جدد عبد العزيز بلخادم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني الرئيس الحالي لهيئة التحالف الرئاسي التأكيد على أن الجزائر «لن تنسى ولن تطوي الصفحة ونتمسك بحقوقنا إلى أن تتولى فرنسا الرسمية الاعتذار عن فرنسا الاستعمارية»، وذهب زميله أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم في نفس الاتجاه موضحا بأن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم الإصرار على ثلاثية «الاعتراف والاعتذار والتعويض»، فيما طالب السعيد عبادو الأمين العام لمنظمة المجاهدين بإعادة بعث قانون تجريم الاستعمار. وإذا كان كل من بلخادم و سلطاني شددا على التمسك بالاعتراف من قبل فرنسا الرسمية، فان محمد الطاهر بوزغوب الذي ناب عن الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى الغائب عن أشغال الندوة التاريخية المنعقدة أمس بفندق الرياض حول موضوع «الثورة الجزائرية... إرادة ووفاء» اكتفى بتوجيه تحية احترام وإكبار للمجاهدين الأشاوس مشيرا إلى أن التشكيلة التي يمثلها تعول على مساهمة الندوة في «إثراء الذاكرة وفي شحذ الهمم في نفوس شعبنا لكي يتفطن كلية ويتجند حقا للدفاع عن رسالة وارث شهدائنا الأمجاد والذود عن الجزائر واستقرارها أمام أمواج عاصفة قوية تستهدف العالم العربي والإسلامي دون استثناء. واعتبر بلخادم الثورة الجزائرية بمثابة شوكة ممارسات المستعمر الفرنسي منذ أن وطأت أقدامه أرضها، منتقدا المحاولات الفرنسية المتتالية للإساءة للثورة و رموزها من خلال قوانين تمجد الاستعمار وإنشاء مؤسسات لتزييف التاريخ وتكريم الحركى كعملية تنافسية مع المجاهدين الذين لقنوهم درسا مسجلا بأحرف من ذهب. وبعدما أشار إلى الاكتفاء بالحديث عن الاستعمار وجرائمه دونما تسليط الضوء عليه ودراسته كظاهرة وقف خلالها المستعمر، رد جبار ينطوي على الأسر السياسي و السيطرة الاقتصادية و الرق الاجتماعي والعبودية الثقافية، أوضح ممثل الحزب العتيد بأن تمجيد الاستعمار ليس وليد السنوات الأخيرة وإنما مغروس في أذهان هؤلاء منذ بدء عمليات الاحتلال. ولفت ذات المتحدث إلى أن «الندوة ليست مناسبة عابرة وإنما بداية مسيرة طويلة ليست محددة بتاريخ بل مؤطرة بمراحل للكشف عن كل ممارسات المستعمر التي تصنف في خانة الجرائم ضد الإنسانية»، وتساءل لدى تطرقه إلى الاحتفالات التي برمجتها فرنسا الرسمية في الخامس جويلية المقبل في خطوة استفزازية جديدة «بماذا تحتفل في الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، بفقدان الفردوس أم أنهم يريدون كتابة تاريخ رسمي يزيفون من خلاله تاريخنا بطمس كل جرائمهم». ولم يفوت بلخادم المناسبة للتأكيد بأن «هناك من يدافع عن الاستعمار ليس فقط فرنسا لكن هذا شأن المجرم الذي يجعل من نفسه قاضيا ويعلن براءته محاولة فاشلة لا تتعدى إقامة الدليل على الجريمة التي اعتبرتها رسالة تمدين» وخلص إلى القول بأن «حقيقة الحقائق كظاهرة وفعل سياسي هو شيطان قائم بذاته وأثبتت أنها أشرس المدافعين عن قضية خاسرة». واستنادا إلى بلخادم، فان واجب الجزائريين وكل المثقفين والمؤرخين للدول المستعمرة والتي استباحت كرامة شعوبها، الاهتمام بفضح ممارسات المستعمر على المستوى الأممي لتجريمها و المطالبة بالاعتراف بما اقترف في حقها من جرائم، و شدد في سياق متصل على ضرورة لعب المجتمع المدني الدور المنوط به لكي لا تبقى المناسبات التاريخية مجرد مهرجانات خطابية وإنما فضاء للتذكير بالجرائم والجهاد لمواصلة رسالة الشهداء. من جهته قال أبو جرة سلطاني في كلمة ألقاها بالمناسبة «نريد من فرنسا الرسمية أن تعتذر نيابة عن فرنسا الاستعمارية»، مضيفا «لا غرابة أن يمجد الاستعمار نفسه لأن إبليس فعل نفس الشيء وأن المشكلة أن لا نصر إصرارا قويا كما فعل أجدادنا في اتفاقيات «ايفيان» لافتكاك الثلاثية الذهبية ممثلة في «الاعتراف والاعتذار والتعويض». وطالب ممثل منظمة المجاهدين فرنسا بالاعتذار رسميا عن كل جرائمها في الفترة الاستعمارية وتقديم تعويضات كما جدد المطالبة ببعث قانون تجريم الاستعمار، ولم يخف امتعاضه من الخطوات التي تم قطعها في العناية بالبعد التاريخي في المنظومة التربوية واصفا إياها بالمتواضعة أمام ما نطمح إليه.