تسعى الجزائر الى محاربة الفساد بمختلف أشكاله بعد أن أخذ أبعادا خطيرة خلال السنوات القليلة الماضية وتوالي الفضائح حول عمليات تهريب الأموال العمومية والاختلاسات التي فاقت كل التصورات والغش والتزوير والتدليس وغيرها من أشكال الفساد الذي كان يقف وراءه بعض المسؤولين النافذين في بعض الهيئات العمومية، مستغلين في ذلك نفوذهم دون أي وازع ديني أو أخلاقي. الانتشار المخيف لظاهرة الفساد لم يثن السلطات العمومية عن توسيع دائرة قمع الفساد، من خلال زيادة آليات الردع وآخرها قرار إنشاء الديوان المركزي لقمع الفساد الذي نص عليه الأمر 10 05، الصادر في 26 أوت الماضي، أي قبل حوالي شهر فقط وذلك بغرض إضفاء المزيد من الفعالية في قمع الفساد، يضاف إليه الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته المنصوص عليها في قانون عام 2006 التي يفترض دعمها من خلال انشاء الديوان المركزي. وبموجب قانون سنة 2006، انطلقت عدة عمليات مهمتها البحث والتحري عن جرائم الفساد، والتي تم إماطة اللثام عنها في الآونة الأخيرة، بعضها اتخذت اجراءات ردعية في حق المفسدين والمختلسين وبعضها الآخر توجد قيد التحري والبحث والمتابعة القضائية، مثلما هو الحال بالنسبة لثاني أكبر عملية فساد عرفتها البلاد ألا وهي ما بات يعرف بقضية سوناطراك وتورط اطارات سامية في هذه الشركة، ولعل الأيام القادمة أو المرحلة القادمة ستكشف عن متورطين آخرين كانوا ذي علاقة وطيدة بالشركة وأبعدوا لأسباب ترتبط بالفضيحة، من خلال تحديد مسؤولياتهم المباشرة وغير المباشرة وكان وزير العدل حافظ الاختام السيد بلعيز قد أكد أن الديوان المزمع إنشاؤه يخص الضبطية القضائية بحيث يمارس ضباط الشرطة القضائية التابعون للديوان المهام الموكلة إليهم وفقا لأحكام قانون الاجراءات الجزائية على أن تشمل جرائم الفساد وكل الجرائم المرتبطة بهذه الآفة في كامل التراب الوطني. ولهذا الغرض تم تكوين قضاة متخصصون خارج الوطن في الفترة السابقة لمواجهة ومحاربة الجريمة المنظمة والفساد بمختلف أشكاله، حيث وفي هذا الصدد تم وضع عدة أقطاب، كل قطب متخصص في جريمة معينة على غرار الجرائم المنظمة وجرائم المخدرات والجريمة العابرة للحدود وجرائم تبييض الأموال والإرهاب وتلك المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف. عدة قضايا توجد حاليا على مستوى العدالة للفصل فيها بعد الانتهاء من عمليات التحري والبحث وينتظر أن تكون نتائجها مزيدا من الردع وتشديد أقصى العقوبات التي ينص عليها القانون الجزائري حتى تكون عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بالمال العام. يتوقع خلال المرحلة القادمة أن تعرف عملية مواجهة الفساد ارتفاعا في وتيرته بعد قرار تفعيل مجلس المحاسبة الذي ظل لسنوات طويلة مجرد حبر على ورق أمام انتشار غير مسبوق لعمليات الاختلاس والسرقة والتدليس وغيرها من الآفات التي تصر الدولة على مواجهتها ومحاربتها بكل الآليات والميكانيزمات التي يخولها القانون ليوضع حد أو على الأقل التقليل من النهب المستمر لأموال الشعب.