استمعنا أول أمس إلى حصة بإذاعة الجلفة تمحورت حول تحليل نتائج بكالوريا 2009، وقد استضاف معدّوها مجموعة من المهتمين بالشأن التربوي بالولاية ... و إذ نشكر الإذاعة على اهتمامها، ونتمنى لها مزيدا من التألق والوقوف دائما مع قضايانا الهامة والتي تمس مستقبل الأجيال...يمكن أن نقسم أسباب الفشل "تدني النسب" التي بسطت كمبررات في هذه الندوة إلى أسباب حقيقية يمكن أن نجعل منها أرضية لعلاج مشكل نتائج الولاية، وأخرى متوهمة باعتبار أن الوطن كله يشترك في نفس الأسباب مع الفارق المعتبر في النتائج، وإذا بقينا نجترها كل موسم بهدف طي الصفحة السوداء المزعجة فسنظل نقلب صفحات كلها عاتمة... الأسباب المتوهمة "المشجب" : سميتها كذلك لأنها أسباب وهمية تشبه المشجب نعلق عليه كل كارثة تحل بنا وهي قائمة طويلة من المبررات جاهزة وصالحة لكل زمان ومكان رغم علمنا أن منحنى النتائج ثابت ومستمر في محور الزمن ويتراوح بين 18 % و25 % في أحسن الأحوال وإليكم الأسباب : - شساعة رقعة الولاية (أين نحن من أدرار وتمنراست، وبشار و....) - ولاية مليونية (أين نحن من سطيف وتيزي وزو و وهران و...) - عزوف التلاميذ عن الاهتمام بالدراسة نتيجة الأنترنت والبارابول (بشر من طينة خاصة...) - اللغات (وكأنها ولاية من قارة أخرى...) - الاكتظاظ (طبعا الجلفة نسبة نمو السكان بها ليست هي الأعلى...) هذه الأسباب وغيرها التي تشترك فيها الكثير من ولايات الوطن ولا نريد أن نجعل لولايتنا خصوصية متوهمة نضحك بها على أنفسنا ونضحك بها علينا العالم من حولنا، فالتلميذ في كل ربوع الوطن لديه بارابول ومهتم بالأنترنت - ويكثر خير الدولة اللتي أوصلتنا إلى هذا المستوى من الرفاهية – وأدخلت وسائل الاتصال الحديثة إلى كل بيت وقسم بحيث أصبحت وسائل هدم تحجب عن الدراسة و تسبب الرسوب والتسرب... وأعتقد أن اللغات ليست عائقا حقيقيا هي الأخرى لأن حتى أخذ الصفر في اللغة لا يحرم التلميذ من نيل الشهادة، إذا غضينا الطرف عن نتائج ثانويات كفيض البطمة وعين افقه التي لم تكن اللغة الأجنبية فيها غنيمة حرب في يوم من الأيام ورتبت قبل عاصمة الولاية التي بها أساتذة أكثر كفاءة وخبرة. هذه الفرضيات وغيرها يمكن هدمها كلها بل بالعكس يمكن أن تكون نقاط قوة داعمة لرفع نسبة النجاح وليس العكس... وعليه يجب الوقوف على التحليل الحقيقي إذا أردنا الوقوف عن الجري إلى الأمام خوفا من شبح وهمي بل بالعكس يجب التوقف والتصدي بشجاعة للغول "الساكن في أذهاننا" و القضاء عليه وليس مواصلة الجري حتى تتقطع أوصالنا، لذلك فإن التحليل المعقول يمكن أن يكون على النحو التالي : - المشكل في النسبة المتدنية من خلال نتائج بكالوريا 2009 يكمن في ثانويات عاصمة الولاية بالأخص، حيث نجد أن ترتيب أول ثانوية (أول نوفمبر) جاءت في المرتبة العاشرة، و الثانوية الثانية (مسعودي عطية) جاءت في المرتبة الخامسة عشر... مع العلم أن ثلث معدود المترشحين يتركز في عاصمة الولاية، فلو لقيت ثانويات عاصمة الولاية شيئا من الرقابة والصرامة والاهتمام لكانت النسبة أعلى بكثير... - تسيب الكثير من المديرين والأساتذة وعدم اهتمامهم بمصاحبة التلاميذ والرفع من مستواهم والتحلي بشيء من الرسالية بدل الخوف الزائد على المستقبل والراتب لأن المستقبل – التلاميذ والأبناء - نحن الذين نساهم اليوم في رسم صورة الغد له، واللي يلعب باولاد الناس يسلط عليه ربي اللي يلعب بمستقبل أولاده . - الاكتظاظ مشكل لكنه ليس عائقا بدليل أن متقن الجلفة لا يوجد به اكتظاظ بل بالعكس حتى نتوهم أشياء مجانبة للواقع مع الاعتراف أن هذه الثانوية بها نخبة لا بأس بها من الأساتذة... - انشغال بعض الأساتذة الأكفاء بالدروس الخاصة وعلى حساب أداء واجبهم المهني وتدعيم تلاميذهم من باب الإنسانية على الأقل. - الشبكات "الريزوات" المعتمدة في التزوير لصالح التلاميذ وانتظار الكثير من أبنائنا قرار