في الدانمارك يسطر الحب قصة أخرى، بطلها هذه المرة الأمير الوسيم فريدريك الإبن الأكبر للملكة مارغريت والأمير هنري دو لابورد. هذا الشاب الذي يعشق سباق السيارات لم يستطع أن يقاوم مشاعره التي جذبته تجاه الفتاة الأسترالية ماري، ذات الأصول الإسكتلندية ابنة أستاذ الرياضيات جون دونالدسون. كانت أول مقابلة بينهما عام 2000 خلال دورة الألعاب الأولمبية في سيدني، ولم تكن تعرف ماري أنه أمير الدنمارك، ولم يرغب هو في الإفصاح عن ذلك الأمر. لذا قدم نفسه إليها في فندق سيدني على أنه “فريد"، وظل الإثنان يتحدثان إلى أن جاء إليها أحد أصدقائه منبهاً إياها أنها تتحدث مع أمير الدنمارك الأمير فريدريك، إلا أن سهام الحب كانت قد أصابت قلبيهما، فتقول الأميرة ماري إن “فريدريك" استحوذ على اهتمامها وكان بينهما الكثير ليتحدثا عنه، خاصة أن الأمير يتمتع بروح الدعابة والحضور الذهني الذي يأسر مستميعه. يفتخر الدنماركيون بأن أميرهم فريديريك ولي العهد، استطاع أن يفك الطوق الملكي بتقاليده الصارمة حين ربط علاقة غرامية تحولت إلى زواج بالأميرة ماري، وعلى الرغم من مرور سنوات على هذا الزواج إلا أن قصة الحب هذه ما تزال متداولة بين الفينة والأخرى، خاصة وأن بعض الأعمال السينمائية العالمية ارتكزت على تفاصيلها نظراً لتميزها وتفردها بين الوسط الملكي على مستوى العالم. الأمير فريديريك ظل على اتصال مع ماري، ثم بدأت المكالمات الهاتفية بين الإثنين تطول أكثر فأكثر مع الوقت، وتبادلا رسائل الغرام من خلال الهاتف والبريد الإلكتروني، ولم يعد يقو الأمير الدنماركي على بعد المسافة، فظل بين كل فترة وأخرى يقوم بزيارة خاطفة إلى أستراليا على الرغم من بعد المسافة فقط ليقابلها ويتحدث معها بعيدا عن الهاتف ووسائل الإتصال الأخرى. وفي خطوة لتقريب المسافة سافرت الأميرة ماري سنة 2001 إلى باريس لتشتغل كمعلمة لغة إنجليزية، وهي “حركة" لتكون بالقرب من حبيبها الأمير، والتقطت الصحافة ووسائل الإعلام مبكرا خبر هذه العلاقة وباتت الأميرة ماري في مرمى المصورين، وتناقلت أخبارها وصورها وهي تحضر بعض حفلات العائلة الملكية في الدنمارك، وبدأ الحديث يكبر حول العلاقة التي تجمعها بولي العهد. وبسبب ضغط الإعلام وتكاثر الصور التي تلتقط للأميرة والأمير في حفلات خاصة وأخرى علنية، قامت العائلة الملكية، على رأسها الملكة مارغريت الثانية بتحديد اجتماع ملكي عام في أكتوبر من سنة 2003 لأجل منح موافقتها على هذه العلاقة على الرغم من كون ماري من خارج الوسط الملكي، وفي الثامن من أكتوبر من نفس السنة بدأت العلاقة بين الإثنين بشكل رسمي، ثم كان الزواج في سنة 2004، حيث احتشد مئات الألوف من الناس في شوارع وساحات العاصمة الدنماركية لمشاهدة عرس ولي عهد الدنمارك الأمير فردريك وعروسته الأسترالية ماري دونالدسون. وتبادل العروسان خاتمي الزواج وتليا عهد الزواج في كاتدرائية لوثيران، التي عمرها أكثر من 175 سنة، في كوبنهاغن بحضور 800 شخص من أعضاء العوائل المالكة الأوروبية، منهم ولي عهد إسبانيا وخطيبته والأمير الإنجليزي إدوارد وزوجته صوفي وأفراد من العائلة المالكة في النرويج والسويد، وشخصيات اجتماعية وفنية، وأذيعت مراسيم حفل الزواج على الهواء في أستراليا والدنمارك وفي أنحاء أخرى من العالم. وكانت أفراح الزواج الملكي عمت الدنمارك مدة أسبوع وشملت استعراضات عسكرية وحفلات استقبال وغناء وغيرها من مظاهر الابتهاج. وكانت وسائل الإعلام الدنماركية أوردت أن مبيعات أجهزة التلفزيون قد ارتفعت بشكل لافت، حيث أقدم الدنماركيون على اقتناء أجهزة جديدة لمشاهدة حفل الزواج. كما ازداد الإقبال على اقتناء البضائع الأسترالية المعروضة في المتاجر الدنماركية. ولكن بعيدا عن القصة الكلاسيكية للسندريلا، الصدق مع النفس والذكاء الشديد هما ما يميز تلك الفتاة ذات الشعر الأسمر التي لا تشبه أغلب الفتيات الدنماركيات، والتي ازدادت شعبيتها بشكل كبير بسبب بساطتها الشديدة من ناحية حيث تظهر في فعاليات عديدة تختص بقطاعات متوسطة وبسيطة من الناس، وتهتم بكل صغيرة وكبيرة حيال من تلتقي بهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هي أم من الطراز الأول، فهي لم تنجب أبناءها الأربعة وهم الأمير كريستيان (6 سنوات) والأميرة إيزابيللا (4 سنوات) وأخيرا التوءمان “فنست" و«جوسفين" عام واحد لتتركهم في رعاية طاقم الرعاية والتربية في قصر كوبنهاغن الذي بني في القرن ال18، الذي تعيش فيه مع زوجها، وإنما كانت هي المسؤولة الأساسية عن كل ما يتعلق برعاية الأطفال، لا تفارقهم سوى في أضيق الحدود وإذا استلزم الأمر اصطحبتهم معها. ومن ناحية أخرى هي شديدة الاهتمام بعدد هائل من المؤسسات الخيرية، وهذا كله جعلها نموذجا للجمال الحقيقي للمرأة في أعين شعبها، ماري ابنة مدرس الحساب والسكرتيرة الجامعية أثبتت أن المرأة لا تحتاج لعرق ملكي ودم أزرق لكي تصبح ما يجب أن تكون عليه الأميرة العصرية.