف هكتار بولايتي المنيعة و تيميمون    البليدة.. تنظيم سباق الأبطال ببلدية الشريعة السبت القادم    ينظم بأوبرا بوعلام بسايح الأحد المقبل..حفل فني لاستذكار أميرة الطرب العربي الراحلة وردة الجزائرية    معرض المسكوكات بوهران.. عن التاريخ النقدي للفترات التاريخية الإسلامية    إعادة الاعتبار للموقع التاريخي زمالة الأمير عبد القادر    المسافرين بالحافلات وسيارات الأجرة : تسليم 148 رخصة استثنائية بميلة منذ سنة 2022    سيفي غريب يستلم مهامه كوزير للصناعة    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 43 ألفا و 972 شهيدا    زهير بللو يتسلم مهامه كوزير للثقافة والفنون    واضح يتسلم مهامه كوزير لاقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة    سعيود يتسلم مهامه وزيرا للنقل    مسؤولة بالخارجية الأمريكية تبرز أهمية الشراكة الثنائية بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية    معرض السلامة والأمن والحرائق والطوارئ من 3 إلى 5 ديسمبر بالجزائر العاصمة    حوادث الطرقات: وفاة 36 شخصا وإصابة 1387 آخرين خلال أسبوع    افتتاح الطبعة الثامنة للصالون الدولي لاسترجاع وتثمين النفايات بمشاركة حوالي 80 عارضا    وزير الصحة يشارك بالدوحة في أشغال القمة ال7 للمؤتمر العالمي للابتكار في الرعاية الصحية    التبليغ عن المواد الصيدلانية التي تشهد ندرة في السوق    المناعة الطبيعية أحسن دواء لنزلات البرد    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثالوث الخطير المحدق بالهوية الوطنية الفلسطينية
نشر في الجزائر نيوز يوم 21 - 11 - 2011

يبدو أن سؤال الهوية كإشكال وكمفهوم دال موغل في الإشارات والدلالات والرموز مغري إلى حد بعيد بالنقاش والسجال، ومجال فسيح ومفتوح للتعبير عنه بصيغ مختلفة وبمرجعيات متعددة ومتنوعة ومختلفة أيضا، منها من يرقى إلى مستوى وجهات النظر إذا كان متقدما في المعرفة ومنها من يظل أسير زاوية نظر ليس إلا· هذا عند الحديث عن الهوية بشكلها العام، خصوصا عند الشعوب والأمم والدول التي تعيش حياة موضوعية في تقاطعها مع الواقع والوقائع معا عبر التراكم الجدلي والدياليكتيكي لحيوات الناس على أرضهم·
لكن عندما يتعلق الأمر بالهوية الوطنية الفلسطينية وبحكم المخاطر المحدقة بها، ليس الآن، ولكن منذ وجود الاحتلال الصهيوني وعلى وجه التحديد والدقة منذ وجود ظاهرة الحركة الصهيونية، أسميها ظاهرة لأن الجوهر الحي للظاهرة هي أنها تظهر وتختفي وهذا ما يجب أن يحدث لهذه الحركة الغاصبة والمحتلة وتنتفي من الوجود نهائيا، وهذا لا يتأتى إلا بفعل ارتفاع وتيرة المقاومة الممانعة لكل نهج ''تسووي'' يلعب لعبة النرد السياسي مع العدو بلا طائل ولا نتائج تذكر للأسف·
وللتذكير فالحركة الصهيونية بدأت إرهاصاتها الأولى قبل وعد بلفور السيئ الذكر سنة ,1917 فالتغلغل الصهيوني في المغرب كان واردا وموجودا في نهاية القرن التاسع من القرن العشرين، ولنا أن نتصور كيف كان هذا التغلغل في أوروبا الاستعمارية وأمريكا التي كانت تستعد لتصبح قوة مهيمنة كبرى بعد أن حسمت صراعاتها الداخلية، وأضحت فيما بعد الأداة الأساسية للتوسعات الامبريالية في كل أرجاء المعمور·
والمحصلة أن الأخطار المحدقة بالهوية الوطنية الفلسطينية بدأت مع هذه المؤثرات الخارجية، وهذا لا يمنع من وجود مؤثرات داخلية، ونحن نتحدث عن راهن الهوية الفلسطينية كمفهوم إجرائي أجرأته تبدأ بتقاطعه مع المعطيات الموضوعية للواقع الفلسطيني في الداخل، في المنافي، وفي الشتات· وهي المعطيات المرتبطة عضويا بالمجالات العامة لحياة الشعب الفلسطيني المحتلة أرضه غصبا، ونحددها في كل ما هو ثقافي وحضاري واجتماعي واقتصادي وسياسي، جغرافي وتاريخي أو بصيغة أخرى الوضع الذي توجد عليه الهوية الوطنية الفلسطينية التي تتفاعل إيجابا وسلبا مع تحولات وتراكمات ومسارات النضال الوطني الفلسطيني ضد المحتل والغاصب الصهيوني، الإيجابي منها الذي يجب أن يتبلور ويتطور استراتيجيا وتكتيكيا باعتباره الضامن لمواصلة فعل المقاومة التي تعني تحرير الأرض تحت أي طائل أو ظرف مهما كانت دقته وخطورته - ولم يحدث في تاريخ المقاومة الفلسطينية أن مرت بظروف غير دقيقة وخطيرة - والسلبي الذي يهدد المقاومة في جوهر هويتها المكافحة والممانعة·
