تشهد العائلات القاطنة بالعمارة التابعة لأحد الخواص ب3 شارع محمد دوار بالحامة ببلدية بلوزداد، بالمكان المعروف ب»قيبرات« سابقا حالة من القلق والضغط، بسبب تخوفهم من خطر الطرد المحقّق من طرف ورثة صاحب العمارة الذي اشتراها عام 1975، وما زاد من الخوف الشديد للعائلات هو إمكانية المبيت في الشارع في حال عدم إيجاد البديل. الطرد بدأ منذ عشر سنوات تعود العمارة إلى أحد الخواص المرحوم معوش أحمد، وحسبما أكده السكان القاطنون بها، أنه عندما اشتراها كانوا يسكنون بالشقق، وبعد وفاة صاحب العمارة وتقاسم أبنائه الورثة بمقتضى عقد قسمة ودية بتاريخ 2007، بدأت حكاية الطرد التي تداهم العائلات المقيمة بالعمارة منذ 10 سنوات الواحدة تلوى الأخرى، حيث كان ورثة صاحب العمارة يقاضون سكان العمارة جماعيا، ما أدى إلى خسران القضية أربع مرات، إلى أن قام الورثة برفع القضايا على السكان كل واحد على حدة، حيث بادرت السيدة »م. زهية«، وهي أحد الورثة وبمجرد إقامتها في شقة بسطح العمارة، برفع دعوى الإخلاء بدون الإسكان، بعد أن تم طرد عائلتين أخرتين، حيث خرجت إحدى العائلات بشكل سلمي وهادئ من الشقة التي كانت تقطنها بعد تلقيها من المحكمة أمرا بالإخلاء، والعائلة الأخرى أخرجت للحي وبما أنها لا تمتلك غير تلك الشقة، قام هذا المواطن البسيط بنصب خيمة عند مدخل العمارة، والذي توفيت زوجته مؤخرا بسبب الضغوطات والأمراض جراء المبيت في الشارع. من مشكلة الضيق.. إلى الطرد تعاني العائلات المقيمة بالعمارة من الضيق الشديد للشقق خاصة بالنسبة للعائلات كبيرة العدد، حيث قامت عائلة بن بوكريطة باسم الأم محمد بوزيان بدرة أرملة شهيد والتي تعيش مع أسرة متكونة من 6 أفراد، رفقة ابنها يوسف وزوجته، وأبنائه الثلاثة عبد القادر، مروى، وفريال بشقة بالطابق الثالث شقة رقم 7 تتكون من غرفتين، مطبخ، حمام ومرحاض عام 1998 بوضع ملف لطلب سكن خاص بفئة المجاهدين وذوي الحقوق، إلا أنها لم تلق أي استفادة رغم حاجتهم الملحة له، كما قام الابن يوسف بوضع ملف آخر سنة 2005 لطلب السكن من جديد على مستوى الدائرة الحضرية لمحمد بلوزداد، ومع قيام اللجنة المكلفة بالتحقيق من طرف الدائرة الإدارية بحسين داي، وبحضور كل من رئيس البلدية محمد بلوزداد السيد أمحمد عقون الذين عاينوا وضعية السكن، ورغم علم مصالح البلدية بقرار الطرد المؤكد ومن الحالة الصعبة للعائلة التي سوف تبيت في العراء، إلا أنه وبعد إصدار قائمة المستفيدين من السكن لم يصدر اسم عائلة بن بوكريطة، نفس الشيء بالنسبة لعائلة خضراوي فاطمة أرملة المجاهد خضراوي أحمد المتكونة من 7 أفراد والقاطنة بالطابق الأول بشقة بمساحة 25.00 م، تتكون من غرفة واحدة، مطبخ، حمام ومرحاض حيث تعاني هده العائلة من الضيق الشديد ما جعلها تنقل المطبخ إلى الحمام الذي يسع لشخص واحد فقط، ليتحول بذلك المطبخ إلى شبه غرفة ضيقة ينام فيها أحد أبناء عائلة خضراوي، وهو السبب الذي منع الأبناء الأربعة لهذه العائلة من الزواج، ما جعل أحد أبناءها بالخروج من البيت والعمل بالولايات الغربية بسبب الضيق الشديد، حيث أكدت الحاجة فاطمة أنها هي من تقوم بزيارة ابنتيها