استمتع الأطفال الذين توافدوا بقوة، أول أمس الجمعة، على المسرح الوطني الجزائري، بفرجة مثيرة أخذتهم لمتابعة أطوار قصة دمية الفتاة حورية التي تحوّلت إلى فزاعة في حقل يملكه مزارع شرير، وتجاوب الصغار مع أحداث قصة مسرحية "إنقاذ الفزاعة" وشاركوا إلى جانب الممثلين في إعادة الدمية بهتافاتهم المشجّعة لأبطال العرض. بالنسبة للكبار الذين حضروا العرض، فقد استحضروا الزمن الجميل للبرنامج التلفزيوني "الحديقة الساحرة"، حيث كان المبدع وشيخ المسرحيين أمحمد بن قطاف يؤدي دور الأسد، وكأنّه كان حاضرا في تلك الأجواء البهيجة والملونة بفرح الأطفال وشغبهم الجميل، واستطاعت المخرجة ليندا سلام أن تخلق الفرجة وحقّقت المهم في إسعاد الأطفال بمسرحية نصها مبني على قصة مشوقة أثارت انتباه ودهشة الصغار. وتفرّد العرض عن باقي عروض الأطفال المسرحية السائدة عموما، والملفت أنّ المسرحية ستواصل على نهج بناء مسرح حقيقي موجّه للطفل يشتغل بفكر جيد على غرار ما يفعله المخرج محمد إسلام عباس مع جمعية "أشبال عين البنيان". العرض قدّم باللغة العربية الفصحى، وأدى الممثلون أدوارهم بجمل بسيطة ونطق سليم، بيد أنّ هناك أخطاء لغوية لابد من تداركها خاصة وأنّنا بصدد تلقين أجيال صاعدة، حيث الخطأ معهم ممنوع، وهنا يجدر التنويه بالموسيقى والأغاني التي كانت رائعة وتماشت مع قصة المسرحية بنسق رفيع استحسنه الأطفال وتأثروا للأغنية الحزينة التي عبرت عن بؤس الدمية الفزاعة وصفقوا مع الأنغام الإيقاعية عند إنقاذها. وحمل العرض الكوريغرافي المصاحب للمسرحية لوحات راقية، خاصة التي ختم بها العرض، تمثّلت في رقصة جماعية بالغة التناسق في الحركات والموسيقى، تفاعل معها الجمهور كبيرا وصغيرا معها، لاءمت ألوان الديكور، من جانب آخر، تعثر التقنيون في ضبط دوري الشمس والقمر، كما أن لباس الولد الذي قام رفقة صديقته بإنقاذ الفزاعة لم يكن ملائما البتة فهندامه كان عصريا عكس بقية الممثلين الذين كانت أزياؤهم مفعمة بالحيوية والألوان المتوهجة فرحا وابتهاجا. من ناحية أخرى، فإنّ دور بائع اللعب الذي أداه بامتياز إبراهيم جاب الله كان ينقصه تجسيد دوره في زي غير الزي الذي ظهر عليه، إذ كان أشبه بشخصية بابا نوال، شيخ بلحية بيضاء كثيفة يتحرك بسلاسة ويرقص بخفة وهو أمر غير معقول وغير مقبول لدى الأطفال، وهو ما يعكس عجز فريق العمل في وضع شخصية نابعة من عمق المجتمع الجزائري. يذكر أنّ المسرحية، قد فاز نصها ليوسف بعلوج بجائزة الشارقة لأدب الطفل في الطبعة الماضية، والعمل من إنتاج المسرح الوطني الجزائري.