قصة من قصص الدراما التي قد لا يتحملها ذوو القلوب الرهيفة، هي سيدة أرملة في سن 43... جدة لثلاثة أطفال و أم لخمسة ...بدأت قصة هذه السيدة عندما تزوجت مع رجل بسيط الدخل كان يعيش في سكن فوضوي كلفه حياته من شدة البرد تاركاً أرملة تعرضت لثماني عمليات جراحية ً ولأن ثقافتها محدودة جداُ لم تستطع شرح نوع تلك العمليات، فقط أنها كانت تعاني من ألم في الكبد، كما أنها تتابع علاجا عند طبيب نفسي ... تتابع الحديث عن قصتها و صوتها مشجون من شدة الحسرة على حالها و حال أولادها و تقف تارة لشرب الماء لأنها لا تطيق الحديث كثيراً، تحدثنا هذه السيدة بكثير من الألم بأنها وجدت نفسها مرغمة على تزويج ابنتها الكبرى "عمرها 24 سنة" و تحمد الله أنها وجدت لها زوجا يرعاها ، في حين أن أولادها الآخرون يعانون... و أول ما شتت حياتها و زادها صعوبة أن المرحوم تركها دون عقد زواج، فوجد كبار أولادها (البنت وابنيها يحي و محمد) في وضع لا يحسدون عليه... فيحيى وجد نفسه مسؤولا على عائلة، فلم يتردد في الإجتهاد و الكد لعمل أي شيئ يجده في طريقه، فكانت له طاولة يتاجر بها في سوق المدينة و طبعاً بشكل غير شرعي إلى أن جاء قرار توقيف التجارة اللا شرعية، و رغم الوعود لم يستفد من محل... و رغم الطعن لم يكلل طلبه بإجابة إلى يومنا هذا، وهو يتخبط في بطالة مزمنة مما زاد من عمق المأساة وتراكمت عليه الديون ولم يعد يطيق هذه العيشة و لا يرضى لأمه أن تكون مجبرة على التسول من أجل تأمين لقمة العيش لها و لأولادها. تتوقف مرة أخرى هذه الأم و صعوبة الحياة ظاهرة على وجهها... و تعود لمتابعة قصتها متحدثة ل "الجلفة إنفو" بأنه عند وفاة زوجها كانت في مستشفى "البليدة" لعسر ولادتها بإبنتها الصغرى، إذ أنها لم تحض بمجاورة زوجها في مأساته عند الموت، و رغم أنه تركها من دون مأوى ولا عقد زواج إلا أنه أحسن إليها ووقف بجانبها عند مرضها قبيل وفاته... ثم أن أهل الخير سارعوا بإعانتها و مساعدتها في الإجراءت القانونية لاستخراج دفتر العائلة و كذا لإقتناء سكن إجتماعي وتحقق حلم السكن الذي كانت ترى فيه خروجا من معاناة الحياة... و يوم كانت تتسول في المقبرة، تلقت خبر إدراج إسمها في قائمة السكن الإجتماعي...سرعان ما أدركت أنها لا تملك مال تسدده للسكن الجديد فأغمي عليها... و رأى المشهد رجل صالح مع زوجته تأثر بقصتها و كان مقبلا على الحج حينها، فتراجع عن حجه و قام بتسديد مبلغ السكن ، وزاد عن ذلك بعض الحاجيات الأساسية للبيت، أين كان له و لزوجته الفضل بأن عاشت العائلة سنتين لم يكن ينقصهم شيء، حيث يتردد الزوجان عليهم من حين لآخر لمساعدتهم و مواساتهم إلى أن قدر الله و رحل هذا الرجل الطيب إلى جوار ربه و رحلت زوجته لولاية أخرى بعد وفاته، فوجدت هذه العائلة نفسها مهددة مرة أخرى تواجه مصيرا مجهولا . محمد 17 سنة توقف عن الدراسة في الثالثة إبتدائي لأنه لم يكن يملك شهادة ميلاد، كما أن أمه كانت بحاجة اليه في التسول ليقف الى جانبها...عبد الله صاحب 13 سنة يدرس سنة أولى متوسط تحصل هذا الفصل على معدل 12 / 20 يعاني من ضلعه الأيمن و اضطر إلى الإستعانة بجهاز يساعده على البقاء بطريقة مستقيمة...أما الآن فإنه لا يستطيع إرتداء الجهاز، و بسببه أجريت له عملية جراحية عن الزائدة الدودية، و هو يجد صعوبات في المشي و الوقوف بطريقة مستقيمة ... أما زينب فهي من مواليد 2001 سنة ثالثة إبتدائي تزاول دراستها و تحصلت على معدل 05/20 ، قالت أن غياباتها العديدة هي بسبب مرض فقر الدم الحاد الذي تعاني منه...مما يلزمها تجنب العديد من الأغذية كالعجائن و المشروبات الغازية كما أنها في حاجة لتحاليل و فحوصات لتشخيص مرضها بصورة أدق. و رغم أن الأم تملك بطاقة إعاقة لها و لابنها عبد الله، بالإضافة لبطاقة أرملة، إلا أنها تتلقى من المديرية المعنية منحة الأرملة فقط و التي تقدر ب 3360 دج شهرياً ، حيث تم ابلاغها بأنه لا يمكنهما الإستفادة من منحة الإعاقة ... هذا باختصار بعض تفاصيل معاناة يومية لهذه الأسرة التي تعيش بين ظهرانينا...هذه العائلة في حاجة ماسة لحملة انسانية بكل الوسائل المتاحة لمساعدتها وانتشالها من دائرة الفقر وبراثن الحرمان...