بالرغم من الحلمة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها الإخوان المسلمون والسلفيون، نتيجة لإقحامهم للدين في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، خلال فترة حكم "المجلس العسكري الأول " او فترة مرسي، وبالرغم من تراجع استخدام الدين بعد احداث الثالث من جويلية 2013، التي أطاحت بمحمد مرسي، فإن الخطاب الديني عاد من جديد في الانتخابات الرئاسية الحالية وذلك لإقناع الناخبين بانتخاب مرشح بعينه دون الآخر. فقد قال نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي بأن دعم حزب النور السلفي للمشير عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية جاء حفاظاً على الدين. كما أن بعض قساوسة الكنيسة القبطية يدعون إلى انتخاب السيسي بأسم المسيح. وعلى النقيض، دعا الداعية الشيخ يوسف القرضاوي المصريين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وهي الفتوى التي أثارت الجدل من جديد حول توظيف الدين في السياسة. ومن الواضح أن الأمر لم يستوقف عند المؤسسات والشخصيات الدينية بل تعدى ذلك الى المرشحين، حيث تعمد المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي - بالذات- الى استخدام الخطاب الديني أكثر من مرة في لقاءاته. حسبما لاحظت مؤسسة "دوشيه فيلي" الألمانية التي رصدت ذلك الاستخدام المكثف للدين من قبل المشير السابق . وفي تحليله لهذا التوظيف الخطابي للدين في المعارك الانتخابية - في عصر ما بعد الإخوان- يرى فؤاد السعيد، الخبير في علم الاجتماع السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، أن تصريحات الشيخ السلفي ياسر برهامي ب "الطبيعية"، باعتبارها تعبر عن وجهة نظره الشخصية دون مبالغة. ولكنه أعتبر تصريحات القرضاوي بأنها لا تقدم جديدا، لأن المراجع الدينية كانت تستخدم سلطاتها الروحية تجاه تابعيها، من أجل دعم موقف سياسي. والجديد، وفقاً للسعيد، هو استخدام الدين بطرق مختلفة، واستدل بذلك على التسريبات المسجلة للمشير السيسي، الذي "تحدث فيها عن رؤى وأحلام تشير إلى أنه سيحكم مصر". حسب السعيد، الذي أعتبره، عامل روحي قد يختلط بالخرافة، ولكن له تأثير على قطاع من الكتلة التصويتية في مصر. ورأى أن الأمر قد يكون متعمدا - أي التسريب- . يرى السعيد أن "تسريب مثل هذه الرؤى في منامه، يهدف إلى مخاطبة فئة معينة مترددة في المشاركة في الانتخابات، وكانت بحاجة إلى إعطائها المبررات الروحية، من أجل تدعيم قرارها تجاه التصويت للسيسي". ويشدَد السعيد على فكرة التحول في استخدام الخطاب الديني، من فكرة أن صوتك يعني صوتك للدين الإسلامي، مثلما كان يستخدمه جماعة الإخوان المسلمين، إلى مغازلة عواطف لا تتعلق بالمشروع الإسلامي. بل بالجانب الروحي في الشخصية المصرية . وكل ذلك، وفقاً للسعيد، يعطي مؤشراً على أن الحقبة القادمة لن تتجه إلى مفهوم الدولة العلمانية أو المدنية الحديثة، ولكن ستظل الدولة المصرية مثيرة للعقل الديني، كما كانت إبان الرئيس عبد الناصر والسادات. بالرغم من التصريحات التي أدلى بها أحد زعماء حزب النور (ياسر برهامي) حول السيسي وان انتخابه انتصار للدين، فإن نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالحزب، يجئ الصافي سعد الله، ينفي ان يكون الحزب يعتبر السيسي "خليفة للمسلمين" . بل يؤكد ان اختيار السيسي خضع لعدة استحقاقات داخل الحزب، وكان يمكن دعم اي مرشح اخر، ويضيف "المفترض ألا نبالغ عند تقييم الأشخاص في مسألة البعد الديني، لأن الرئيس ليس خليفة للمسلمين كي نضع عليه شروط لا تتواجد إلا في خليفة المسلمين". واستغرب سعدالله من تصريحات القرضاوي، وتساءل ماذا بعد تحريم المشاركة في الانتخابات؟ هل ستستمر مصر دون رئيس، هل يرغبون في تقسيم مصر؟