من الأعلى للنفخ في النتائج قد لا يأتي، أملا في حلم بكالوريا 2007 التي ساهمنا فيها بطريقة أو بأخرى وأفسدنا طباع التلاميذ، أصحاب الشبكات معروفون لدى مصالح مديرية التربية ومنهم من ينتمي إلى السلك و له مدرسة خاصة لدروس الدعم، وفي نفس الوقت هي غطاء لعملية شراء الباك وأسعاره معروفة وفي كلتا الحالتين المكسب مضمون، ولا أحد يتحرك... - اللامبالاة والإهمال الذي تعاني منه جل الثانويات بحيث يسود تسيب فاضح وانضباط غائب كليا، و لا يشعر الداخل إلى حرم الثانويات بأي جو للدراسة أو التحضير لامتحانات مصيرية، فهناك أقسام امتحان نصف تعداد الأساتذة فيها يدرسون بنظام الاستخلاف أو العطل المرضية أو من غير أستاذ أصلا، ناهيك عن الرقابة الإدارية والبيداغوجية للمديرية التي تكاد تكون منعدمة، بحيث لا يشعر الأستاذ ولا المسير ولا التلميذ بأي سلطة أو أن هناك من يراقب تصرفاته و يحاسبه، فصار حتى النزهاء يعملون بالحد الأدنى من جهدهم وفقدوا الحس المهني لأن المرض إذا عم لا يترك الأخضر ولا اليابس. وعليه يمكن ذكر بعض النقاط التي ستساهم في تحسين المستوى للسنوات القادمة 01- عقد لقاء جامع لمديري الثانويات وعرض تجربة السيد مدير ثانوية عبد الحميد بن باديس التي أوصلت إلى تربع الثانوية على عرش النجاح بالجلفة لسنوات وهي تجربة تستحق الدراسة والتقليد بدون عقدة نقص ..... 02- عقد لقاء مع السيد مدير الشؤون الدينية وبعض الأئمة الرساليين النزهاء لتوعية الأولياء بشكل مستمر ودائم وفتح المساجد أمام الأساتذة لتقديم دروس دعم لأبناء الفقراء في مختلف أحياء الولاية وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة و مراقبة الأمر وتسطير أهداف لذلك ... 03- الصرامة مع كل المديرين وتكليف الأمين العام أو رئيس مصلحة التكوين التفتيش بملف متابعة الثانويات وخاصة بعاصمة الولاية بدل انشغال هذا الأخير بملف الإطعام والمطاعم والمقتصدين... كما يجب متابعة جلسات التنسيق داخل هذه الثانويات ومعالجة النقائص أول بأول ومن بداية السنة، فمتقن الجلفة مثلا ليس له عذر على الإطلاق في تحقيق هذه النتائج المهزلة . 04- ضبط عملية الارتقاء من سنة إلى أخرى وتوعية الأولياء بعدم الضغط على المؤسسات بهذا الموضوع وبأن الإعادة تفيد التلميذ في تحسين مستواه في الكثير من الأحيان . 05- إعادة كل أستاذ متفرغ إلى منصبه فنحن نعرف أن هناك أساتذة لغة فرنسية تم تفريغهم وترك التلاميذ فريسة الإستخلاف ... وللعلم فإن أحد الأساتذة المشاركين في ندوة إذاعة الجلفة متفرغ و قد كلف بمهام يمكن أن يقوم بها واحد من الجيوش الادارية المعطلة بقصد وبغير قصد .. 06- استنفار كل الطاقات المخلصة من المتقاعدين من عمال التربية لكي يساهموا بأفكارهم ومقترحاتهم لتحسين مستوى الولاية وإبعاد الأمر عن الاستقلال السياسي والإداري المحض لمثل هذه المبادرات . 07- إبعاد رئيس المصلحة المكلف بمصلحة التكوين والتوظيف، وحاليا تركه مدير التربية مكلفاً في مكانه... كأن الجلفة لم تنجب... وهو الباقي من الفرقة التي جاءت لإنقاذ الولاية فأغرقتها في الفساد والوحل وخرجوا بفضائح منها حتى الأخلاقية... 08- لابد من تدخل أعضاء المجلس الشعبي الوطني لدى وزير التربية في جلب شخصيه قوية لمديرية التربية وإبعاد ضغوط البزناسة من موظفي وزارة التربية وإعطاءه كافة الصلاحيات ولو باتباع المديرية إلى مصالح الرئاسة مباشرة... لأن الوزارة لها دور في الفساد، فالكثير من اللجان تأتي وتذهب محملة دون أي إجراء ... وفي الأخير لابد أن نتذكر جيدا نتائج بكالوريا 2007 أو النتائج الوهم التي أفسدت الأجيال واحتلينا المراتب الأولى بالتزوير وها نحن اليوم نجني الفساد في عقلية التلميذ والأستاذ...وما زال الكثير يميل إلى مثل هذه الحلول السهلة والتي سنجني منها الويلات والجامعة شاهدة على ذلك ... وكل عام والجلفة بخير وأفضل حال إن شاء الله .... .