سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس الحكومة الأسبق "أحمد بن بيتور" في حوار ل "الجلفة إنفو" : المنادون بالعهدة الرابعة ليسوا على دراية كافية بالخطر المحدق بالجزائر فيما أكد أن الحل الأمني لن يجدي نفعا في أحداث غرداية
أحمد بن بيتور يتطرق الدكتور "أحمد بن بيتور" في هذا الحوار الى مواضيع هامة تخص مستقبل الجزائر والأحداث الراهنة والانتخابات المرتقبة التي أبدى نية في الترشح لها وكذا قضية ترقية وترسيم الأمازيغية. كما يميط رئيس الحكومة الأسبق اللثام عن كثير من الحقائق التي رافقت المسؤوليات التي تولاها وآخرها رئاسته للحكومة في بداية عهد الرئيس الحالي ويتحدث للجريدة الإلكترونية "الجلفة إنفو" حصريا عن السنوات التي قضاها في الجلفة. نبدأ حوارنا من القنبلة التي فجّرها أمين عام الأفلان سعيداني بتصريحاته ضد الجنرال توفيق ؟ وأنا أبدا من حيث انتهى إليه وضع الدولة الجزائرية التي دخلت مرحلة التمييع، وقد طغت خمس عوامل من بينها تأسيس الجهل والركود لأن الإنسان كلما كان جاهلا كان غير قادر على العمل وكانت له فرص أكبر لكي يصل إلى أعلى هرم المسؤولية. ممكن توضيح أكثر لكلامك ؟ كلامي واضح في هذا الشأن، فالعديد ممن وصلوا اليوم إلى أعلى هرم السلطة لا يملكون المستوى الذي يؤهلهم إلى ذلك، وهو مؤشر بارز على الدولة المميّعة التي حذرت من الوصول إليها قبل سنوات. أما البقية فنذكر منها عبادة الأشخاص، وتعميم الفساد، واتخاذ قرارات عامة من قبل أشخاص بدل مؤسسات مؤهلة لذلك. والمؤشر الخامس هو تفتيت الأقطاب داخل السلطة، ومن العاملين الأول والأخير نستنبط إجابة لسؤالك وهو تأسيس الجهل والركود وتفتيت الأقطاب داخل النظام. والمفروض أن هذا الكلام لا يقال ولا مصلحة عامة تُرجى منه، لأن جهاز المخابرات كان يجب أن يبقى بعيد عن الرواج السياسي. هل نستنتج من كلامك أن الجزائر ليست محصّنة من أحداث تشابه الربيع العربي؟ نستطيع أن نتصور بأنه عندما يتواجد آلاف الشباب في العاصمة بدون أن يكون لهم برنامج سياسي مسبق، وبدون أن تكون لهم قيادة موحدة قادرة على ترحيل المسؤول الأول عن البلاد، لكن عدم وجود برنامج لن يسمح لهم بتكريس التغيير وهناك أمثلة شاهدة بمصر أو حتى بتونس بدرجة أقل حيث تسير الأخيرة في تحسن بطيء، ومن هنا أناشد الحكام وأقول أنه من فائدتهم وفائدة عائلاتهم وفائدة البلاد أن يرحلوا بصفة سلمية وهذا ما تركنا نمتلك بعض من بصيص الأمل. هل انتظار السلطة الى آخر لحظة لتسمية مرشحها يعتبر دليلا على وجود نية في تزوير الانتخابات في نظركم ؟ أولا كان على أعضاء الحكومة الالتزام بأعمالهم دون التطرق إلى الشؤون السياسية خارج أمور تسيير كل قطاع يخضع لسلطتهم، لأن في ذلك إستغلالا لمناصبهم في الحكومة والشعب يستمع إليهم لأنهم يمثلون الحكومة وليس لشخصهم، هذا جوابي على التناقض الموجود في الحكومة. ولو ننظر الى الأمور بصفة عامة نجد أن كل البوادر تقول إن الانتخابات مغلقة من خلال تجديد أعضاء الحكومة المرتبطين بإدارة العملية الانتخابية، وولائهم كبير وواضح للمسؤول الأول عن البلاد، وأستدل بمنعنا من التعبير عن رأينا داخل المؤسسات الرسمية للدولة كالتلفزيون العمومي. واليوم الترشح للرئاسيات أصبح دون قيمة في ظل حالة التمييع مع الأسف الشديد، وكل المؤشرات تقول بأن الانتخابات قد تكون مغلقة، ومع ذلك نملك بصيصا من الأمل بأن يفهم المسؤول الأول عن البلاد ومن معه بأن الجزائر أكبر من أي أحد. ما الذي تراهنون عليه من وسائل في ظل المؤشرات التي تقول بأنها توحي بعدم شفافية العملية الإنتخابية؟ نحن نسعى لتغيير نظام الحكم بطريقة سلمية وأشدد بطريقة سلمية ببرنامج واضح ومُعلن. ولنجاح برنامجنا وجب علينا أن نوفر ثلاثة عوامل هي التجنيد الكبير للمواطنين حول البرنامج لهذا أعلنت ترشحي منذ أكثر من عام ونصف ليكون لي وقت كافي لشرح مشروعي للمواطنين، والعامل الثاني بناء آليات لتجسيد البرنامج، وأخيرا المحافظة على البرنامج من الركود أو الرجوع إلى الوراء. هل بترشحكم ومقاطعة حمس والأرسيدي والنهضة أخيرا دليل على وجود شرخ في المعارضة ؟ لا ...لا، التحالف كان على أساس التعاون لإنقاذ الجزائر من الخطر أي أنه مبني على التغيير السلمي وكان هناك تسلسل في الأهداف، ومازلنا في اتفاق على هذا التصور، لكن من جهتنا يبقى أمل حتى الآن على الأقل في أن الانتخابات الرئاسية قد تكون سببا في التغيير. وهم فصلوا في أن الانتخابات لن تكون سوى شعار لبقاء الحكام. هل من توضيح بخصوص الأخبار التي تقول بأن حركة حمس حاولت أن تقدمكم كمرشح لها؟ علاقتي أكثر من طيبة بقيادة الحركة، وهم لما وصلوا الى قناعة مفادها أن الانتخابات القادمة لن تكون سبب في التغيير، اختاروا المقاطعة وهذه وجهة نظر أحترمها. وبخصوص منع المقاطعين من استغلال القاعات لحث الناخبين على عدم الإدلاء بأصواتهم، في أي خانة تصنف القرار؟ قلت بأن هناك بوادر لإنتخابات مغلقة وهذا القرار أكبر دليل على ذلك، وحين تخرج الأمور عن إرادتنا لن يبقى لنا إلا الدعاء للقائمين على شؤون البلد بالهداية حتى تمر الأمور في صالح الشعب والدولة الجزائرية التي ضحى لأجلها مليون ونصف مليون شهيد. لكن ألم تر بأن تغيير نظام الحكم ككل يعد أمرا مستحيلا في الوقت الراهن؟ أقولها وأعيدها بدون تغيير نظام الحكم ككل فالبلد ستسير نحوى الانهيار. وأنا لا أتحدث من فراغ، فمثلا المؤشرات الاقتصادية في إنخفاض، وهناك ارتفاع داخلي كبير في إستهلاك الطاقة وبالتالي الفوارق كبيرة ومن 2006 إلى 2011 انخفض تصدير المحروقات إلى 25 %، والمعلوم أن الانخفاض غطاه ارتفاع السعر لا غير ولو نسير بنفس الوتيرة يلزمنا أن يكون سعر البرميل 190 دولار، ولك أن تتخيل لو أن عمال الموانئ في جنوب أوروبا يشنون اضرابا لمدة شهرين فقط ماذا سيحصل في الجزائر. نحن قبل أن نطالب بتغيير نظام الحكم أعددنا برنامجا من ثلاث مراحل، الأولى احتواء الأزمة بمعنى بناء ثقة جديدة بين الحاكم والمحكوم وفتح نقاش واسع لتجنيد كل الطاقات الوطنية من شباب ونساء ومتعاملين اقتصاديين للعمل معا لإخراج الجزائر من الأزمة، ثم تأتي بعدها مرحلة انتهاء التحول كي نستطيع بناء مؤسسات اقتصادية قوية ونبني بجوارها مؤسسات سياسية قوية، لتأتي بعدها المرحلة الثالثة وهي تثبيت النظام الديمقراطي الجديد ويتطلب الأمر فتح نقاش واسع يشمل كافة المواطنين لتحديد هوية الجزائر من مكانة الدين ومكانة اللغة وطبيعة النظام هل هو جمهوري رئاسي أم جمهوري برلماني ومكانة الجيش. ونحن نملك تصورات وحلول سنعرضها على الشعب ولنا كامل الثقة في أنه سيزكيها. بما أنك تكلمت عن الهوية واللغة، في تصريح نسب إليك قلت بأنك ستقوم باستفتاء وبعدها تقوم بترسيم اللغة الامازيغية أليس في الأمر مجازفة؟ لقد قوّلني البعض ما لم أقل. سأوضح الأمر مجددا، أنا قلت لكي نستطيع ترسيم اللغة الامازيغية يلزمنا تغيير الدستور، ولكي تكتبها في الدستور فالوسائل الآنية المتواجدة هي الاستفتاء فقط. وقبل الاستفتاء قلنا بأنه يلزمنا برنامج لترقية وتطوير اللغة الامازيغية حتى تكون في المستوى المقبول لأنه لما تكون لغة رسمية يجب على كل وسائل الدولة أن تستعمل هذه اللغة، ونعني بتطويرها ايصالها الى كل المواطنين لتكون قضية كل المواطنين دون إستثناء أحد. طيب دكتور ماهي نظرتكم لما يعيشه المجتمع الجزائري اليوم؟ نلاحظ غياب الأخلاق الجماعية، لأنه اليوم مع الأسف الشديد لما نكون كأفراد يكون مستوى الوعي أكبر، ولما نخرج للشارع ونندمج في الشأن العام يكون العكس تماما وهذا خطر كبير على مستقبل البلاد، ونحن في برنامجنا سطرنا هدف وهو إعادة بناء المواطنة. الملاحظة الثانية هي الفساد المعمم وثالث شيء هو العنف الذي أصبح وسيلة لفصل النزاعات بين الأشخاص والدولة. والمرض الرابع هو اليأس من الانتخابات والعمليات السياسية الذي يتملك المواطنين. قضية الاختلاسات التي طفت على السطح في المدة الأخيرة يأتي بعدها سعيداني ويقول بأن شكيب خليل بريء ومن أنزه الاطارات في الجزائر؟ صوت واحد أمام 40 مليون مواطن ماذا يفعل ؟ الشخص الذي سمّيته له ملف عند العدالة الجزائرية ونحن متأكدون بأنه قام باختلاس كبير، ثم يأتي أحدهم ويقول بأنه بريء. أي دليل عنده ليتكلم بمثل هذا الكلام؟ هل نصدق شخصا ونكذب العدالة ؟ من المفروض أن العدالة توقف سعداني مباشرة بعد تلك التصريحات وليأتي بأدلة على كلامه إن كانت لديه ويقدمها للقضاء. هناك تحالف أطلق عليه اسم "الوفاء والاستقرار" ينادي بالعهدة الرابعة؟ من ينادي بالعهدة الرابعة ليس على دراية كافية بالكارثة التي تتجه إليها الجزائر. وهم في النهاية مجموعة من أصحاب المصالح همهم الدفاع عنها لا أكثر والباقي لا يهمهم حتى لو كان مستقبل البلد. ما الذي استعملته كمرجعية حتى تقول بأن كل الأحزاب التي تنشط حاليا هي أحزاب مفلسة؟ أنا لم أقل بان كل الأحزاب مفلسة. بتصحيح الفكرة أنا قلت بأنك عندما تتقدم لتأسيس حزب يضعون لك فيه فيروسات يستعملونها في أي وقت يحتاجونها مثلا كيف هو حال حزب جبهة التحرير الوطني اليوم؟ كيف هو حال الارندي اليوم؟ لهذا قلت بأنه من الصعب اليوم أن تؤسس حزبا دون أن يُميّع. ولكن هذا لايمنع أنه في المستقبل ستكون هناك فرص حتى يكون هناك أحزاب في المستوى المقبول. ولأنه لأول مرة في الجزائر وقع تحالف من قوى متخالفة تماما علمانيين إسلاميين وطنيين التقوا لأنهم واعون بأن مستقبل البلاد يحتاج الى تجنيد كبير ولمّ شمل كل القوى. المعروف أن بن بيتور مولود في غرداية. في أي خانة تصنف الأحداث الأخيرة هناك؟ تكلمت في الموضوع، بل وحذّرت قبل سنوات وقلت بأن الدولة بدأت تفقد قدرتها على حماية الأشخاص والممتلكات وفرض القانون. وفي الحقيقة هناك مشاكل متعددة منذ سنوات في غرداية وغيرها من المدن، وبالتالي يتطلب الأمر تحليلا دقيقا وعلميا وليس مجرّد رغبة. وهذا واجبي في المساهمة في إيجاد حلول كلية وفي هذا المقام أنوّه بأن الحل الأمني لن يكون مجديا. فالجزائر كلها ومنها غرداية بحاجة إلى مسؤولين بمثابة رجال الحماية المدنية ومهندسين معماريين جنبا إلى جنب. لأن الوضع يتطلب إطفاء النار وإيجاد حلول أو دعني أقول بناء مؤسسات تدوم. تقول بأنك ستفرض نفسك في 100 يوم الأولى خلال تقلدكم الحكم أليس في الأمر مبالغة؟ أنا قلت بأن كل القرارات الحاسمة تتخذ في 100 يوم الأولى ومنهجية العمل الأولى لابد أن تظهر في هذه المدة، والأكيد أن النتائج لن تبرز في الأشهر الأولى وقد حضرنا مشروعا لإعادة هيكلة الدولة والمدرسة، وإعادة بناء اقتصاد جديد عبر تجنيد الكفاءات الوطنية والتحكم في الرقمنة ومكافحة الفساد والرشوة وكذلك بناء مواطنة جديدة، وهناك محافظات سامية واحدة للاستشراف والسياسات الطاقوية وأخرى لبناء المواطنة والثالثة لترقية الكفاءات الوطنية ومحافظة سامية سنخصصها لكتابة أوراق الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية وبالتالي ستتواجد مؤسسات ذات قيمة نجند فيها الكفاءات المتواجدة داخل وخارج البلاد لبناء دولة قوية. المتتبع للأحداث يقول بان أحمد بن بيتور استقال منذ عام 2000، هل يمكن أن نعود لتلك الفترة ونربطها بعودتك إلى الساحة مجددا؟ لما استقلت من رئاسة الحكومة كنت قد وصلت إلى قناعة كبرى بأن الجزائر تسير إلى مالا يحمد عقباه، وبدأت أعمل منذ ذلك الوقت في إتجاه إيجاد الحل ورغم أنه لم يكن لنا الحق في النشاط السياسي المفتوح، إلا أننا إنشغلنا على تجنيد المواطنين حول مشروع واضح المعالم حتى وصلنا إلى تكوين حلقات للمبادرة والمواطنة من أجل التغيير، وفي عام 2011 قلنا يمكن أن نتوجه الى الرئاسيات ومن خلالها يكون التغيير بطريقة سلمية. والخلاصة أنه لا يوجد إنقطاع في مساري النضالي نحو تجسيد فكرة التغيير منذ إستقالتي من رئاسة الحكومة. إستطعت دون أن يكون لديك غطاء حزبي تجنيد الكثيرين وخصوصا الشباب لدعم برنامجك. كيف وصلت إلى إقناعهم؟ أنا صاحب مشروع ومن معي اليوم تجندوا حول برنامج أقنعهم وهذه ركيزة العمل السياسي السليم، وهناك توافق تام بأننا نسير جميعا وراء برنامج لأنه هو الأساس أما الأشخاص فيذهبون، والاعتماد سيكون على الشباب لتجسيد البرنامج الذي يتطلب 15 سنة وليس بمقدورنا تجسيده دون الشباب لأن الوقت ليس في صالحنا والأمل في هذه الفئات المثقفة والشباب الواعي لتكون معنا لنساهم جميعا في بناء جزائر السلام والعدالة والإزدهار. الجميع يعرف أن هناك علاقة تاريخية بين أحمد بن بيتور ومدينة الجلفة هل يمكن أن ترجع بنا إلى تلك العلاقة؟ أنا ولدت في متليلي بولاية غرداية العزيزة، وبعدها انتقلت إلى المنيعة حيث درست القرآن هناك وبعد الاستقلال كان لدي أخي ضابط في الجيش الوطني في الولاية السادسة أي في ولاية الجلفة ونزلت عنده ودرست في المدينة وأثبت نفسي بجدارة في الدراسة وكونت معارف لا زلت أحتفظ بها.. فترة تواجدي في الجلفة لن أنساها أبدا لأني تعرفت على أشخاص يفرحون بالوافد الجديد ولا يُعيرون إهتماما لكونك من خارج الولاية. لقد فتحوا لي قلوبهم وبيوتهم وكانت أحسن فترات حياتي في ولاية الجلفة لذلك بقيت دائم الزيارة للمنطقة. ماذا تقول لقراء "الجلفة إنفو" ؟ أقول لسكان الجلفة الأعزاء على قلبي أنهم يتواجدون في منطقة محورية متميزة جدا من الوطن. وهذا من المفروض يترك ولايتهم في مقدمة العمل السياسي ويجعل من أبنائها حريصين على تحسين شؤون البلاد، وهو ما لاحظناه في إلتفاف الكثيرين حول مشروعنا السياسي على غرار باقي مناطق الوطن .