أكد الدكتور رشيد بن مالك وذلك على هامش الندوة الدولية "اللسانيات والرياضيات" المنعقدة بمركز البحث العلمي والتقني، بأن اللغة العربية ليست بمنأى عن العلم وهذا ما تهدف له مثل هذه الندوة التي أطرها ثلة من خبراء اللغة واللسان الجزائريين والعالميين ومنهم الدكتور مصطفى حركات وجمال بلعربي.. والبروفيسور فرديريك ستيارنفلت من جامعة كوبنهاغن، أين قدموا مداخلات إمتزج فيها الحرف بالعدد والخطاطات البيانية في علاقة دلالية منسجمة وتكاملية... أستاذ رشيد بن مالك، ماهو الهدف من القيام بهذه الندوة الدولية الموسومة باللسانيات والرياضيات؟ الهدف الرئيسي لعقد هذه الندوة، هو ترقية اللغة العربية العلمية في جميع المجالات والتخصصات التي يضطلع بها المركز في علم أمراض الكلام وتعليميات اللغة العربية وصناعة المعاجم والسيميائيات والمعالجة الآلية للكلام واللغة عموما واللغة العربية على وجه التحديد، وضمن هذا الإطار، فكرنا مليا في تنظيم ندوة دولية مقترنة بإشكالية اللسانيات والرياضيات وكيف يمكن أن يستفيد الباحث من تسخير المبادئ الرياضية في فهم الآلية التي تحكم اللغة العربية على وجه الخصوص واللغة عموما، والهدف أيضا هو إشراك الباحثين وحملهم على الإنخراط في رؤية علمية ترقى باللغة العربية وتطورها في جميع المجالات المعرفية والحياتية. إذا لا بد من تسخير الأطروحات العلمية وربط اللغة العربية بها، لكن لماذا الرياضيات بالتحديد؟ أرى بأن الخطاب العلمي يذهب الآن إلى منطق يحكم نظرتنا للأشياء، وهذه النظرة هي المنظور الذي من خلاله نسعى إلى فهم العلاقات التي نحتكم إليها في فهم كل غاية لغوية كانت أو إجتماعية، فهي تسهم في تطوير اللغة العربية ومدها بالأدوات المنهجية اللازمة بهذه الطريقة، نقدم مفاهيم جديدة وفعلية للغة العربية. يشهد العالم الآن وتيرة متسارعة من التطور العلمي والتكنولوجي المذهل، ماذا يجب على اللغة العربية لمواكبة هذا التطور وعدم البقاء على هامش الحضارة علميا وثقافيا؟ من الملاحظ أن العلم يتطور بشكل كبير، وحتى نعبر عن هذا التطور ينبغي للغتنا أن تواكبه وذلك بترجمة كل المصطلحات العلمية إلى اللغة العربية، فمثلا الطهطاوي عندما زار باريس استطاع أن يعايش عن كثب التطور في الغرب وفي جميع المجالات، ولما عاد من سفره لم يجد الكلمات المناسبة لنقل ما شاهد ورأى هناك، لذا، الحاجة ماسة إلى تحديث مصطلحات اللغة العربية وفقا للوضع الجديد وبالتالي ترقيتها إلى مصاف اللغات العالمية، وهو الهدف الذي تسعى من أجله هذه المخابر وتسطر هذه الأبحاث والندوات. تُسخّر الدول المتقدمة ميزانيات هائلة لتطوير لغتها وجعلها تواكب الحركية العلمية بتطوير وتكييف معاجمها وتوسيع استعمالات لغتها وفتحها على مختلف الآفاق، هل ترى بأن هناك دعم واحتواء في بلدنا لمثل هذه المبادرات من طرف الجهات المعنية؟ في الحقيقة، نحن لا نعاني من هذه الجهة نظرا للسمعة التي اكتسبها مخبرنا والجدية والفاعلية التي تطبع نشاطاته وأبحاثه، ووزارة التعليم العالي لا تتوانى في الدعم والإسهام في إنجاح هذه المبادرات العلمية الهادفة، لذا أنوه بجهود وزير التعليم العالي والبحث العلمي وأمينه العام وأثمن رعايتهما لإنجاح هذه المبادرات ودعمهما بمختلف الإمكانيات ماديا ومعنويا، خدمة للمركز والباحثين واللغة العربية التي لا تزال تحتاج للكثير من الدعم والبحث. ما هو تقييمكم في الأخير لحركية البحث العلمي على المستوى الوطني والعربي لتطوير اللغة العربية؟ هناك جهود ومبادرات تبذل هنا وهناك وبشكل مستمر، لكنها لم ترق إلى أن تنخرط في مشروع بحثي جماعي، لخدمة اللغة العربية ورفعها إلى مصاف اللغات في العالم، ولما لا، لأن في لغتنا من الخصائص والمؤهلات والثراء ما يسمح لها بذلك، لذا لا بد من رؤية مشتركة وهادفة لإشراك اللغة العربية في صناعة العلم، فاللغة والعلم متلازمان يكمل ويدعم كل منها الآخر.