بقول الله عزّ و جل "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ" (الآية 34 سورة الأعراف). لاحظوا الطبيعة، ستكتشفون حقيقة نظام الخلق "فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ" (الآية 3 و4 سورة المالك). يقال أنه لا ينبت أي شيء تحت الصنوبر، رغم أن البلوط يساعد على نمو الترفاس الأكثر طلبا، في الحقيقة البلوط يحمي هذه النبتة الغريبة لأنها تمده بشيء حيوي، هناك نوع من التبادل المربح بينهما، أي أن هناك تكافل، و هناك باقي النباتات كاللفت، و الجزر، و خضروات أخرى التي نستعملها في الكسكس (خضرة فوق طعام كما يقول المثل الشعبي) و كذالك اليقطينة ( كابويه)، كبيرة أو صغيرة، و الهليون الذي قليلا مانعرفه و الذي بدأ في الإنتشار أو قد إنتشر. و هناك أنواع أخرى من الأشجار التي تستطيع النمو على كل المستويات، حسب ما قال الحاج قويدر العرباوي (1884-1994) أحد علماء أولاد سيدي نائل، دفين المدينةالمنورة و هو بطل كتاب "الشاهد الأخير للخيمة الحمراء"، هذه الشجرة نسميها "الحرية"، نبتة صعبة، داخلية، تفضل ظل السجون، و التي غالبا ما نسقيها بالدماء، و التي تمنح فاكهة طيبة، لطيفة، عندما ننهشها بأسناننا، نحس بطيبة العيش و متعة الحياة. ولكن عند سوء سقيها أو إهمالها يمكن أن تعطي فاكهة مرة أو ورود ذات رؤوس وحشية أو شيطانية مما يجب تقليمها و زبرها. و يوجد كذالك البذور السيئة، و الأعشاب الضارة والتي إضافة لعدم جدواها تمتص هواءنا و مدخراتنا و تجعل النباتات المفيدة التي تعطي أكثر للآخرين، في خطر. على هذا الأساس لابد وضع النباتات المناسبة في مكانها المناسب. و إذا أردتم وضع الهندباء "النجم" و شريط حشيشة السعال "فقوس الحمير" في أواني "أُصُص" مختلفة الأشكال و بترتيب مختلف، كأواني الغرف "المِبولة"، وأواني الشراب "الرشوة"، و أواني أو أُصُص الورود، و بكل تأكيد ليس بالمستفيد الذي يجب أن يحتوي على شيء آخر و الذي يجب أن يكون جد محترم، فقط في "المرجة" يتشابهون كثيرا ... و يوجد كذلك في الطبيعة، الطيور الجارحة التي تجتمع لتمزيق الجيفة، مثل النسور، لكن يوجد كذالك الصقور و الباز حيث يصطادون فُرادى، وتشمئز من أكل فريستها ميتة. يلزمهم الدم الدافئ، إنها متعة النُبل الخالصة التي تميّزهم. كبعض الأصناف من الرجال، و هناك "من حتمية طبيعتهم الإنسانية" ضعفاء، لا يستطيعون محاربة ميولاتهم الحقيرة، حيث يأكلون من لحم أخوانهم وهناك من هم مترفّعين من طبعهم، فسموا إلى العلى حتى أصبحوا ربانيين. و هناك من بجهلهم أو من نذالتهم، يخصون فحولهم. وهناك من لا شيء يبنون إمبراطوريات، و هناك من يرثون إمبراطوريات عظمى، يهدمونها و يسقطون في غياهب نسيان التاريخ. و هناك من يذكرون آبائهم و يجعلون لهم تاريخ كبير. و هناك من لهم آباء عظماء يهملونهم و ينسونهم. و هناك من لهم "الحرمة"، يعني الذين يرفعون إخوانهم، و يحترمونهم و هناك من يجهل ما هي. و منهم من يُبجلّون كبارهم و يبنون لهم مقامات و منهم من يقلصون رجالهم و يدفنوهم أحياء. و منهم من يصطاد في الماء العكر و منهم من يسكن في بيوت من زجاج، و قريب من البهيمية، و من عندهم الشجاعة و الإقبال (كالأسد و النمير)، و هناك من هم جبناء و منافقين كالدجاج و الثعالب. أين نحن من كل هذا؟