لم تفلح محاولات الكيان الصهيوني في إيقاف مسيرة الفلسطينيين، لا تحذيرات جيشه باللغة العربية الفصحى ولا الطائرات بدون طيار الحاملة للقنابل "المُسيلة للدموع"، ولا الوحدات العسكرية المُستحدثة خصيصا لمواجهة مسيرة العودة استطاعت شلّها. لقد استجاب لها الآلاف من الفلسطينيين سواء من غزة أو الضفة أو فلسطينيي اسرائيل الذين يسموّنهم "عرب إسرائيل". تعد هذه الخطوة في حد ذاتها نجاح أولي لأنهم نفذوا ما قرّروه رغم سقوط 16 شهيدا وجرح المئات من المشاركين في هذه المسيرة التي استنفرت لها كل قواعد جيش الاحتلال. صمّم الفلسطينيون المشاركة رغم الأخطار والتحذيرات المتعددة ورغم العساكر المدجّجة بشتى أنواع الأسلحة. عزيمتهم هذه تعد بصيص أمل يعكس اصرارهم على افتكاك حقوقهم وفي مقدمتها العودة الى أرضهم المغتصبة، وهذا ما ينبئ بفرج قريب إن شاء الله. هذا ما يربك المحتل الاسرائيلي الذي لا يهدأ له بال ويتركه حائرا. المتتبع لمختلف نقاشات وتصريحات يهود اسرائيل وأوروبا، يستخلص أنهم يبحثون في قرارة أنفسهم عن مخرج من هذه المحنة التي تحوّلت مع مرور الزمن الى مستنقع يحاولون إخفاءه بكبريائهم وتعنتهم، متكئين في ذلك على قوى الظلم والطغيان التي قررت أحاديا تحويل سفارتها الى عاصمة فلسطين الأبدية. هؤلاء أصحاب الغطرسة الذين يلّقنون دوما دروسا للبشرية حول حقوق الانسان و الديمقراطية. صدق شباب فلسطين عندما رفعوا الراية الجزائرية، خلال مسيرتهم، لأن أقوى سلاح لثورة نوفمبر المباركة كان التفاف الشعب الجزائري حول ثورته وعقده العزم على الانعتاق والتحرّر، وبذلك حقّق المعجزة أمام إحدى قوى الحلف الاطلسي. فرحم الله شهداء مسيرة العودة وشفى الله جرحاها وليكن كل مظلوم على قناعة أن الحق لن يضيع و أن القضايا العادلة ترى نورها وبئسا للمتجّبرين، وفي سجلات التاريخ صفحات حيّة تروي حكايات شعوب بزغت فيها شمس الحرية كالفيتنام، الجزائر وكوبا ... إلخ.