المتزوجتين رغم كبر سنها، وتمنعهما من المجيء بسبب البيت الذي لا يسع إلا لشخصين فقط كما أكدت الحاجة أن زوجها قبل وفاته وضع ملف السكن بالبلدية مع حضور رئيس بلدية محمد بلوزداد إلى الشقة التي تقيم بها، للتأكد بنفسه من الحالة الصعبة التي تعاني منها العائلة ووعدهم بالصبر حتى إصدار قائمة المستفيدين لأفريل 2010، إلا أنهم لم يحضوا بأي سكن، وقد تعرضت هده العائلة هي الأخرى لطلب من المحكمة بإخلاء الشقة واستردادها لإسكان أحد ورثة صاحب العمارة من أجل زواجه وإقامته بها، حيث أصدروا ضد عائلة خضراوي وثيقة تنبية بالإخلاء دون إعادة الإسكان مع وجوب قيامهم بكل الإصلاحات الضرورية، وتسديد الإيجارات المستحقة، والقيام بجميع الالتزامات المترتبة عليهم. قرار الطرد الفجائي كان كالصاعقة على عائلة الشهيد كان قرار الطرد الذي فاجأ أرملة شهيد وعائلتها، من مسكنها الكائن بالعنوان رقم 03 شارع محمد دوار محمد ببلوزداد بالجزائر، باستخدام القانون كالصاعقة، حيث وجدت صعوبة معنوية كبيرة في تنفيذ قرار الطرد، كون الضحية مسنة ذات 76 سنة وأرملة شهيد، مؤكدة أنهم مستأجرين للشقة محل النزاع بصفة منتظمة منذ 1963 ويسدّدون الإيجار بصفة منتظمة، حيث تعرضوا لدعوى بإخلاء المسكن منذ 2007 كما ورد الحكم بالطرد الأكيد بمحكمة سيدي امحمد يوم 12 /05 / 2011، مضيفة أن قرار وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد الذي سخر القوة العمومية من أجل الطرد المبرمج بتاريخ 1 / 12 / 2011 كان قرارا مفاجئا وجد قاس على العائلة التي لا تمتلك أي مأوى آخر، وهو ما يؤدي بالعائلة إلى المبيت في الشارع والتشتت الأكيد، مما جعل العائلة ترفع دعوى استعجالية لوقف التنفيذ وفقا للمادة 631 ضد »م. زهية« إحدى الورثة، وما يليها من قانون الإجراءات والمادة 634، للسماح للمدعين بتدبر أمورهم خاصة وأننا في فصل الشتاء الممطر، ومنح فرصة لأبناء يوسف الذين يزاولون دراستهم بأطوار مختلفة، حيث أن الإان عبد القادر يدرس بالسنة أولى متوسط، والطفلة مروى ذات 8 سنوات بالثالثة ابتدائي، أما فريال،6 سنوات، فتدرس بالسنة أولى ابتدائي، وجميعهم يدرسون في مدرسة بالقرب من مقر سكناهم، الذين هم بصدد إجراء امتحانات الفصل الأول، وهو ما أثّر سلبا على صحة الجدة مع مراعاة أن العائلة لا تمتلك أي سكن آخر غير هذا الذي تقيم فيه منذ الاستقلال. كابوس المبيت في الشارع والدخول في دوامة المعاناة أول ما لاحظته "السياسي" بمجرد دخول شقق هذه العائلات المهدّدة بالطرد هو الجدران ذات اللون الأزرق الناتج عن الرطوبة الشديدة، حيث أكد لنا يوسف أنه رغم إعادة طلاء الشقة، إلا أن الرطوبة تعمل على إفساد الجدران، ما تسبب لهم بمختلف الأمراض خاصة الحساسية والأمراض الصدرية والضغط، وهو ما أكده لنا نفس المتحدثين سابقا، كما لم يتقبل الأب يوسف فكرة تشتت الشمل ووجوب إقامة العائلة بأكملها في العراء، وتعرض زوجته وأبنائه للحسرة والمهانة والمذلة التي تطاردهم، مما جعله في حالة عصبية شديدة مؤكدا أنه يتخوف من حالة عدم الاستقرار التي تمر بها الأسرة التي تؤثر بشكل سلبي جدّا عليهم، من أن يتعرضوا لمختلف أشكال الإنحراف نتيجة