ساد هذا الانطباع منذ أن اندلعت الحرب داخل الأرندي، وظهور الحركة المناوئة لأويحيى داخل الحزب الذي قيل عنه، إنه الحزب الذي ولد بشلاغمه.. وذهب عدد من المراقبين أن الحركة المناوئة لأويحيى، ما كان لها أن تظهر لو لم تكن قد تلقت الضوء الأخضر من الدوائر صاحبة النفوذ.. إلا أن آخرين ظلوا مرتابين من هذه التحاليل التبسيطية، بل تصوروا أن الأمر أكثر تعقيدا ويحمل أكثر من وجه ومعنى.. وتوصلوا أن المعارضة الناشئة ضد أويحيى تعمل على إعطائه مصداقية أكثر في حالة صمود وثبات هذا الأخير في المواعيد الانتخابية.. وهذا ما حاول أويحيى أن يبينه عندم شمّر على ساعديه، ونزل إلى الميدان وراح يجوب الجزائر شرقا وغربا، ليؤكد أنه أصبح رقما يصعب تجاوزه حتى في حالة ما تخلت عنه القوى ذات النفوذ التي سبق وأن ساندته لوقت طويل في مواجهته لمنافسيه ومعارضيه، ويكون أويحيى حسب هؤلاء المراقبين قد فهم أنه على عتبة حياة ثانية جديدة تكون حاسمة في وجهة مستقبله السياسي، ومن هنا عمله على التأثير في ميزان القوة لصالحه ولو على مراحل يصبح ذا أهمية بالغة، وربما كانت النتائج التي حصل عليها في المحليات ذات دلالة على هذه الوجهة التي سيسعى أويحيى إلى تثبيت أقدامها على طريق رئاسيات 2014.. ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يشدد أويحيى خطابه ضد الفساد، لكن أيضا ضد خصومه من داخل وخارج السلطة لينفض عنه تلك الصورة التي ظلت تربط حزبه بالتزوير وشخصه بالقوى المناهضة للتغيير.. كما لا يستبعد هؤلاء أن يدخل أويحيى حلبة رئاسيات 2014 بعنفوان وتصميم في حالة ما لم يسع بوتفليقة إلى عهدة رابعة، وحتى إن دخل هذا الأخير العراك الرئاسي، فإن أويحيى قد يكون أحد منشطي الحملة وذلك من أجل منحها صدقية وشرعية من جهة، ومن جهة ثانية ليعرض نفسه كشريك محتمل في الحكم في ظل المشهد السياسي الجديد المترتب عن رئاسيات 2014.. إن أويحيى في ظل هذه الحقبة الجديدة من حياته الثانية يسعى للتموقع ليس على رأس العائلة الوطنية التقليدية، بل على رأس العائلة الجمهورية وهي مزيج من القوى الوطنية القريبة من التيار الديمقراطي ومن الديمقراطيين الذين انخرطوا سابقا إلى جانب السلطة في التسعينيات في مقاومة جماعات الإسلام الراديكالي والمسلح، وأصبحوا خلال سنوات بوتفليقة على رأس الحكم، كالأيتام مشتتين ومشرذمين خاصة بعد تخلي الحكم عن الأرسيدي ودخول الأفافاس فترة من التأزم اتسمت باقترابه من حكم بوتفليقة وتخليه عن معارضته الراديكالية ضد الحكم أو ممن كان يسميهم بأصحاب القرار.. كما اهتدى أويحيى إلى طريقة استعادة ما يمكن وصفهم باللامنتمين حزبيا في منطقة القبائل لكن أيضا في مناطق أخرى من البلاد.. وإذا ما لم يحسم الأفلان صراعاته بين تياراته وزعاماته المتصارعين وهم على أبواب رئاسيات 2014 فسيكون أويحيى من أهم المستفيدين من أزمة الأفلان الداخلية لأن يثبت أقدامه بشكل أكثر قوة ورسوخا لأن يكون لاعبا مهما من حيث التأثير على وجهة ميزان القوة في إدارة اللعبة الجديدة في ظل مشهد متحرك ومتغير.. هل سيصمد أويحيى ويكسب الرهان؟! هل سيتمكن معارضوه من داخل الأرندي الانتقاص من انتصاراته الأخيرة، وقلب الطاولة على وجهه أم سيضطرون في نهاية المطاف إلى خلق حزب جديد من صلب الأرندي والتحالف مع حزب تاج الذي أصبح يعاني وهو في طور الولادة من صراع محتدم بين تيارين، التيار الإسلامي وتيار أصحاب المال؟!.