أثيرت تساؤلات عدة في نقاش أمس المنظم بمركز «الشعب» للدراسات الاستيراتيجية، انصبت في مجملها حول الدور الذي لعبته الدبلوماسية الجزائرية في التعريف بالثورة التحريرية، ومدى مساهمة مظاهرات ال 11 ديسمبر 1960 في التسريع بتدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذا أسباب تهميش المثقفين الجزائريين بعد الاستقلال. وفي هذا الصدد، ابرز الجامعي عادل ارخيلة في إجابته، الإسهامات الايجابية للدبلوماسية الجزائرية على الصعيد الدولي ، والتي أفضت إلى تسجيل الأممالمتحدة في ميثاقها مبدأ تقرير المصير وتصفية الاستعمار ببعض البلدان كإطار نظري. وأشار في هذا الإطار، إلى انه خلال الفترة (1945 / 1964) لم يكن هناك تحريك أو آليات على مستوى عمل الأممالمتحدة لتجسيد مبدأ تقرير المصير. كما أن أنصار جبهة التحرير الوطني كانت تنادي في نقاشاتها المطروحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتنفيذ المادة 14 لميثاق الأممالمتحدة التي تنص على مبدأ تقرير المصير. لاسيما وانه ما بين سنة 1955 و1964 حصل الاستقلال الجماعي للمستعمرات الفرنسية بإفريقيا. وأوضح ارخيلة وهو محامي أيضا في تدخله أن مبدأ الدبلوماسية الجزائرية كان يتسم بالحياد الايجابي والسعي لعزل فرنسا سياسيا وعدم التمييز بين القوى السياسية إيديولوجيا أو جهويا. وان العمل العسكري سيعطي للمفاوض دعما سياسيا لمواجهة الطرف الآخر. وأضاف أن جبهة التحرير الوطني كانت حريصة على ترك العمل السياسي قائما دون أن ننسى هجومات الشمال القسنطيني سنة 1955 ومظاهرات ال 11 ديسمبر 1960 بالعاصمة خاصة باعتبارها مركزا إعلاميا استقطب الكثير من وسائل الإعلام الأوروبية التي أعطت دفعا قويا للثورة. وبالمقابل، ثمن المحامي الجهد العربي وكذا دعمه المتواصل للثورة الجزائرية، ومساعيه بأوروبا. لاسيما تونس، المغرب، وسوريا الذين كانوا يتولون التعبير والدفاع عن القضية الجزائرية وما يقدم لهم من تقارير باسم جبهة التحرير الوطني. من جهة أخرى، لم يقدم عبد الحميد مهري مناضل وعضو في الحكومة الجزائرية المؤقتة إبان الثورة إجابة شافية عن سؤال حول سبب، تهميش المثقفين الجزائريين واكتفى بالقول أن مسألة التهميش هي عمل غير مقصود، وحسبه أنه بعد الاستقلال وقع تغيير في الاستيراتيجية العامة للدولة، مشيرا إلى أن الخطأ يكمن في انتقاء بعض الجزائريين لمناصب معينة . وبالنسبة لسؤال حول رفض المجاهد الفقيد محمد الأمين دباغين لكتابة مذكراته، قال مهري أن السبب هو موقف شخصي لهذه الشخصية التاريخية التي لم تشأ الحديث عن مسيرتها النضالية واعتبرتها واجبا وطنيا وعمل لوجه الله عز وجل. وأوضح المجاهد فيما يخص شق موقع المفاوضات في استراتيجية الثورة، أن هذه الاستيراتيجية انطلقت من أن ميزان القوى محسوم وما تقوم به يستدعي استعمال جميع الوسائل الممكنة، من الكفاح المسلح ، العمل الجماهيري، التنظيم السياسي، العمل الدولي، والمفاوضات. وأضاف أن العمل العسكري أو الدبلوماسية لا تكفي حيث تظافرت كل الوسائل السابقة الذكر والتمسك باستعمالها هو الأساس للوصول إلى النصر، وان المفاوضات هي باب من أبواب الكفاح ووسيلة من وسائل المقاومة، كما نص على ذلك بيان الفاتح نوفمبر 1954.