، أنا متردد في قرار التصنيف العشوائي، المهم لنعلم أن هناك سُلم نعرف به الرجال، وتطلعنا هو الرقي إلى المكانة التي ننشدها. والحافز الساحر للوصول إلى قمم العقل يمر عبر إرادة التغيير، فهل قمتُ بالإختيار؟. علي بن الطاهر، (1864- ) الذي قدمت أطروحة على شعره في معهد الآداب بقسنطينة في 1920 (أقوال العرب في شمال إفريقيا و المغرب) حيث أن الشاعر "عبد الله بن كريو" عاصره وتأثر بشعره.و قد كان رجل سيف و شاعر كبير و من أقواله: هدينا من واد زاغز لا شفقى * و فكينا غرب العلق و المرارة خصلت فينا قالشهبة و الحمراء * وخصلت فينا قفرسات الغاره وداسر قومنا رعي الحمراء * نعت الطير لصاوب للحبارة ضربونا بريزيني طيب مشهورة * و على راس القوم داير خرارة وفكينا غرب العلق و المرارة لنتكلم عن نظام التربية الذي يجب إدماج ملحمتنا لإستقلال هذا الوطن الغالي من ركود التخلف و التبعية. لأن هذا يقلل من مجهوداتنا ويقضي على نشاطنا و يحرمنا من عمائمنا. لنجعل رؤوسنا عارية، كما قالها أحد صقور أولاد سيدي نائل، صاحب كتاب "الراعي و الجنرال"، أقولها بقلم حاد لكتابة كلمات بدون ازدواجية، ما بين السطور، لتبيين الحقيقة التي تكشف عن مشاعرنا و صدقنا. الأركان الخفية للعُقد التاريخية لهذا الشعب، و التي هي كثيرة و التي شكلت ذاتنا بهذه الطريقة مناقضة للحقيقة... محمد بن الشريف كاتب عظيم و مادح الوطنية قبل أن يتفطنوا لها، لا يليق لأي أحد أن ينساه، كان من الواجب أن يُدرّس في الجامعات الجزائرية على نفس مستوى محمد ديب و مولود فرعون، ضُرب عنه صمتا مجرما بسببنا لأنه كان عظيما، هذا الرجل العظيم تكلم عن العمران و عن الأرستقراطية الجزائرية للبدو، و لكن من يتذكر أو من يريد أن يتذكر. أليس هذا إجحافا فاحشا منا؟. اليوم كي تكون جزائريا هو حمل إرث ثقيل، من معركة التحرر، و مبادئ ثورية، وتضحيات كثيرة باسم الإنسانية. كل شعوب العالم الكبيرة لهم عبقرية خاصة بهم، إنجازا يميزهم عن غيرهم، و يخصهم عن غيرهم. عبقريتنا نحن بعد مفخرة الرستميين، بنائين المدن، و التي تدوم منذ ألف عام، هي قيامنا بثورة كبيرة التي حررت جزء كبير من الإنسانية. جدير ب"تكفرناس" الذي هو وليد المنطقة، و الأمير عبد القادر الذي نطلب بشدة إرثهم المتواجد بدون شك في جيناتنا. تقولون عنا أننا من زناتة، ورثنا أراضيهم و دمهم و مع هذا نحمل الحضارة و نُبلنا و إنقاذنا يأتي من سيد الخلق نبينا محمد عليه الصلاة و السلام. اليوم نطالب و نعتز بأمازيغيتنا و نأكد بأنها أمازيغيتنا، و نطالب و نعتز أيضا بعروبتنا و بشرفنا، وإن كنا (مرابطين) لأن خيمة سيدي نائل واسعة الرحب و دائما مفتوحة لعابر السبيل. نُطعم الطعام للجائعين، و نُفشي السلام لمن نعرفه أو لا نعرفه. وهذا هو تزهدنا و تديننا هو أبسط من أن لا ندع اليتيم و نحضّ على طعام المسكين و لا نمنع أبدا الماعون و خاصة لا نرائي. هاته قاعدة بدون إستثناء لأبناء سيدي نائل. و لكن (محراثهم إلوح البر) يقول سيدي عبد الرحمن النعاس. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار. (*) عن مؤسسة سيدي نايل/ الأستاذ: عبد الرحمن شويحة ملاحظة: المقال ترجمة للموضوع الأصلي باللغة الفرنسية (الرابط من هنا)