هناك جملة أسباب تجعل جماهير شعبنا تتسابق باندفاع ورغبة قوية لمشاهدة ومتابعة مباراة منتخبنا الكروي، خاصة إذا كانت المباراة دولية، بما في ذلك كأس العالم. وتأتي العوامل والأسباب النفسية والاجتماعية في المقدمة نظرا لحاجة الإنسان الجزائري بشكل خاص إلى الراحة النفسية والذهنية للخروج من ضغط الحياة وانعكاسات الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة عليه. إن كرة القدم غنية بالأحداث والانفعالات وإيعازات الترقب والتوتر.. التي تزيح عن الجهاز العصبي انشغاله اليومي بالهموم والمشكلات، وخلال المباراة يتابع الجماهير برغبة شديدة وباندفاع وتشجيع وحماس قوي وبانفعال متزايد للأداء الفني الممتع للاعبين والنجوم، وهذا مما يساعد على تغيير نمطه اليومي. من جانب آخر، تعد كرة القدم من الوسائل الاجتماعية المهمة لمد جسور العلاقات والصداقات والتعاون ونشر القيم الأخلاقية والاجتماعية والانسانية والحضارية، لأنها تقرب الثقافات وتقوي الروح الرياضية العالية بين الرياضين وعامة الناس. ولا ننسى أن كرة القدم الجزائرية أمام تحديات كبيرة وشاقة، في ظل الاستحقاقات التنافسية العربية والإفريقية والعالمية، وأن توفير الدعم المادي والرعاية من أجل تحقيق المزيد من الانجازات شيء في غاية الاهمية، بل إنها مهمة وطنية ومسؤولية مشتركة.. فهل يا ترى تبادر اللجنة الأولمبية والاتحاد المعني إلى التفاعل المطلوب؟ لقد بات من الضروري الاهتمام والمواكبة الإعلامية من قبل وسائل إعلامنا، وفي مقدمتها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، لمنتخبنا بشكل خاص وللفرق الرياضية عامة، خاصة بدعم المراسلين والصحفيين والمذيعين ماديا ومعنويا للمشاركة الفعالة في الدورات والبطولات الرياضية الدولية، وعلى إعلامنا وصحافتنا بجميع أشكالها القيام بحملة إعلامية مكثفة لتعزيز المساعي الرامية إلى توفير الدعم والرعاية لفرق الناشئين والشباب. والسؤال المطروح.. هل سيتبع إعلامنا هذا النهج وصولا للأهداف المطلوبة؟ نأمل من الإخوة الإعلامين والصحفيين والمراسلين الاهتمام بجيل الأطفال والشباب المدرسي والجامعي من الموهوبين، والقيام بزيارات متواصلة ومستمرة لمدارسهم وكلياتهم ومراكز تدريبهم، وتقديم كل الدعم والتشجيع لهم ولمدربيهم، ولا يجوز - ولا يقبل - مطلقا إغفالهم أوالابتعاد عنهم، لأنهم يشكلون أساس بناء الألعاب الرياضية الفردية والجماعية، خاصة كرة القدم في جزائرنا الحبيبة. كما يجب الاهتمام بشكل خاص بتربية أبنائنا وتوثيق علاقتهم بوطنهم بطريقة صحية منذ نعومة أظفارهم، لكن يبقى السؤال المهم هو كيف تكون تلك التربية؟ تربية الأبناء على حب الوطن لا تعني إلقاء معلومات نظرية فقط، فنقول لهم أحبوا وطنكم عبر شعارات، دون أن يكون لهذه التربية تطبيق عملي في الواقع، لأن التربية ليست معلومات نظرية فقط تلقى على الطفل، بل لابد أن تصاحب ذلك ممارسة حقيقية في حياة الطفل حتى يتعود عليه ويبقى ما تعلمه راسخا في ذهنه دائما، ولهذا كان غرس حب الوطن في نفوس الأبناء من بنين وبنات، يتطلب تربيتهم تربية عملية على ذلك، وهذا يدفع إلى التساؤل عن كيفية هذه التربية العملية؟ ندرك أن الخضر مؤمنون بأن حب الوطن أغلى وأسمى من كل ما في الأرض، وأن الطريق الى التأهل ليس مفروشا بالورود، وإنما بشحذ الهمم صوب هدف واحد هو تحقيق إنجاز جديد للكرة الجزائرية من أوسع أبوابها بتأهلهم إلى مونديال البرازيل.