وحتى لا ندع مجال التنظير- ولو أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لكل حركات التحرر- يستأثر باهتمامنا بصلب الموضوع، يجب القول وبمنتهى الصراحة والشفافية والمصداقية أيضا، أن الفساد والتعصب والتطبيع وهو الثالوث الرهيب الذي يشكل أكبر خطر على مسار ثورة وشعب برمته، ويمس بالهوية والقضية معا وبشكل مباشر وقاتل·
- الفساد: ونعني به وعلى وضوح الأمر والموضوع كل الأثر السلبي على المال العام للشعب الفلسطيني وأيا كانت الجهة الآمرة بصرفه سلطة أو أحزابا أو منظمات أو أفرادا·· فلا فرق·
- التعصب: ونعني به كل من يتوهم أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، أو يمتلك خريطة الخلاص، أو جهاز التحكم عن قرب أو بعد في مسارات القضية الفلسطينية وتطوراتها، وإمكانياتها في التعاطي مع المستقبل وآفاقه·
- التطبيع: ونعني به الآلية الشرسة التي تكرس واقع الهوة السحيقة بين الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وكل مكونات حركات التحرر وأحرار العالم أفرادا ومؤسسات· وهي بمعنى آخر جدار عازل خطير ورهيب- أخطر وأفظع من جدار العار والفصل العازل، والصيغة ليست للمبالغة مطلقا- لأنه لا مرئي وغير ثابت في مكان محدد، ومن هنا شراسة خطورته·
وعندما نتحدث عن الفساد أو التعصب أو التطبيع فلا نعني جهة أو طرفا محددا ولا ننزه آخر أو نستثني أحدا، بقدر ما نعني الذي يحدث على الأرض الفلسطينية والعربية، العربية المقصود بها الدول المطبعة مع العدو سرا وعلانية بما فيها المؤسسات الاقتصادية والاستثمارية أو الأشخاص في مجال الإعلام والفن والثقافة وللأسف الشديد والبالغ فالأمثلة والأسماء كثيرة·
وحتى على مستوى الصراع الدائر في الساحة الفلسطينية بين فتح وحماس ولسنوات، للأسف، كم يلزمنا من أسف إذن- أي قبل العدوان على غزة يهدد وبشكل مباشر الهوية الوطنية الفلسطينية في صميمها وأي نتائج أو حصيلة أو تداعيات لهذا الصراع أو هذه ''الحرب القاتلة'' تساهم بشكل أو بأخر في تأثيرها السلبي على الهوية الوطنية الفلسطينية وتضعف جانبا أساسيا في معنوياتها التي يجب أن تظل عالية لتواصل فعلها المقاوم لإلغاء العدو من أرضنا ووجودنا· وأي نعرة صراع حتى وإن كان هامشيا عدا صراع المعرفة والفكر ووجهات النظر الذي يدخل في باب الاختلاف ورحمته يؤدي نفس البعد الوظيفي وهو المساس المباشر بالهوية الوطنية الفلسطينية·
الخلاصة أن الهوية كقضية وسؤال وإشكال في آن لأي شعب وأيا كان أيضا تتفاعل مع قضايا مجتمعه ومحيطه وكل مجالاته الحيوية، تتأثر وتؤثر ودائما سلبا وإيجابا أو العكس، وهذا ما يحدث للهوية الفلسطينية الوطنية المفتوحة على التعدد والتنوع والاختلاف وفقا لتركيباتها الاجتماعية والمجتمعية ووفق ما تعرفه من تحولات وتمظهرات وتجليات وتناقضات، ولصيانة هذه الهوية من المحو والإتلاف والاندثار والسقوط في شرك ومصيدة الكيان الصهيوني الذي يعمل بكل أساليبه للنيل من هذه الهوية الوطنية الفلسطينية، كما أنه يعمل وبكل ما أوتي من وسائل الإغراء والارتشاء على طمسها، يظل فعل المقاومة هو الخيار والاختيار الاستراتيجي لصد العدو من تحقيق أهدافه·
وحدة الصف الوطني الفلسطيني بكل مكوناته وفصائله وأحزابه ورموزه وقادته وقواعده بإدراكها العلمي والنقدي للتناقض المباشر والعدو المباشر، هي الأساس في صيانة الهوية الوطنية الفلسطينية من كل المخاطر المحدقة بها·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.