لم يعد لدى قادة الإخوان الذين يصرون على دفع جماعتهم في طريق العنف والؤرهاب أوراقا مؤثرة في الوضع العام، ولذلك حاولوا استغلال قرار محكمة الجنح المستأنفة بإخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسني مبارك مع استمرار محاكمته لترويج أحد أكبر الأكاذيب السياسية في مصر المعاصرة وهي أكذوبة التعارض بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو. فقد بدا القرار القضائي كما لو أنه طوق نجاة لمن قادوا سفينتهم إلى الغرق، فسعوا إلى استغلال حماس بعض الشباب الناقم على مبارك وذهبوا إلى أبعد مدى في مسلسل الأكاذيب التي أدمنوها عندما حاولوا الربط بين ثورة الشعب على سلطتهم وقرار إخلاء سبيله رغم أن الإدارة الانتقالية المنبثقة عن هذه الثورة أسرعت إلى وضعه تحت الإقامة الجبرية. ولكن وعي المصريين وحسهم الوطني الرفيع كفيلان بإحباط هذه المحاولة ومنع الوقيعة المستهدفة بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو، حتى إذا كان قليل من النشطاء وقعوا في حبائلها. فلا يدرك قادة الإخوان الذين سعوا إلى هذه الوقيعة مدى وعي أغلبية المصريين الساحقة بأن المعركة الحقيقية الكبرى اليوم هي بينهم وبين الإرهاب الذي يهدد حياتهم ومستقبل أبنائهم. كما لايدرك هؤلاء الذين يقودون أعمال الإرهاب أنهم باتوا مكشوفين بعد تجربة شديدة المرارة معهم أنهم لا ينطقون إلا عن الهوي في الأغلب الأعم. ولذلك لا يصدقهم حتى من يلتبس عليهم الأمر في ظروف معقدة لا يمكن أن تخلو مما يثير الالتباس. ومن الصعب والحال هكذا أن تتمكن دعاية الإخوان من إعادة استغلال لعنة مبارك التي نجحوا في استخدامها جيدا خلال فترة حكمه وأعدوا عدتهم لملء أي فراغ يحدث بعد، فلولا سياسة مبارك التي كانت لعنة على المصريين لما نجحوا في الاستيلاء على ثورة 25 يناير وسعوا إلى الاستحواذ على مصر كلها. ولكن المصريين يعرفون الآن جيدا أن لعنة مبارك لا يمكن أن تعود، ولذلك لا يشغلهم إلا إحباط بقايا لعنة الإخوان التي مازالت تهدد أمنهم واستقرارهم وانطلاقهم إلى مستقبل متحرر من اللعنتين اللتين تمثل كل منهما الوجه الثاني للأخرى، بل ربما يجوز اعتبارهما لعنة واحدة تتطهر مصر منها الآن. صحيفة "الأهرام المصرية"