يبدو أنَّ أشعب زعيم محبِّي بطونهم قد تفوَّق على الكلب في غريزة الطمع، نظرا لشدة اهتمامه بأمور بطنه، وقد جسّد هذه الشخصية الفنان محمود السعوني في عمل درامي لدرجة الإعتقاد أن الفنان ينطبق عليه المثل السائر »يغلب الطبع على التطبع«، وهذا من شدّة الإنفعال أمام مائدة الطعام. لا يسمح هذا الحيّز بالحديث عن هذه الشخصية، ولكن من المفيد تقديم هذه المواقف الطريفة: 1) جاءت امرأة الى أشعب وأعطته دينارا وقالت: اجعله وديعة عندك. وضع أشعب الدينار بين طيات الفراش، وبعد أيام جاءت المرأة تطلب الدينار فقال لها: ارفعي الفراش وخذي ولده معه!؟ وكان قد وضع إلى جانبه درهما فأخذت الدرهم وتركت الدينار، وهو الأمر الذي حدث في المرة الثانية والثالثة. في المرة الرابعة وجدت أشعب يبكي وتساءلت بدهشة عن سبب البكاء، فقال لها: لقد مات دينارك في النفاس! قال المرأة بتعجب: كيف يموت الدينار في النفاس؟ فقال لها بخبث: كيف تؤمنين بالولادة ولاتؤمنين بالنّفاس؟! 2) تلقى أشعب دعوة إلى وليمة يسيل لها اللعاب وقال لصاحب الدار: أرجو أن لا يفسد متعة الطعام زائر ثقيل. فجأة دُقّ الباب وتغير وجه أشعب، ولاحظ صاحب الدار هذا التغيُّر فقال: إنَّه صديقي فيه عشر خصال إن كرهتَ منها واحدة منعتُه من الدخول. أولى هذه الخصال أنَّ صديقي هذا لايأكل ولايشرب مهما كان الأمر. وهنا ظهرت البشاشة على وجه أشعب وقال: أدخِل صديقك بسرعة ولا داعي لذكر الخصال الباقية؟! 3) نزل أشعب ضيفا ثقيلا على بخيلين يأكلان السمك، فلما شعرا بوصوله وضعا السمكتين الكبيرتين تحت الطبق وأبقَيَا السمكة الصغيرة يأكلان منها، وكان أشعب قد شاهد ما حدث من ثقب الباب، فلما دخل عُرِض عليه الأكل فقال لهما: هل تعرفان قصة يونس عليه السلام الذي كان في بطن الحوت؟ أجاب البخيلان بالنفي، قال أشعب: دعوني أسأل هذه السمكة لمعرفة الحقيقة، ثم وضع أذنه في فم السمكة الصغيرة، ثم رفع رأسه وقال: إنّها تقول تحت الطبق سمكتان أكبر مني سنًّا تعرفان القصة الحقيقية لوجود يونس عليه السلام في بطن الحوت؟!