يعيش جمهور تيزي وزو أوقاتا مميزة من الرقص والاستمتاع بلوحات فنية تجمع بين الألوان الوطنية وألوان البلدان الإفريقية والعربية والأوروبية في مزج ثقافي فني مميز. كان الجمهور، أول أمس، بالمسرح الجهوي كاتب ياسين على موعد مع فرقة "أصايل" الفلسطينية الفلكلورية التي رفعت التحدي رغم الاحتلال الإسرائيلي، حيث جمع أعضاؤها حب الأرض بالغناء والرقص للوطن، قدموا رقصات فلكلورية من التراث الشعبي الفلسطيني، ونجحوا في تجسيد لوحات فنية نقلوا من خلالها الجمهور إلى المدن الفلسطينية. تميزت هذه الفرقة باعتمادها على الحركات الكوريغرافية الدقيقة التي جعلت الأعضاء يصنعون بأجسادهم لوحات فنية توحي بتمسك الشعب، رغم الويلات الصهيونية، بثقافته وتقاليده، وعرضت هذه الرقصات تحت أغانٍ وأناشيد وطنية وثورية وتحررية، وأدوا كذلك عدة أغاني يمجدون خلالها الثورة التحريرية الجزائرية احتفالا بالذكرى الواحدة والخمسين لاستقلال الجزائر، حيث قاسموا فرحتهم مع الشعب الجزائري معبرين عن توقهم وأملهم في نيل فلسطين الحرية مثلما نالتها الجزائر. الفرقة الثانية التي لقيت إعجاب الجمهور هي فرقة "رام" للمسرح الراقص من لبنان، التي قدمت عروضا فنية راقصة بقاعة الحفلات لدار الثقافة مولود معمري، واستطاع أعضاؤها ال16 صنع لوحات فنية فريدة من نوعها تفاعل معها الجمهور بقوة، حيث قدمت رقصة جماعية تنقل التراث اللبناني في اللباس والتقاليد، تلتها رقصة عصرية قدمتها راقصة واحدة، وبعدها رقصة الدبكة التي تشتهر بها لبنان قدمها 8 راقصين، واختتمت الفرقة وصلاتها برقصة "حب الوطن" برفع العلم اللبناني وجسدت تحت مقاطع غنائية تدعو إلى المحبة والاتحاد ورفع التحدي. وجاء بعدها دور فرقة "الكارابيلا" من ولاية غرداية التي قدمت رقصات تقليدية ولوحات فنية مستوحاة من تراث بني ميزاب، وهي رقصات تسمو إلى خدمة المصلحة العامة وتنظيم المجتمع. من جهتها، نجحت فرقة "ثافاث" من منطقة إمسوحال بتيزي وزو في خطف الأضواء بتقديم لوحات فنية من رقصات وحركات تنقل الموروث الأمازيغي التقليدي، حيث قدمت لوحة فنية تظهر فيها الأهمية الكبيرة للأرض بمنطقة القبائل كمصدر للرزق، وتخللت هذه اللوحة مشاهد عن كيفية استغلال الأرض والحرث والزرع والحصد وجمع المحصول، وذلك بإظهار المساهمة القوية للمرأة القبائلية في مساعدة الرجل لخدمة الأرض. هذا، واستطاع ضيف شرف المهرجان من النمسا إمتاع جمهور المسرح الجهوي كاتب ياسين بلوحات فنية فريدة من نوعها، حيث قدمت فرقة الرقص التقليدي "دكوزار" من كوفشطاين رقصات تسمى "التيرول"، وهي رقصة شاعت في أوروبا خلال القرن التاسع عشر، أما فرقة "المجموعة الفلكلورية دامبي" من مالي، فقدمت رقصات تنقل طقوسا من أدغال إفريقيا في محاربة الفساد وتجنب الوقوع في الشر. أطرب الفنان القبائلي القدير آكلي يحياتن جمهور تيزي وزو بباقة من الأغاني التي تمحورت حول الوطن والحياة والحب والفراق والمرأة، في إطار الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري. كان "الدا واكلي" كما يحلو لجمهوره مناداته، في الموعد مثلما اعتاد عليه، حيث تألق وأبدع وصنع أجواء مميزة في قاعة دار الثقافة مولود معمري، واستقبل آكلي يحياتن فور دخوله المنصة بالتصفيقات والزغاريد، ولم يتأخر في إطلاق العنان لحنجرته رغم تقدمه في السن (80 سنة). وبدأ الحفل بأغنيته الشهيرة "أراو الجزاير" وهي أغنية وطنية يتغنى فيها بأبناء الجزائر ويدعو فيها للوحدة والأخوة، وفضل آكلي يحياتن أن يحتفل بالذكرى الواحدة والخمسين لعيد الاستقلال والشباب بأداء استخبار ميز بعنوان "ألعلام" وجاء على شكل حوار بينه وبين العلم الوطني، ويستحضر آلامه الداخلية حول دماء الشهداء الذين ضحوا من أجل نيل الحرية واسترجاع السيادة الوطنية. وفضّل آكلي يحياتن بعد أدائه عشر أغانٍ دون توقف الاستراحة لمدة ربع ساعة، ليخلفه الفنان أحسن آث زعيم الذي أدى أغنية تراثية وثورية للفنان فريد أعلي بعنوان "أياما أصبر أورتسرو" بمعنى "يا أمي اصبري ولا تبكين". وكانت عودة الدا واكلي إلى المنصة فرصة للجمهور للعودة إلى الرقص على وقع مجموعة من الأغاني مثل "ثامورث إذورار" و«الفراق" تبعتها أغاني "الله الله" و«أدينيغ أوال فهميث". من جهته، نجح الفنان العائد بقوة إلى الساحة الفنية، رابح عصما، في صنع أجواء مليئة بالرقص والفرحة في حفل غنائي ساهر بقاعة مولود معمري، وأثبت أن الجمهور القبائلي لا يزال متعلقا به كثيرا، إذ لم تتسع القاعة للكم الهائل من المتوافدين، فاضطر الكثير من جمهوره وسيما العائلات العودة أدراجهم، بينما فضل آخرون متابعة الحفل عبر الشاشة الكبيرة التي نصبت بساحة القاعة.