أظهر عبان رمضان، طيلة أيام مؤتمر الصومام 1956، "شدة" في التعامل مع بقية رفاق السلاح، وبالغ في "محاسبة" عميروش و زيغود يوسف على مبادراتهم الشخصية في دفع عجلة الكفاح. هذا ما أكده المجاهد عبد الحفيظ أمقران، في ندوة تاريخية بالمدرسة العليا للشرطة بالابيار أمس، التي تناولت ذكرى يوم المجاهد المصادف ل 20 أوت من كل عام. شكلت هجومات الشمال القسنطيني 1955 إحدى النقاط المتطرق إليها في اجتماع الصومام 1956، برئاسة ديدوش مراد ومشاركة عدد من المجاهدين والقادة، الذين استغربوا سلوك عبان رمضان، المنسق العام للمؤتمر، حيال بعض الأسماء الثورية، حسب تصريح عبد الحفيظ أمقران، مجاهد ووزير الشؤون الدينية الأسبق، في ندوة نظمت بالتعاون مع جميعة "مشعل الشهيد"، إذ قال: "كان عبان رمضان شديدا مع بعض القادة لأنهم قاموا بعمليات عنيفة أودت بحياة الآلاف من الجزائريين الأبرياء"، في إشارة منه إلى مجموعة من العمليات، على غرار هجموم الشمال القسنطيني الذي هندس له زيغود يوسف، وحضر له مع عناصر منطقته: "عبان أراد محاسبة زيغود يوسف على ذلك الهجوم"، يؤكد أمقران ليضيف: "كما همّ بمحاسبة عميروش على ما سُمي يومها بالليلة الحمراء في وادي الصومام، وكذا محاسبة أوعمران على عملية سكامودي بجبل بوزڤزة"، حيث أثيرت هذه الملفات - حسب المتحدث - في جو مشحون كاد يفقد توازنه ويخلط بعض الأوراق المرتبة من أجل هذا اللقاء التنظيمي:«في نهاية الأمر تدخل العربي بن مهيدي ليضع حدا لذلك السجال، واعتبر أن كل عملية من العمليات المنظمة من قبل هؤلاء لها شرف المبادرة إلى فعل يخدم الثورة، وقال لعبان أن أي خطوة تحتمل الخطأ كما الصواب رغم أنها نالت من أرواح الكثير"، وطلب من الزعيم عبان أن يحسب مبادرات عميروش وزيغود في ميزان "الاجتهاد". وخلص أمقران إلى القول: "هكذا أسكت عبان وطوي الملف"، في عز اجتماع تاريخي احتضنته قمة الصومام. لم يسجل الوزير الأسبق أي شائبة في حيثيات التحضير لاجتماع القادة، واعتبره "مؤتمرا ناجحا 100 %". حضرت فيه الولاية الثانية ممثلة في بن طوبال ومزهودي وعلي كافي، والولاية الأولى والثالثة وعلى رأسها كريم بلقاسم ومحندي السعيد (العقيد سي ناصر). ونوه المجاهد بدور عميروش ولجنته التنظيمية لاستقبال الوفود طيلة 11 يوما. اعترف المجاهد محمد صالح بوسلامة، أحد الشخصيات الفاعلة في الشمال القسنطيني، بوجود "أخطاء" تقديرية في تنظيم هجومات 20 أوت 55، خاصة عندما قرر زيغود يوسف بدءها في عز الظهر: "لقد فكر زيغود في حدث كبير يحقق أهدافا جهوية ووطنية ودولية، وأراد أن يعبر عن تضامنه مع محمد الخامس والشعب المغربي، كما أراد أن يبرهن على أن العملية يقودها الشعب برمته في وضح النهار، وبالتالي فهي ليست عملية فلاڤة أوخارجين عن القانون". وعن اللوم الشديد اللهجة الذي أثاره عبان، قال بوسلامة: "لو لم يخض الشعب العملية لما وفق القادة في تحقيق هدفهم"، مضيفا: "صحيح قد تكون في هجومات 20 أوت 55 نقائص وأخطاء إلا أنها عملية أنجزت ميدانيا وقعها رجال عايشوا الحدث بالفعل، وليس زورا أوادعاء، مثل آخرين، وأذكر بن عودة الذي كان نائما ساعتها في منطقته".