تولي دار الثقافة عبد القادر علولة بتلمسان أهمية قصوى للطفل بحيث تبرمج عروضا مسرحية للصغار من ضمنها هذا العرض الموسوم بحلويات فراولة الذي قدمته فرقة الأحلام للمسرح أول أمسن العرض من تأليف وإخراج عبد اللطيف النڨادي الذي يعتبر رائدا من رواد مسرح الطفل وله مساهمات مشرقة على المستوى الوطني. أنجز سينوغرافيا العرض فريد بن سحنون، أما الموسيقى فقد أعدها عبد الحكيم بوخبزة. ولعل الجميل في هذا العرض أن الممثلين كانوا من البراعم الصغار على غرار أحلام نڨادي وعادل داني وعلاء الدين دحماني وأشواق بوختين ومنصف بولحية. مضمون المسرحية بشكل عام يتمحور حول صداقة شخصية القرد مع القطة واللقاء مع فراولة بائعة الحلويات فيسرقان منها قطع الحلوى فتقرر الانتقام منهما وإلحاق الأذى بهما بالتواطؤ مع الساحر الشرير لكن تدخل السيد ينقذ الموقف وبذلك تحدث المصالحة بين شخصيات المسرحية وهذا يرمز بشكل أو آخر إلى انتصار الحق على الباطل. وما يلاحظ بصورة عامة أن هذا العرض المسرحي حقق متعة للصغار لكونه اشتغل على المزج بين عالم الحيوان والإنسان فأضفى صبغة أسطورية عجائبية ساحرة خاصة إن الديكور المستوحى من الطبيعة بتقنيات عالية بالإضافة إلى ملابس وحركات الممثلين كلها روافد صبت لصالح العرض معززة بموسيقى تعبيرية كان لها وقعها في نفوس الجماهير الصغيرة. ومن مكاسب هذا العرض أن مخرجه اشتغل على بعض جماليات المسرح منها نظرية المسرح الملحمي لبريخت الذي يكسر الجدار الرابع بحيث ينزل الممثل إلى الصالة لمخاطبة الجمهور وهذا ما فعلته فراولة بائعة الحلويات.كما استغل المخرج شخصية الراوي آو الحكواتي آو المداح أو الحلايقي وهي شخصية ثراثية كثيرا ما وظفها رواد الحركة المسرحية في الوطن العربي ومن ضمنهم كل من الراحلين الفذين عبد القادر علولة والطيب الصديقي. يظهر هذا الملمح من خلال شخصية العصفور المتواجد من خلف النافذة والذي كان يتدخل من حين لحين ليعلق على الأحداث بل هو صانعها في مرات كثيرا خاصة في علاقته مع السيد. بقي أن نشير في نهاية هذه الورقة المقتضبة أن مخرجه السيد عبد اللطيف أوجد بالقوة وفي زاوية من زوايا الخشبة شخصية حقيقية هي شخصية الأستاذ المختص في حركات الصم والبكم الذي كان يتولى تفسير الكلام المنطوق للممثلين وهو بهذا السلوك يطمح أن يقرب محتوى النص لهذه الفئة من المجتمع. اعتقد آن هذه الخطوة كانت لصالح عرض حلويات فراولة الذي أراد له صاحبه ان يتواصل مع عموم الجمهور ولا يحرم فئة أخرى محرومة من حاسة السمع والنطق. إن هذا الجهد هو استمرار لجهود سابقة عربية ومازالت ذاكرتي تحتفظ بتجربة خاضها الشاعر المسرحي الراحل السوري ممدوح عدوان الذي كتب مسرحية خصيصا لفئة ذوي الحاجات الخاصة.