، وأضاف : "حزب النور له نظرة للرئيس الديني تختلف عن جماعة الإخوان المسلمين، وهي أنه ليس إمام كما روّج الإخوان لمرسي، ولكن كل ما نريده كحد أدنى من الرئيس المقبل هو الصلاة" .. وتابع" من حقنا أن يكون لدينا رئيس مسلم يصلي". ولا يعتبر ذلك خلطا بين الانتخابات الرئاسية والدين. وأردف "نحن لا نكفر السيسي مثل الإخوان المسلمين ولا نقول إنه إمام المسلمين مثلما تقول الطرق الصوفية". ولا أحد ينكر أن السيسي لديه نزعة من التديّن، فالإخوان المسلمون هم من قالوا ذلك وأكدوه، إنه متدين ويصلي، ولكنه تحول "لديهم إلى شيطان"، بعد ان فقدوا السلطة ! من جانبه يرى الدكتور جورج فهمي، باحث بمنتدى البدائل العربي للدراسات، أن استخدام بعض الفاعلين الدينيين، المسلمين أو المسيحيين، للدين بهدف دعم موقف أو مرشح ليس أمرا جديدا. وأضاف "الكنيسة القبطية لطالما دعمت نظام مبارك في السابق، كذلك الحال بالنسبة للدعوة السلفية التي استخدمت الدين لدعم موقف سياسي". لكن الملاحظ يضيف " ان المؤسسات الدينية ظلت ملتزمة بدعم المرشح الأقوى او مرشح السلطة . واعتبر فهمي أن تدخل الأطراف الدينية في العملية السياسية يمثل خطورة على مستقبل التحول الديمقراطي في مصر. ويفسر ذلك بالقول" لأنها تجعل من الصراع السياسي صراعاً دينياً، ما يزيد من حدة الاحتقان والاستقطاب بين أطياف المجتمع". وتابع "الدين والفاعلين الدينيين يجب أن يظلوا بعيدين عن الصراعات السياسية، والتي يجب أن تحسمها فقط الآليات السياسية كالانتخابات وليس الفتاوى". أوضحت احصائيات قام بها عدد من الباحثين من كلية الاعلام بجامعة القاهرة، أن توظيف الخطاب الديني في المعركة الانتخابية الحالية اقتصر غالبا على المرشح عبد الفتاح السيسي، سواء في دعم المؤسسات الدينية الرئيسية له، كالكنيسة القبطية وبعض كبار الأزهر، وأحزاب التيار الديني السلفي، والجماعات الصوفية أو في توظيفه شخصيا للخطاب الديني في حملته الانتخابية . وترى الدكتورة هويدا مصطفى ( أستاذة الاعلام بجامعة القاهرة) ان توظيف الدين سيمثل مشكلة كبيرة، بسبب حظر اللجنة العليا للانتخابات استخدام الشعارات الدينية، إذ تقول "الإكثار في هذا الخطاب له مخاطره، لأننا عانينا الفترة السابقة من فكرة خلط الدين بالسياسة. وكل خطوة سياسية تتخذها الدولة تكون مغلفة بغلاف ديني. وترى أن القرضاوي يسعى لاستخدام الدين في السياسة، مثلما استخدمه في استفتاء مارس 2011. لكن مدى تأثيره سيكون ضعيفاً لأن الناس أصبحت أكثر وعياً. وتعتبر مصطفى أن ما يقوم به الإعلام والجرائد الخاصة من توظيف للدين لصالح مرشح، غير مقبول. وتشرح ذلك بالقول"هناك تجاوز لمعايير الأداء الإعلامي والتغطية الإعلامية، بسبب تحيزهم السياسي، والذي يجعلهم لا يلتزمون بهذه الضوابط". قال محمد الأمين ولد جويج، رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي لمتابعة الانتخابات الرئاسية المصرية، وجود ترتيبات لاسترجاع مصر مكانتها في الاتحاد الأفريقي عقب الانتخابات، معربا عن أمله أن تسير الأمور في هذا الاتجاه. وقال الأمين، في تصريحات للمحررين الدبلوماسيين عقب لقائه وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، الأحد، إن بعثة الاتحاد الأفريقي لمست التجاوب والتسهيلات الضرورية التي وفرتها السلطات المصرية لمزاولة عملها، موضحا أن البعثة لم تواجه أي صعوبات، وتنتظر العمل الفعلي يومى الاثنين والثلاثاء. وأضاف الأمين أن البعثة ستعقد مؤتمرا صحفيا، الأربعاء المقبل، في أحد فنادق القاهرة، تعرض فيه الملاحظات الأولية حول الانتخابات ومجريات العملية الانتخابية، مشيرا إلى أن تقريرها النهائي عن الانتخابات سيكون في غضون شهرين من انتهاء الاقتراع. وعن النتائج المرجوة من مهمة البعثة في مصر، قال إنها تتمثل في انتخاب الشعب المصري رئيسا للخروج من هذه المرحلة الانتقالية، معربا عن تطلعه لأن تستعيد مصر مكانتها الطبيعية في الاتحاد الأفريقي، وقال: «هذا ما نتوقعه بعد نتيجة الاقتراع». وحول إذا ما كانت شفافية ونزاهة الانتخابات ستعجل باستعادة مصر ممارسة أنشطتها في الاتحاد الأفريقي، أوضح: «بطبيعة الحال، فالانتخابات التي ستتم ستتبعها ترتيبات لاسترجاع مصر مكانتها في الاتحاد الأفريقي».