بعد أن نجونا من الغرق من أمطار شتوية عاصفة، تمدد حماري أرضا وهو يتابع ما حدث من خسائر بشرية ومادية ونهق نهيقا حزينا وقال.. ألسنا أولى بمالنا من غيرنا؟ قلت.. مال الأفامي أم المال المتبقي من البحبوحة؟ قال.. كلاهما يا صديقي عوض أن تمعن السلطة في شراء رضا الغير كان الأجدر بها أن تشتري رضا شعبها أليس كذلك؟ قلت ساخرا.. ومتى كان رضا الشعب مهما عند السلطة؟ قال وهو يهز رأسه بأسف شديد.. بلاد يعاني من أزمة بالوعات يتشاطر ويعطي ماله لغيره ويترك البلاد كلها غارقة في شبر ماء؟ قلت.. فعلا أزمة بالوعات من يسمع بهذا يموت قهرا، نحن كنا نظن أن أزمتنا فعلا كبيرة بوجود هذه السياسة الهشة في كل قطاعات البلاد وإذا بنا نعود ألف سنة للوراء ما دمنا لا نملك قنوات صرف المياه وبمجرد أن تنزل قطرة ماء حتى يموت من يموت وتهدم البيوت وتردم. قال.. هذه هي الفوضى وهذا هو البريكولاج الذي نتكلم عنه دائما، وأين هي أموال مشاريع الطرقات التي أصبحت مقابر جماعية وحمامات سباحة؟ قلت ضاحكا.. على الرغم من أن الموقف لا يستدعي الضحك يا حماري ولكن أظن أن مال المشحاح يأكله المرتاح ودائما تتكرر نفس المأساة لمجرد أن تنزل قطرة ماء. قال.. ومع ذلك فإن المسؤولين عن الأمر يضعون غطاءً على أذانهم حتى لا يسمعوا صراخ الشعب. قلت.. لو بقي الأمر رهن الصراخ لا هان الأمر ولكن المطر أصبح يجرف المنازل ويقتل الأرواح ويغرق الناس في الوحل والطين. قال.. والدولة تكتفي بالتحذير عن طريق نشرات خاصة وعلى كل مواطن أن يحفر بالوعته لوحده حتى لا يغرق. قلت.. هكذا هي سياستنا، تجعل الشعب يكرهها ويكره من يديرها وعندما تتيقن من ذلك الكره تتعجب لماذا؟ عطس حماري عطسة كبيرة أنذرته بزكام حاد وجاد ثم قال.. لك الله يا بلادي أما هؤلاء فعليهم الله وعلى فوضاهم وسوء نيتهم مع الشعب.