دخلت خلال الأيام الأخيرة كميات معتبرة من بواكير «الغرس» إلى السوق الداخلية بولاية ورقلة ويمثل هذا النوع من التمور المعروف محليا باسم «المنقر» أحد الأنواع التي تلقى إقبالا كبيرا من طرف المواطنين المحليين الذين يعتبرونه من بين أجود الأنواع التي تعرف بها منطقة الواحات إلى جانب أنواع أخرى عديدة. ويمثل «المنقر» بواكير «الغرس»، بحيث يتم جني هذا الصنف من التمور قبل نضجه تماما وتتحدد فترات الجني في الغالب خلال فترة الصباح الباكر أو قبل غروب الشمس بمختلف واحات النخيل المنتشرة عبر منطقة ورقلة الكبرى، على غرار تقرت، أنقوسة والبور وحاسي بن عبد الله وعين البيضاء. يتميز هذا الصنف من التمور بلونه الأصفر أو البرتقالي المصاحب للون البني الفاتح وبمذاقه العسلي والمفضل لدى الكثيرين، حيث يقدم عادة مع اللبن كما يمثل من جانب آخر تسويق هذا المنتوج نشاطا موسميا هاما بالنسبة لشباب المنطقة الذين يزاولون تجارته على مستوى عديد الأسواق المحلية بالولاية ورقلة على غرار أسواق قصر ورقلة العتيق، سوق «دزيوة» بتقرت، بالإضافة إلى سوق حي بلعباس، ويجد الشباب الممتهنين لهذه التجارة الموسمية فرصة لإيجاد دخل مؤقت يساهم في تدعيم ميزانية عائلاتهم لتغطية تكاليف الدخول المدرسي الذي يصادف هذه السنة الاحتفال بعيد الأضحى المبارك. ورغم أن «المنقر» يستقطب الكثير من المشترية إلا أنه يسجل في نفس الوقت أسعارا مرتفعة بعض الشيء وصلت إلى حدود 350 دج للكيلو غرام الواحد في الأيام الأولى لدخول هذه الفاكهة الموسمية إلى السوق في انتظار تراجع أسعاره. وتجدر الإشارة إلى أنه وحسب معلومات مصالح الفلاحية لولاية ورقلة فإن إنتاج التمور بالولاية بلغ خلال الموسم الفارط ما يعادل المليون و400 ألف قنطار من مختلف الأنواع التي تنتج محليا على غرار «دقلة نور»، «الغرس»، «دقلة بيضاء»، «تابزوين» ومثلت دقلة نور أكثر الأنواع إنتاجا بورقلة. وللتذكير تقدر المساحة المزروعة في النخيل بالولاية 200 ألف هكتار، إذ تشكل بذلك ثروة النخيل موردا طبيعيا هاما بعد المحروقات بولاية ورقلة حيث تحتل المرتبة الثالثة وطنيا بعد كل من ولايتي بسكرة والوادي بما يفوق مليوني نخلة مثمرة وعلى الرغم من الإنتاج الوفير الذي يتعدى المليون قنطار سنويا والمساعي الرامية إلى النهوض بالقطاع إلا أن عملية تطوير إنتاج التمور تواجه تحديات كبيرة. ويمثل النقص المسجل في اليد العاملة المتخصصة في جني التمور والعناية بالنخلة أبرز الصعوبات التي تعترض سبيل عملية تطوير إنتاج التمور والرفع من جودة المنتوج المحلي التي ترتكز بشكل أساسي على هذا النوع من المهن التي تتمحور حول جني التمور والاهتمام بتنظيف النخلة بشكل دوري والعمل على وقايتها من مختلف الأمراض، وهي مهن مهددة بالاندثار في ظل عزوف الشباب عن مزاولتها بسبب غياب المهارة والتكوين من جهة وتراجع الاهتمام بهذه الثروة محليا بالمقارنة بالماضي. ويعد العمل على تحسين نوعية التمور ضرورة ملحة لتلبية الطلب المحلي وضمان جاهزية المنتوج للتصدير نحو الخارج، وبالتالي المساهمة في تعزيز الاقتصاد الوطني والتحرر من الموارد الطاقوية بالتوجه نحو تصدير منتجات خارج المحروقات تماشيا والظروف الاقتصادية الراهنة. يذكر أنه من المنتظر تحقيق نتائج أكثر إيجابية في القدرات الإنتاجية لولاية ورقلة خلال السنوات القادمة، خاصة بعد دخول عدد كبير منها مرحلة الإنتاج الفعلي.