يقول الفيلسوف الفرنسي بول فاليري «يهدد العالم خطران دائمان...النظام و الفوضى»، علّق حماري صاحب اللسان الطويل على هذا قائلا...يعني أننا نعيش في بلد كله أخطار ...الله يستر ...الله يستر... قلت له ساخرا...ومع ذلك فقد أصبح النظام هو الوجه الحقيقي للفوضى، بدليل أن هذه الأخيرة هي التي أصبحت سيدة الموقف وصارت تتحكم في كل شيء يدور في فلك السلطة. نهق نهيقا مستفزا وقال...ومع ذلك فإن الفوضى هي اسم كل نظام يخلق الفوضى في عقولنا وأظن أن كل ما سكننا هو نتاج لهذه السلطة الفوضوية التي تريد أن تجعل السواد هو السيد. قلت ضاحكا...تفلسفت أيها الحمار حتى صرت فوضويا... قال ...كل النماذج التي أمامنا تؤكد ذلك، هل رأيت نظاما يعجز عن تشكيل حكومة حقيقية مثل نظامنا؟ وهل سمعت ببرلمان «عجيب» مثل برلماننا وأحزابنا وسياستنا؟ قلت...كل دولة لها نظامها الخاص الذي يُنتج الفوضى التي يراها مناسبة لتسيير المؤسسات الخاصة به، سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو حتى مافياوية. قال ساخرا...المافياوية هذه هي القوة التي جعلت كل دواليب السلطة تصب في مجرى واحد وهو الفساد، لذلك تجد الأنظمة تحتمي به حتى تضمن استمراريتها بما يسمح به القانون. قلت ..يا حماري الخطر الحقيقي الذي يهدم الدول هي سياسية «الهف» وعدم بناء مؤسسات حقيقية قادرة على التسيير بكل شفافية. قاطعني حماري ناهقا...أين هي الشفافية التي تتكلم عنها؟ هل يمكن لنظام ما يزال يعمل مثل خفافيش الظلام أن يجعل الشفافية هي عنوانه؟ قلت...أنا أفترض فقط ولست أجزم بذلك. قال ساخرا...مجرد التفكير في بناء دولة بمواصفات الدولة الحقيقية غير وارد، لأن ذلك سيقتل الفوضى والفساد وكل ما يدور في فلكهما.. قلت ...تقصد أنه سيقتل النظام في حد ذاته؟ قال متهكما ...الحمد لله أنك فهمت ما أريد قوله، ما قاله وليم بليك «يجب أن أخترع نظاما وإلا فسيستبعدني نظام رجل آخر».