انطلقت بمتحف السينما بالعاصمة فعاليات أيام الفيلم الأردني بالجزائر بعرض فيلم ''مدينة ترانزيت'' لمخرجه محمد الحشكي الفائز بعدة جوائز، منها جائزة النقاد في مهرجان دبي الأخير· الفيلم الذي يدور حول العالم الجديد القديم لليلى كامل عبد الحميد التي عادت إلى عمان وإلى ذويها بعد انفصالها عن زوجها الذي قضت معه 14 سنة في أمريكا· وبعد هذا الغياب الطويل وصدمة الطلاق تجد ليلى أن كل شيء قد تغير في مدينتها التي أصبحت غريبة عنها وسكانها لم يعودوا كما كانوا، حيث تغيرت سلوكاتهم وطباعهم· فقد اكتسحت أفكار جديدة حياة الناس وطغت المادة بفعل انعكاسات العولمة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة تستقطب كل الأفكار وتستهلك كل السلع على حساب الأصالة والقيم· يسلط المخرج الضوء على معاناة ليلى في سعيها لإيجاد الاستقرار والراحة في مدينتها التي لم تعد تعرفها وأهلها الذين أصبحوا غرباء في تصرفاتهم وطباعهم، وترصد بطلة الفيلم ''صبا مبارك'' العديد من المواقف والمحطات التي عاشتها الشخصيات الأخرى من الأب والأشقاء وحتى الجيران· وفي نهاية القصة تعود ليلى بتشجيع من والدها إلى العالم الآخر، إلى أمريكا لأنها ليست قادرة على التأقلم· لقد لقي هذا الفيلم الروائي الأول للمخرج الحشكي الذي لم يتطلب إنجازه ميزانية كبيرة، حيث تم في إطار مشروعات التدريب في الهيئة الملكية الأردنية استحسان النقاد الذين نوهوا بحرفية تصويره وأيضا تماسك الدراما وقوة الأداء· وقد شارك في أداء الأدوار الرئيسية في هذا الفيلم الذي عرض في عدة مهرجانات عربية كل من محمد القباني وشفيقة الطل وعلي ماهر، وكتب السيناريو أحمد أمين وعرض أيضا في سهرة الافتتاح الفيلم القصير ''بهية ومحمود'' للمخرج زيد حمدان وهو فيلم إنساني مفعم بالأحاسيس يطرح مشكل الفراغ والوحدة التي يعانيها المسنون من خلال قصة زوج في آخر العمر، وهما بهية ومحمود بطلا الفيلم اللذان يجدان نفسيهما وجها لوجه بعد مغادرة الأبناء والأصحاب، لكن رغم صعوبة الحياة والمشاكسات اليومية، يبقى الحب هو المنتصر في النهاية· لقد مكن الفيلمان من أخذ صورة عن السينما الأردنية التي تعد حديثة مقارنة بالسينما العربية، وتقول ندى دوماني ممثلة الهيئة الأردنية للسينما ''إن الفن السابع في بلادها يعتبر حديثا، لكن هناك رغبة وإرادة كبيرة للمضي به إلى الأمام''· وأضافت ندى في تصريح صحفي، عقب اختتام العرض، أن زيارتها للجزائر كانت من أجل التعريف بالسينما الأردنية وأيضا للبحث عن إمكانيات التعاون في مجال الإنتاج المشترك، وذكرت في هذا الشأن أن هناك رغبة للاحتكاك بالسينمائيين الجزائريين لأن السينما الجزائرية أثبتت مكانها عالميا· كما أن هناك -حسبها- فرصا لتعزيز التعاون في مجال التكوين، حيث أشارت إلى وجود ورشات الاخراج والتركيب وكتابة السيناريو تسمى ''الراوي'' في الأردن يشارك فيها سينمائيون من الجزائر· وسيتم في كل سهرة من هذه التظاهرة التي تدخل في إطار التبادل الثقافي بين الجزائر والأردن وتنظمها الوكالة الجزائرية للاشعاع الثقافي تحت رعاية وزارة الثقافة برمجة فيلمين الأول طويل والثاني من الأشرطة القصيرة· وستسمح هذه العروض للجمهور من اكتشاف السينما الأردنية التي عرفت في العشرية الأخيرة نشاطا معتبرا وتطورا ملحوظا بفضل الجهود المبذولة في هذا البلد لإنعاش هذا القطاع الذي دعم بإنشاء الهيئة الملكية الأردنية للأفلام سنة ,2003 وهي مؤسسة مستقلة لتشجيع الانتاج· وقد شهد المشهد السينمائي في الأردن تقدما محسوسا من حيث نوعية الأفلام وأيضا المواضيع المطروحة التي تعالج القضايا الاجتماعية، كما تهتم أيضا بالجانب التاريخي للأردن· يذكر أن الصائفة الماضية شهدت تنظيم أيام جزائرية بالأردن عرضت خلالها ثلاثة أفلام وهي ''ما وراء المرآة'' لنادية شرابي و ''مسخرة'' لإلياس سالم و''خارجون عن القانون'' لرشيد بوشارب·