تنتظر المتعاملين الاقتصاديين في المرحلة الراهنة تحديات عديدة لبلوغ مستوى عالٍ من الأداء الذي يتطلع إليه الاقتصاد الوطني، في ظل العديد من التحفيزات والدعم الموجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص، ولعل النجاعة والتصدير لن يتحققا من دون غياب استثمار حقيقي وبلوغ الجودة في الإنتاج، من أجل اقتحام الأسواق الخارجية بثقة ولكن بعد التخطيط والدراسة على ضوء إستراتجية واضحة الملامح، فلا يعقل أن تبقى§ التجارة الخارجية ترتكز فقط على الاستيراد، من دون فتح أبواب التصدير لاستقطاب الثروة خارج قطاع المحروقات. لم يعد أمام الآلة الإنتاجية والمتعامل الاقتصادي سوى العمل بمعايير الجودة والنجاعة، لأنه تنتظرهما العديد من الأشواط المهمة التي ينبغي أن يبرهنا فيها على فرض منتجاتهم عبر الأسواق المحلية والخارجية، على حد سواء، على اعتبار أن الدولة في كل مرة تطلق العديد من الإجراءات التي تصّب نحو توفير كل الدعم ومختلف التسهيلات لدعم الاستثمار، ولعلّ تضمن مشروع قانون المالية التكميلي لإقرار حق وقائي إضافي، لكن مؤقت للحماية في مجال التجارة الخارجية جاء من أجل فسح المجال لإعطاء نفس آخر للإنتاج الوطني، وتفعيل الخطى والجهود لتنويع الصادرات وحجز مكانة مهمة عبر الأسواق الخارجية لمواكبة المنافسة الشرسة. وإن كان الحق الوقائي مؤقتا فإن المتعامل الاقتصادي مطالب باغتنام الفرصة والاستفادة من هذه الحماية على أرض الواقع، ومن خلال أداء جيد على جميع الأصعدة حيث أن زمن العشوائية والارتجال قد ولى، وينبغي دراسة السوق والانفتاح على جديد التكنولوجيات الحديثة، من أجل توسيع الاستثمارات المنتجة ومضاعفة الإنتاج وتفعيل وترقية الخدمات، وبالتالي التموقع الجيد في السوق الوطنية والخارجية والتي تكون انطلاقتها من القارة السمراء والدول الإفريقية، وكذا الدول العربية. إذا في يد المؤسسة الاقتصادية العديد من المفاتيح من أجل العودة بقوة لتفعيل الأداء والإنتاج الاقتصادي، فالمؤسسة تتواجد في قلب الرهانات الاقتصادية، خاصة بعد كل الذي سخر ورصد لنموها واستمرارها، وإن كان من المفروض أن عام 2018 مخصص لترقية الاستثمارات في مختلف المجالات خاصة ما تعلق بإنتاج الثروة خارج قطاع المحروقات، وتقوية نسيج المؤسسات الصغيرة التي تعتبر بمثابة العمود الفقري للاقتصاديات الناشئة والمتطورة، وعلما أن الجزائر تتطلع إلى استحداث عدد معتبر من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أي يقدر الخبراء حاجتها إلى 1 مليون مؤسسة جديدة لاستحداث الثروة، لكن على ضوء خارطة حتى يتجسد من خلالها التنويع في النشاطات، و حتى يكون التكامل ولا يقع التكرار، فالجزائر تحتاج إلى إنشاء شركات مناولة في الميكانيك، وخلق مؤسسات لصناعة الدواء وفي الصناعات التحويلية والفندقية وفي تكنولوجيات الإعلام والاتصال وما إلى غير ذلك، وما بات يتطلع إليه العديد من المتعاملين الاقتصاديين في الوقت الحالي بناء جسر نحو التصدير، حيث بدأت الجهود تبذل والصعوبات ترفع والمخاوف تتلاشى خاصة في ظل إرادة قوية لتنويع الصادرات وكبح الواردات. جاء إقرار المزيد من الحماية للتجارة الخارجية في مشروع قانون المالية التكميلي لعام 2018، الذي صادق عليه مجلس الوزراء ليرسي تحدي الجودة و تنويع الصادرات، وبذلك صارت الكرة في مرمى المتعاملين الاقتصاديين، وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد قدم توجيهاته ذات الرؤية الاستراتجية في آخر مجلس للوزراء، للمتعاملين الاقتصاديين لترقية استثماراتهم والرفع من سقف الإنتاج والعمل على تنويع الصادرات خارج قطاع المحروقات. لا يخفى أن المؤسسة مطالبة اليوم بدخول مرحلة جديدة تختلف تماما عما سبق، فلا وقت للسير بخطى بطيئة، وكما أنه لا وقت للتردد، لأن المنافسة الشرسة لا تنتظر أحدا ليلتحق بركبها.