تواجدهم الدائم بالشارع بدءا من أبسط الأمثلة والمتمثلة في التدخين والإدمان على المخدرات والكحول، خاصة وأن ابنه في سن المراهقة ويسبق هذه الحالة تراجع مستواهم الدراسي وعزوفهم عن الالتحاق بالمدرسة خجلا من زملائهم والوضعية التي يعايشونها في الشارع، كما أثّرت هذه المشكلة التي لم تجد لها حلا على حالة أبنائه وأمه الكبيرة في السن، حيث أكدت ل»السياسي« أنهم تعبوا نفسيا هي وكل العائلة ما يجعل الإضطراب والقلق يصاحبهم بشكل يومي، فبمجرد توقف سيارة الشرطة بالحي، أو قرع الباب بطريقة ما تحبس كل العائلة أنفاسها ضانة أنهم قدموا لطردهم من الشقة، على غرار المصاريف التي يتحملون عناءها منذ بداية القضية، وقد أكدت لنا الحاجة فاطمة خضراوي أن كل أموالهم ذهبت في رفع القضايا حيث تقدّر تكلفة الواحدة ب35000 دج، وهي مصاريف وأعباء مخصصة لإنفاقها في الضروريات اليومية، كما أضاف »يوسف. ب« أنه منذ جانفي 2000 صرف أكثر من 20 مليون لحد الآن، وهو أمر يفوق قدرته المادية، حيث أن أجرته لا تتعدى ال2 مليون شهريا، مضيفا أن العريضة الاستعجالية الأخيرة التي رفعها من أجل تمديد مدة الخروج من الشقة قدرت بمليون دج. وقد أكد قاطنو العمارة بضرورة تحمل الدولة الجزائرية لكافة مسؤولياتها تجاه العائلات المطرودة لإعادة إسكانها في أقرب الآجال، وضرورة إنشاء خلايا تحقيق اجتماعي ومتابعة على مستوى المحاكم، وكذا التفكير في أماكن إيواء مؤقتة لهذه العائلات. رسالة استعجالية لفخامة الرئيس أكد المواطنون المقيمون بذات العمارة أنهم رغم الشكاوى والملفات المدفوعة للبلدية، إلا أنهم لم تلق أي صدى، كما لجأوا إلى الوالى المنتدب إلا أنهم لم يستقبلوا من طرفه، وانتهى المطاف بعائلة بن بوكريطة يوسف إلى إرسال رسالة استعجالية يناشد فيها فخامة رئيس الجمهورية بصفته القاضي الأول في البلاد، والاستغاثة به من أجل إنقاذ وضعيتهم وانتشالهم من المبيت المحتم في الشارع، بعد طردهم من البيت الذي أقاموا فيه أكثر من 50 سنة بالحامة، كما طالب بتدخل وزارة المجاهدين ومنظمة المجاهدين لإنصاف عائلتين من العوائل الثورية مما وصفه ب"الحڤرة"، إلا أنه لازال ينتظر الرد، حيث أكد القاطنون بالعمارة أن المشكلة ليست مع الورثة المطالبين بحقهم، بل مع السلطات المعنية ومصالح البلدية، وأن لديهم الحق في السكن المؤقت ولو بشاليهات إلى حين إصدار أسمائهم ضمن قائمة المستفيدين من السكن، وأضاف »محمد. خ«، الساكن بالطابق الأول "باعتبارنا مواطنين جزائريين، فالدولة هي من يجب أن توفر لنا الأمن وتعطينا حقنا". وللاستفسار عن هذه المشكلة التي أصبحت هاجسا لأصحاب العمارة المهدّدين بالمبيت في الشارع في حال عدم توفير مأوى يلجأون إليه، اتصلت »السياسي« مرارا وتكرارا بأمحمد عڤون، رئيس بلدية سيدي أمحمد، من أجل التدخل وإيجاد حل سريع، باعتبار البلدية مسؤولة عن سلامة المواطنين القاطنين بها، إلا أنه لم يرد على المكالمات لأسباب لا نعلمها، كما اتصلنا بالطيب الهواري، الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، عله ينقذ الأمر، باعتبار أن العائلات المهدّدة بالطرد هي من عائلات ثورية لشهداء ومجاهدين